مرت العلاقات الكويتية – الأميركية في مراحل عدة، كان لكل منها دور وعنوان، لكن قاسمها المشترك الدائم هو تعزيز التعاون بين البلدين على جميع الصعد.

إيلاف من الكويت: وصل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الأربعاء إلى واشنطن في زيارة رسمية، رافقه فيها وفد رسمي كبير، يجري خلالها مباحثات شاملة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وهذه أول زيارة رسمية كويتية على هذا المستوى إلى واشنطن منذ تولي ترمب سدة الرئاسة الأميركية.

والتقى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الرئيس الأميركي في البيت الأبيض الخميس، وأكد له أهمية الدور الأميركي في حفظ أمن المنطقة واستقرارها. كما بحث معه ملفات إقليمية ودولية عدة، في مقدمها الحرب المستمرة على الإرهاب، والعلاقات الخليجية – الإيرانية المتوترة، والتدخل الإيراني في الشؤون الخليجية الداخلية، والمساعي الحثيثة لإيجاد حل للصراع العربي – الإسرائيلي، إضافة إلى ملفات اقتصادية وأمنية متعلقة بالتعاون الوثيق بين البلدين في هذين المجالين.

من حسن إلى أحسن

تتوج هذه الزيارة الأميرية إلى العاصمة الأميركية تاريخًا طويلًا من العلاقات الثنائية بين الكويت وواشنطن، بدأ&أول خيوطها من خلال القنصلية الأميركية التي أنشئت في الكويت في عام 1951. بعد استقلال الكويت في عام 1961، تحولت هذه القنصلية إلى سفارة، فكان ذلك بمنزلة اعتراف أميركي بالكويت بصفتها دولة مستقلة، تتمتع بجميع حقوق السيادة على أراضيها.

كان لهذه الخطوة وقعها السياسي الكبير في الكويت، خصوصًا أنها تزامنت مع الأزمة التي فجرها عبد الكريم قاسم بزعمه أن الكويت تابعة للعراق.

استمرت العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والولايات المتحدة من حسن إلى أحسن، أضيف إليها رصيد من العلاقات التجارية استمرت طوال 20 عامًا هي الأولى من استقلال الكويت، إلى أن نشبت الحرب العراقية - الإيرانية في عام 1980. حين تصاعدت وتيرة حرب الخليج الأولى، وصل أثرها إلى تهديد النفط، عصب الحياة الاقتصادية الكويتية، بالتوقف عن التصدير إلى الخارج.

في هذه الأثناء، بدأت حقبة جديدة في تاريخ العلاقات الكويتية – الأميركية، سماها المراقبون "المرحلة الاستراتيجية"، عندما طلبت القيادة الكويتية في عام 1986 من الولايات المتحدة رفع العلم الأميركي على سفن النفط الكويتية ليؤمن ذلك نوعًا من الحماية، إضافة إلى استئجار الكويت ناقلات نفط أميركية لاستخدامها في نقل نفطها إلى العالم.

مثلت هذه الخطوة قفزة في العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مهدت الطريق إلى مزيد من الارتباط بينهما.

العام الفاصل

كان عام 1990 فاصلًا في مجرى هذه العلاقة، بعد غزو الجيش العراقي الكويت في عهد الرئيس السابق صدام حسين، صبيحة 2 أغسطس، منتهكًا بذلك الأعراف والمواثيق الإنسانية والدولية، ومسجلا حدثًا غير مسبوق في التاريخ الدولي الحديث؛ ضم دول لدولة جارة بالقوة.

كان هذا الحدث الجلل فاتحة مرحلة جديدة ومحورية في العلاقات الكويتية – الأميركية، هي "المرحلة الدفاعية"، عندما بادرت الإدارة الأميركية برئاسة الرئيس الأسبق جورج بوش إلى إنشاء تحالف دولي ضد العراق، قادته لتحرير الكويت وإعادة حكمها الشرعي إليها.

آنذاك، ما وقفت الإدارة الأميركية عند حدود مطالبة النظام العراقي ورئيسه صدام حسين بالخروج من الكويت، سواء من خلال القنوات الدبلوماسية وقرارات مجلس الامن الدولي التي أبدت رفضها الاحتلال، والمطالبة بضرورة انسحاب قوات النظام السابق من دون قيد أو شرط، بل تعدى الموقف الأميركي ذلك إلى إنذار النظام العراقي بمهلة محددة للانسحاب من الأراضي الكويتية، والا فالخيار العسكري هو الحل.

بالفعل، قادت الولايات المتحدة قوات التحالف في 17 يناير 1991 عملية "عاصفة الصحراء" لتحرير الكويت، استرد بها الكويتيون أرضهم وحريتهم.

المرحلة الشاملة

تعززت العلاقة بين الدولتين باتفاقيات أمنية، فانتقلت من المرحلة الدفاعية إلى "المرحلة الشاملة" من العلاقات الاستراتيجية المتكاملة، والشراكة الحقيقية في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية المختلفة.

تجلت هذه العلاقات الاستراتيجية في عام 2004، بتسمية الولايات المتحدة الكويت حليفًا استراتيجيًا خارج حلف شمال الاطلسي، وفاءً لجهود الكويت في الحملة الدولية لمحاربة الإرهاب.

ووصف البيت الابيض الكويت بأنها "حليف مقرب وثمين" للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وذلك في أثناء زيارة رسمية قام بها امير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى واشنطن في سبتمبر 2006 بعد توليه الحكم.