إعداد إسماعيل دبارة: تتواصل ثورة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على كتاب "نار وغضب" الذي أثار عاصفة سياسية في أميركا والعالم. وكال ترمب شتائم إلى مستشاره السابق ستيف بانون ولمؤلف الكتاب، نافيا كلّ ما ورد فيه.
وصف ترمب مؤلف الكتاب مايكل وولف بأنه "فاشل ويختلق قصصا لزيادة مبيعات كتاب ممل ومليء بالأكاذيب"، وفق تعبيره.
وأضاف ترمب في حملة هجوم جديدة على الكتاب أن وولف استغل ستيف بانون مستشاره السابق لترويج هذه الأكاذيب، واصفا إياه بالمُهمل.
وقال الرئيس إن "بانون بكى وتوسل عندما فصل من وظيفته في البيت الأبيض"، وإنه أصبح "مثل الكلب الذي يرفضه الجميع"، على حد تعبير ترمب.
ونفى أن يكون قد أعطى تصريحا لوولف بدخول البيت الأبيض والحديث عن كتاب وصفه بأنه خيالي ومليء بالأكاذيب والمصادر غير الموجودة.
وكتب ترمب في تغريدة يوم الجمعة أنه بعد التأكد بأن تواطؤه مع روسيا ليس سوى هراء، وأن التواطؤ الوحيد الذي حصل كان بين منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون وروسيا فقد لجأت وسائل الإعلام التي قال إنها تنقل الأخبار الكاذبة إلى مهاجمته مع هذا الكتاب الذي لا قيمة له، وفق تعبيره.
وصدر كتاب نار وغضب للصحفي مايكل وولف يوم الجمعة، وسجل أعلى نسبة مبيعات، وذلك رغم محاولات ترمب ومحاميه منع نشر الكتاب الذي كان مقررا أن ينشر الثلاثاء المقبل.
واضاف ترمب "انظروا الى تاريخ هذا الرجل وشاهدوا ما سيحدث له ولستيف القذر".
ولم يتضح ما إذا كان ترمب يشير إلى ستيف بانون مسؤول الاستراتيجيا السابق في البيت الأبيض أو ستيف روبن رئيس دار "هندري هولت أند كومباني" التي تنشر كتاب وولف، لكن معلقين كثر رجحوا أنه يقصد مستشاره السابق ستيف بانون.
فحوى الكتاب
ومن خلال شهادات عدة يروي الكاتب وولف الخلل في عمل الرئاسة الأميركية وتصرفات الرئيس الذي لا يحب القراءة أبدا وينعزل داخل غرفته ابتداء من الساعة السادسة مساء ليتسمر أمام ثلاثة أجهزة تلفزيونية.
وقال وولف في مقابلة الجمعة مع شبكة "أن بي سي" إن كل المحيطين بترمب يتساءلون عن قدرته على الحكم.
وأضاف "يقولون عنه إنه كالطفل، وإنه لا بد من إرضائه سريعا، وإن كل الأمور يجب أن تجري حوله".
وتابع وولف أنه "يتحرك في كل الاتجاهات مثل الكرة"، موضحا أن ترمب يروي أحيانا القصة نفسها "ثلاث مرات خلال عشر دقائق"، وهو الأمر الذي يحصل أحيانا خلال مداخلاته الصحافية.
مؤهل عقليا ؟
أضاف وولف للقناة الأميركية أنه لاحظ "تحولا" في مواقف الأشخاص المقربين من ترمب، فهم كانوا يرون أنه "شخصية فريدة ومثيرة" مع إمكانية تحقيق فترة رئاسة ناجحة، ومع مرور الوقت خلصوا إلى أنه "لا يستطيع القيام بهذه الوظيفة".
لكن وزير الخارجية ريكس تيلرسون دافع عن الأهلية العقلية لترمب، وقال في مقابلة مع قناة "سي أن أن" بثت أمس إنه لم يسبق أن شكك يوما بأهلية الرئيس، مؤكدا أنه ليس لديه أي سبب للتشكيك بأهليته العقلية.
يشار إلى أن السيناتور الجمهوري جون ماكين وصف قبل فترة ترمب بأنه "متهور وغير مطلع"، في حين قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر "أعرف من مصدر موثوق أن الجميع يعملون كل يوم في البيت الأبيض على إيجاد الطريقة الفضلى لاستيعابه".
ونُشرت مقاطع من الكتاب في العديد من وسائل الاعلام الاربعاء، ما استدعى رد فعل غاضب من البيت الابيض.
وهو ينقل اقتباسات من مساعدين لترمب بمن فيهم ستيف بانون يعربون فيها عن شكوك جدية حول أهلية ترمب لمهام الرئاسة.
وجاء في نسخة من الرسالة التي وجهها محامي ترمب، تشارلز هاردر، الى الكاتب ودار النشر، أن الكتاب يحتوي "العديد من التصريحات الكاذبة و/او التي لا اساس لها" حول ترمب.
وبعدما كلف ترمب محاميه السعي لوقف توزيع الكتاب، قرر الناشرون إصداره الجمعة قبل أربعة ايام من التاريخ المحدد لذلك بالأساس.
وكان ترمب اصدر بيانا ندد فيه بالتصريحات التي ادلى بها ستيف بانون للكاتب، واعتبر ان بانون "فقد عقله" بعد إقالته من منصبه في الإدارة في أغسطس.
من جهتها قالت المتحدثة باسم البيت الابيض سارة ساندرز ان الكتاب يتضمن معلومات "غير صحيحة إطلاقا".
ويقتبس الكتاب الذي يصور ترمب على أنه جبان وغير مستقر وعديم الخبرة في شؤون المكتب البيضاوي، أقوال حليفه السابق وكبير مستشاريه ستيف بانون الذي أمره محامو الرئيس كذلك بالكف عن افشاء معلومات.
