كابول: تبدأ حملة الإنتخابات النيابية في افغانستان التي طال تأجيلها الجمعة وسط اجواء من المخاوف والشكوك في شأن مخاطر اندلاع العنف والادعاءات الكثيرة بالتزوير.

يتنافس اكثر من 2500 مرشح في انتخابات 20 اكتوبر التي سيجري خلالها التجديد لاعضاء مجلس النواب الأفغاني بالكامل. كذلك يعتبر التصويت الذي يجرى بعد تأخير ثلاث سنوات، تجربة عامة قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في ابريل المقبل.

تجري بالتالي قبل شهر من مؤتمر مهم للأمم المتحدة تأمل المجموعة الدولية في أن تقنع فيه البلدان المانحة بالتقدم الذي حققته في أفغانستان. وقد اسفر مؤتمران للمانحين في 2012 في طوكيو، ثم في 2016 في بروكسل، عن الافراج عن 16 ثم 15 مليار دولار.

أدى إخفاق البيروقراطية وادعاءات بالغش والتزوير في عملية تسجيل الناخبين، والتأخر في اعتماد نظام التحقق البيومتري من الناخبين، ومختلف أحداث العنف، إلى جعل الاستعدادات فوضوية. ويخشى ان تؤدي الى نتيجة لا تتسم بكثير من الصدقية.

قال دبلوماسي غربي ردا على اسئلة وكالة فرانس برس، ان الانتخاب سيكون "سيئا للغاية"، مشيرا الى تزايد الشكوك حتى في اطار الأسرة الدولية. وتهدف الأجهزة البيومترية التي طالب بها قادة المعارضة، الى الحؤول دون أن يعمد شخص واحد الى التصويت مرات عدة. لكن 4400 آلة فقط قد سلمت حتى الآن بدلا من 22 الف آلة منتظرة. إلا ان اللجنة الانتخابية المستقلة تصر على ان يجري التصويت سواء كانت الآلات موجودة ام لا.

ذكر علي ياوار عديلي، الباحث في شبكة التحاليل المتعلقة بأفغانستان، ان السلطات "وعدت" بالتحقق البيومتري. واضاف "لكن هل سيكفي ذلك لتبديد الشكوك؟ لست متأكدا من ذلك"، مشيرا الى انه يتخوف "من حصول مزيد من الفوضى".

جيل جديد
استُبعد حوالى 35 مرشحا مقتنعين بالفساد أو التزوير، ويتنافس 2565 مرشحا اكثريتهم من المستقلين، على 249 مقعدا متوافرا.

معظم الاعضاء الحاليين للبرلمان، الذين يلاحق كثيرين منهم صيتُ الفساد والعجز، مرشحون لاعادة انتخابهم. وسينافسهم مئات من الآتين الجدد الى مجال السياسة، أحفاد أمراء الحرب السابقين، او رجال الأعمال او اعضاء المجتمع المدني.

وقالت الصحافية السابقة مريم سما (26 عاما) المرشحة في منطقة كابول "يفترض ان يكون البرلمان بيت الشعب. بدلا من ذلك، أصبح مكانا للشبكات المافيوية، والفساد والذين يعملون لمصالحهم الشخصية". واضافت "اذا كان احد قادرا على إحداث تغيير حقيقي، فهم الشبان".

ويعتبر حسن سرداش، العضو في المجتمع المدني الذي يترشح في محافظة فارياب (شمال شرق) ان اسياد الحرب لم يعد لهم مكان في السياسة الافغانية.

وأكد لوكالة فرانس برس أن "الديناميكية السياسية والاجتماعية على الارض قد تغيرت". واضاف ان "الناس قد ضاقوا ذرعا بذلك، انهم يدعموننا، نحن، الجيل الجديد".

ومن المفترض نظريا ان يشجع النمو السكاني المتسارع في أفغانستان، المرشحين الشبان. لكنهم يواجهون تحديا كبيرا حيال الحرس القديم الذي هيمن فترة طويلة على الحياة السياسية الأفغانية ويستمر في ممارسة نفوذ كبير.

ولاحظ نعيم ايوب زاده، مدير المؤسسة المستقلة لانتخابات شفافة في افغانستان، أن "السياسيين القدامى، ورثة السلطات الاتنية والدينية، يعتبرون انفسهم المالكين الشرعيين والحصريين للسياسة".

طالبان ودولة اسلامية&
أدت موجة العنف في قسم كبير من البلاد في الأشهر الأخيرة، الى زيادة الشكوك المتصلة بجدوى هذه الانتخابات في هذا الاطار.
وتبدو المهمة صعبة، لأن طالبان وتنظيم الدولة الاسلامية توعدا بعرقلة الانتخابات.

للمرة الاولى، سيتم تكليف 54 الفا من عناصر قوى الأمن الافغانية تنظيم الحماية لـ 5000 قلم اقتراع. ولأسباب أمنية، لن يفتح 2000 قلم آخر ابوابه.

من جهتها، ستبقى مهمة حلف شمال الأطلسي بعيدة، بملء ارادتها، عن الاستعدادات التي تقوم بها القوات الأفغانية، لتنسيق التدابير الامنية المتعلقة بأقلام الاقتراع.

وقال كورنيليوس زيمرمان، الممثل المدني الكبير للحلف الاطلسي في أفغانستان، ان "الانتخابات لا تهم الحلف الاطلسي بل الشعب الأفغاني". إلا ان الطيران الاميركي &سيواصل دعم القوات البرية عندما تدعو الحاجة.

وعلى رغم هذه التدابير، لا يخفي البعض شكوكهم: فتأخير الانتخابات الى ما بعد الانتخابات الرئاسية "سيكون الحل الأفضل"، كما قال مسؤول غربي لوكالة فرانس برس، طالبا التكتم على هويته. اضاف "اذا حصل ذلك بصورة سيئة، فسيكون أسوأ من ألا نفعل شيئا على الاطلاق".