ناقشت صحف عربية ما أسمته بـ "الربيع الإيراني" بعد أسبوع من المظاهرات التي انطلقت من مدينة مشهد، ثاني أكبر المدن الإيرانية، ثم اتسعت لتشمل عموم البلاد.

وقد تركزت المظاهرات في البداية ضد ارتفاع الأسعار واستشراء الفساد، بيد أنها تحولت بعد ذلك إلى احتجاجات ضد الحكومة والنظام في الجمهورية الإسلامية.

تطور المشهد السياسي

يقول المثني حجي في الحياة اللندنية: "ما نراه من انفجار شعبي في إيران ليس جديداً، فهو إعادة تأكيد لحقيقة غابت عن ذهن الحكومات الكهنوتية الطوباوية عبر التاريخ، وهي أن الخبز أهم من الكلام. ما يحدث في إيران نتيجة طبيعية لتراكمات سياسية طويلة ولقرارات خاطئة وخطرة تجاهل النظام الشمولي نتائجها على شعبه على رغم تكرار التوقع بحدوثها".

ويقول فهد الفانك في الرأي الأردنية: "الربيع الذي اجتاح الوطن العربي قبل سنوات، وصل الآن إلى إيران. وليس معروفاً بعد ما إذا كان الربيع الإيراني موجة عابرة، أم ظاهرة عميقة ستأخذ مجراها وتعطي النتائج المستهدفة".

ويضيف: "ماذا يريد الربيع الإيراني. وماذا تقول المظاهرات التي تغص بها شوارع طهران ومشهد حيث قتل عشرة محتجين على الأقل. البداية بطبيعة الحال هي الاحتجاج على الظروف الاقتصادية: البطالة والفقر والغلاء، ولكن الحركة أخذت تتطور، وهي تقتدي بما حصل في تونس وليبيا ومصر وغيرها. ارتفع سقف الاحتجاجات بسرعة فائقة: الموت للطاغية، على الملالي الرحيل للخارج، وبشكل عام تم تجاوز الخطوط الحمراء بسرعة وكسر حاجز الخوف".

في ذات السياق، يقول موسى شتيوي في الغد الأردنية: "التظاهرات والاحتجاجات المندلعة في عدد من المدن الإيرانية منذ سبعة أيام، تشكل تطورا لافتا بالمشهد السياسي الإيراني، ستكون له انعكاسات مهمة داخليا وحتى على المستوى الإقليمي".

ويضيف: "الاحتجاجات الحالية تختلف عن الاحتجاجات التي حصلت العام 2009 على الأقل من ناحيتين: الأولى، احتجاجات 2009 كانت من قبل تيارات سياسية من رحم النظام، وجاءت لتعبر عن صراعات بين تيارات سياسية مختلفة داخل الدولة أو مؤسسة الحكم، ومن ثم كان صراعاً نخبوياً... الثانية: احتجاجات 2009 تركزت في طهران قلب وعاصمة الدولة الإيرانية. أما الاحتجاجات الحالية، فقد جاءت من الأطراف أو من المناطق والفئات المهمشة؛ اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً".

"قوى الشر"

من ناحية أخرى، يقول حسين صقر في الثورة السورية: "بعد أن تطايرت براعم وأوراق 'الربيع العربي' المعفرة بالهزائم والإخفاقات، ولم يبق منها ما يتم الاعتماد عليه، تريد قوى الشر التقاط غبار طلعه من جديد لتلقح به مجموعاتها الإرهابية وعملاءها، أملاً أن يزهر معها في إيران، غير مدركة أن زراعتها تحتاج لبيئات خاصة وحاضنة، وأن الجمهورية الإيرانية لن تصح فيها تلك المشاريع وسوف تسقط، كما سقطت في سوريا وغيرها".

ويضيف: "إنهم يريدون لإيران الفوضى والاقتتال والحرب، واختلاق الأزمات بهدف إسقاط حكومتها، وإفراغ الثورة الإيرانية من محتواها... دون أن يعرفوا أن إيران ليست من الطيور التي يؤكل لحمها".

ويقول نبيه البرجي في الديار اللبنانية: "لا نتصور أنه خفي على الايرانيين أن الحملة المفاجئة التي شنها الرئيس الأميركي على دولة حليفة جداً مثل باكستان سببها رفض التعاون لتهريب الأسلحة والرجال الى الداخل الايراني. تظاهرات المدن هزت ايران. أظهرت المدى الذي انتهت إليه نقاط الضعف. حدث شيء من هذا في عامي 1999 و2009، لكن الآلة الضاربة للسلطة حالت دون تمدد الانفجار. أصدقاء للنظام، حتى في أوروبا، يعتقدون أن هذا النظام كان بحاجة إلى الهزة لإعادة النظر في أدواته الفلسفية والعملانية في مقاربة المشكلات الداخلية".