ونقل الكتاب عن بانون قوله إن التحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر حول قضيةالتدخل الروسي في انتخابات العام 2016 سيركز على قضايا تتعلق بتبييض أموال.
لا يقرأ شيئا !
يشير الكتاب إلى أن ترمب لم يكن يتوقع الفوز بالرئاسة، وأنه لا يقرأ الوثائق السياسية التي يوفرها مستشاروه، وغير مهتم بالاطلاع على بنود الدستور، وأنه لا يأكل سوى وجبات "مكدونالد" لأنه يخشى تسميمه.
التدخل الروسي
الكتاب يسرد الانقسامات داخل البيت الأبيض، مع التركيز على المعركة الشرسة التي كانت بين بانون من جهة وابنة ترمب، إيفانكا، وزوجها جاريد كوشنر من جهة أخرى، وهي معركة لخّصها هنري كيسينجر في الكتاب بأنها "حرب بين اليهود وغير اليهود".
تطرق الكتاب أيضاً إلى اجتماع دونالد ترمب جونيور في يونيو 2016 مع عملاء روس يدعون أن لديهم معلومات عن المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، في خطوة وصفها بانون بأنها "خيانة وغير وطنية".
كما حاول توريط الرئيس عبر التلميح بأن دونالد جونيور أخذ على الأرجح هؤلاء العملاء إلى مكتب والده. والتقى دونالد ترمب جونيور بالمحامية الروسية نتاليا فيسلنيتسكايا في يونيو 2016. وحضر أيضاً كوشنر ومدير الحملة الانتخابية آنذاك بول مانافورت، اللقاء الذي عقد في برج ترمب في نيويورك.
مؤلف الكتاب مايكل وولف |
وينقل الكتاب عن بانون قوله "ظن الرجال الكبار الثلاثة في الحملة أن لقاء حكومة أجنبية في برج ترمب في قاعة المؤتمرات في الطابق الـ25 من دون محامين فكرة جيدة".
ويضيف "لم يكن برفقتهم أي محام". ويتابع "حتى لو كنت تعتقد أن اللقاء ليس خيانة وليس غير وطني أو قذارة، وأنا أعتقد أنه كل ذلك، كان الأجدى الاتصال بمكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آيه) فوراً".
وينقل الكتاب عن بانون قوله إن التحقيق الذي يجريه المستشار الخاص في قضية التدخل الروسي في انتخابات 2016، روبرت مولر، سيركز على تبييض الأموال.
جهل تام بما حوله
يذكر الكتاب أن الرئيس لم يكن يعرف من هو رئيس مجلس النواب السابق، جون باينر، وأن فريقه لم يكن يعتقد أنه قادر على الفوز في الانتخابات. ويقول "بعد الثامنة مساء بقليل ليلة الانتخابات، عندما بدا أن المنحى الذي لم يكن متوقعاً ويشير إلى أن ترمب قد يفوز، أصبح مؤكداً، قال دونالد جونيور لأحد الأصدقاء إن والده، أو كما يناديه اختصاراً دي جي تي، بدا كأنه شاهد شبحاً.
وكانت ميلانيا تذرف الدموع. ليس دموع الفرح". ويضيف "في غضون ما يزيد على الساعة بقليل، وبحسب مشاهدات ستيف بانون المستاء، بدأ ترمب المرتبك يتحول إلى ترمب غير المصدق ثم ترمب المذعور. لكن بقي التحول النهائي: فجأة أصبح دونالد ترمب رجلاً يصدق أنه يستحق أن يكون رئيس الولايات المتحدة، وقادر على أن يكون رئيساً".
ويتطرق الكتاب أيضاً إلى تسريحة شعر ترمب، وينقل عن إيفانكا قولها لأصدقاء إنها على هذا الشكل بسبب تمشيط شعره من الأمام والجانبين باتجاه الأعلى وتثبيته بالرذاذ. ويقول الكتاب إن "اللون، بحسب ما تقول (إيفانكا) وما يثير الضحك، هو بسبب مستحضر اسمه للرجال فقط. كلما ترك على الشعر أصبح داكناً أكثر. وعدم صبر ترمب نتج عنه شعر برتقالي - أشقر".
ايفانكا الطموحة
يتحدث الكتاب كذلك عن إيفانكا وطموحاتها الرئاسية، موضحاً أنه "بعد مقارنة المخاطر بالمكاسب، قرر جاريد وإيفانكا قبول أدوار في الجناح الغربي (للبيت الأبيض) دون الأخذ بنصيحة كل شخص يعرفونه تقريباً. إنها بطريقة ما وظيفة مشتركة. تعاهدا على أنه إذا سنحت الفرصة في المستقبل، تترشح هي للانتخابات الرئاسية. الرئيسة الأولى، كما تحلو الفكرة لإيفانكا، لن تكون هيلاري كلينتون، بل إيفانكا ترمب".
العدو الصيني
وعن الصين، نقل الكتاب عن بانون قوله إن "العدو الحقيقي هي الصين. الصين هي أول جبهة في حرب باردة جديدة. الصين هي كل شيء. لا شيء آخر يهم. إن لم نحسن التعاطي مع الصين، لن ننجح في أي شيء آخر. المسألة سهلة جداً. الصين هي الآن حيث كانت ألمانيا النازية من 1929 إلى 1930. الصينيون كالألمان، أكثر الشعوب منطقية في العالم إلى أن نرى أنهم ليسوا كذلك. وسوف ينقلبون مثل ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي. ستكون هناك دولة قومية مغالية، وعندما يحصل ذلك لا يمكن إعادة الجن إلى القمقم".
التعليقات