الرباط: أثارت مسألة دخول القانون 103ـ13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء جدلا قويا داخل أوساط مواقع التواصل الإجتماعي، منذ دخوله حيز التطبيق الأربعاء، بين من اعتبره خطوة رائدة في مجال مكافحة العنف الممارس ضد المرأة، خاصة في شقه المعتلق بالتحرش في الأماكن العامة و العمل، وبين من اعتبر أن العديد من النواقص مازالت تعيبه وتستوجب جهدا أكبر ليكون القانون أشمل وأنصف.

وكان مجلس النواب المغربي قد صادق على القانون في 14 فبراير الماضي ،ونشره بالجريدة الرسمية رقم 6655 الصادرة يوم 12 مارس 2018، حيث ينص القانون على أنه يدخل حيز التطبيق 6 أشهر بعد نشره بالجريدة الرسمية.
ومنذئذ احتدم النقاش بين نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي حول مضامينه و طريقة تطبيقه، خاصة الشق المعتلق بتجريم التحرش.

واعتبر كثيرون أن ضحية التحرش مطالبة بإثبات الجرم المرتكب في حقها، وهو ما لا يتسنى لها في كثير من الأحوال، سواء في الأماكن العامة أو في أوساط لعمل، وهي التي تتعرض لإعتداءات بأسلحة بيضاء و لا تجد من ينقذها من بين مخالب المعتدين، فبالأحرى أن تثبت واقعة التحرش ضدها.

وذهب آخرون إلى اعتبار دخول قانون العنف الذي طال انتظاره سنوات، بينما بحت أصوات الحركة النسائية بالمطالبة بتفعيله، ووضع حد للعنف الذي يطال النساء، خاصة في بيت الزوجية، يعد نقطة ضوء وسط ظلام العنف و التراجعات الحقوقية التي سجلها الملاحظون الحقوقيون في المغرب.

واعتبرت لطيفة بوشوى رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء في تصريح ل "إيلاف المغرب" أن القانون، على الرغم من الوجه الإيجابي الذي يحمله، إلا أن الحركات النسائية منذ مناقشته سجلت مجموعة من الثغرات و النواقص التي شابته، من بينها مسألة الإثبات، سواء في قانون التحرش أو العنف الزوجي، حيث يطلب من الزوجة إثبات العنف الذي تعرضت له، من خلال تقديم شهادات طبية تثبت ذلك أو شهود حضروا واقعة الإعتداء، وهو ما يعد صعب المنال بالنسبة لعدد من النساء المعنفات داخل بيوتهن.

واضافت بوشوى أنه في إطار تقديم المقترحات لتجاوز الإختلالات التي شابت تطبيق القانون 103ـ13، تقدمت الحركات النسائية التي واكبت القانون في جميع مراحله، بمجموعة من الإقتراحات، من بينها العمل بمثل القانون الإسباني، الذي يطلب فيه من الزوج إثبات عدم تعنيفه للزوجة وليس العكس، بالإضافة إلى استحضار الأطفال في حال وجودهم أثناء الإعتداء للإدلاء بشهاداتهم في الحادث.

وزادت بوشوى قائلة ان القانون المعدل و الذي دخل حيز التطبيق منذ الاربعاء ، أسقط من تعريفاته العنف القانوني نفسه الذي يمارس ضد النساء، حيث يتعارض بشكل واضح مع مضمون نص القانون الذي يخص النساء و الأطفال، وهذا الربط بين قضايا النساء و الأطفال يعد متجاوزا وينبغي القطع معه، بالإضافة إلى تغليب الهاجس الزجري و الأمني، وهو ما يحيلنا دائما على القانون الجنائي، و الذي يعد فيه قانون العنف ضد النساء فرع فقط، وليس قانونا إطارا قائما بذاته.

وانتقدت بوشوى المقاربة الزجرية و العقابية التي تغلب على روح القانون، معتبرة أن الأمر يتطلب التوعية و التحسيس بالقانون من قبل العديد من الجهات المعنية، مؤكدة أن رئاسة النيابة العامة راسلت كل القضاة عبر محاكم المملكة بنص القانون وضرورة تطبيقه، حيث بقي الدور على وزارة الأسرة و التضامن ووزارة العدل و الحريات المغربية وكل الجهات المعنية في نشر الوعي والبحث عن صيغ ومقاربات أخرى لمعالجة المشاكل الأسرية يمكن اعتمادها كصيغ بديلة عن الدعوى العمومية و ساحات المحاكم، كالوساطة الأسرية وإجراء الصلح.

ونوهت المتحدثة بالنقاش و الجدل الذي خلقه دخول القانون حيز التطبيق، معتبرة أن القانون جاء بعدة نقاط إيجابية على مستوى الحماية و الوقاية لكن ينقصه الكثير فيما يتعلق بالتعويض وجبر الضرر، دون أن تنفي أن النقاش الدائر يعد وجها من الوجوه المشرقة لتفيعل القانون، كما دعت العديد من الجهات لمواكبته، وعدم تبني نقاشا منحرفا، من خلال خلق قنوات للتواصل عبر وسائل الإعلام المسموعة و المرئية و المكتوبة للتعريف بالقانون والكشف عن نواقصه وعيوبه، حتى يكون قانونا أشمل.

ومن أهم مضامين قانون العنف ضد النساء، إحداث هيئات وآليات للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف و اعتماد منهجيات وأطر مؤسساتية للتنسيق بين مختلف المتدخلين في مجال مناهضة العنف ضد النساء وحمايتهن، مثل السلطة القضائية، والأمن الوطني، والدرك الملكي، والقطاعات الحكومية المعنية، وكذا تجريم بعض الأفعال باعتبارها عنفا يلحق ضررا بالمرأة، كالامتناع عن إرجاع الزوجة المطرودة من بيت الزوجية، والإكراه على الزواج، والمساس بحرمة جسد المرأة، وتبديد أو تفويت أموال الأسرة بسوء نية.

ومن بين المواد الأكثر إثارة للجدل تجريم بعض الأفعال باعتبارها صورا من صور التحرش الجنسي، مع تشديد العقوبات عليها في حالة ارتكاب الفعل في ظروف معينة ومن طرف أشخاص محددين، كأحد الأصول أو المحارم، وزميل في العمل، وشخص مكلف حفظ النظام العام.