يخصص كرسي معهد العالم العربي، في أول أنشطته خارج باريس، لقاء تكريميًا، الخميس المقبل، في الرباط، للمفكر المغربي الكبير عبد الله العروي، وذلك بالتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة محمد الخامس.
إيلاف من الرباط: يتضمن برنامج هذا اللقاء العلمي، الذي سيحتضنه مدرج الشريف الإدريسي، في حضور ومشاركة نخبة من المثقفين المغاربة والأجانب، مداخلات على علاقة باهتمامات وفكر المحتفى به، وذلك "تكريمًا للمفكر العالمي عبد الله العروي، هذه الشخصية المميزة التي طبعت زمانها بالتزامها تجاه الحوار الثقافي والإنساني".
ويأتي "تلقي فكر العروي" ترجمة لفكرة نقل معهد العالم العربي عددًا من أنشطته الفكرية والعلمية إلى عدد من العواصم العربية، من خلال فعاليات كرسي المعهد المتنقلة، والذي اختار المغرب أول وجهة له.
استعاد كرسي معهد العالم العربي أنشطته بصبغة جديدة، حيث يعتمد اللغة العربية في برامجه التي تنظم مرة كل شهرين؛ فيما تندرج مهمته ضمن رسالة المعهد، المتمثلة في "التعريف بالثقافة العربية في وجوهها الأكثر إشراقًا وحداثة، وذلك بتقديم قراءات تسهم في تجديد الفكر الديني، بل وتفكيكه".
في هذا السياق، تتم "استضافة مفكرين وباحثين في الفلسفة ومتخصصين في الإسلاميات للمشاركة في النقاش حول مشروع عام يروم الإسهام في تجديد الفكر العربي المعاصر وتحديثه".
ملصق لقاء تكريم المفكر المغربي عبدالله العر وي بالرباط |
تتنقل لقاءات كرسي المعهد الفكرية بين عدد من البلدان العربية، بهدف "تكريس حضور الكرسي ومعهد العالم العربي معرفيًا وإعلاميًا في الفضاءات الثقافية العربية الأكثر حيوية". وفي هذا الإطار، يتم تكريم شخصيات فكرية أو علمية أغنت الفكر العربي الإسلامي أو أسهمت بشكل مميز في الحوار الخلاق بين الثقافات والمجتمعات.
وتتوزع لقاء تكريم المفكر المغربي عبد الله العروي، بالرباط، جلستان: الأولى تحت عنوان "العرب والحداثة"، بمشاركة المفكر عبد السلام بنعبد العالي بمداخلة تحت عنوان "الحداثة الممكنة"، والروائي والباحث حسن أوريد بمداخلة تحت عنوان الحداثة السياسية العربية"، والباحث والناقد محمد الداهي بمداخلة تحت عنوان "فقدان الهالة"؛ فيما يشارك في الجلسة الثانية التي تتناول موضوع "تلقي فكر العروي"، كل من الباحث في الفكر الفلسفي محمد الشيخ بمداخلة تحت عنوان "حضور مؤلفات العروي في الكتابات الأنجلوساكسونية: الإيديولوجية العربية المعاصرة نموذجًا"، والمؤرخ محمد العزوزي بمداخلة تحت عنوان "البعد الديداكتيكي في بناء المفاهيم عند عبد الله العروي"، والباحثة في الفلسفة والتاريخ خديجة الصبار بمداخلة تحت عنوان "صعوبة فكر عبد الله العروي أمام المتلقي"، ونيلسن ريكن أستاذ الفلسفة بجامعة برلين بألمانيا بمداخلة تحت عنوان "الوقتية، التاريخانية والسياسة".
تعرف عن عبد الله العروي، الذي ولد سنة 1933 بأزمور(جنوب الدار البيضاء)، مساهماته الفكرية والأدبية المهمة والمؤثرة والرصينة، وبتنوع اهتماماته، التي تتوزع بين الإبداع الروائي والتاريخ والفكر والفلسفة والترجمة.
وتبقى من أبرز إبداعاته السردية روايات "الغربة" و"اليتيم" و"الفريق"؛ هو الذي أغنى المكتبة العربية، على مستوى الفكر والفلسفة، بمؤلفات مهمة، بينها "الإيديولوجيا العربية المعاصرة" و"العرب والفكر التاريخي"، و"مفهوم الإيديولوجيا"، و"مفهوم الحرية"، و"مفهوم الدولة"، و"مفهوم التاريخ"، و"مفهوم العقل"، و"مفهوم الحرية"؛ وعلى مستوى البحث التاريخي "مجمل تاريخ المغرب".
كما وظف تجربته في الكتابة عن عدد من التحولات التي يشهدها المغرب، بشكل خاص، والتي كان شاهداً عليها، من قبيل "أوراق"، و"من ديوان السياسة"، و"خواطر الصباح"، و"استبانة".
ويحظى العروي، في بلده، وفي عموم العالم العربي، بتقدير لافت ومكانة كبيرة، الشيء الذي جعله دائم التكريم والاحتفاء، ومن ذلك تتويجه بجائزة "شخصية العام الثقافية"، خلال الدورة الحادية عشرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب 2017، وذلك "لتبوّئه منزلة المؤسس لحراك فكري وثقافي، امتد من المغرب إلى المشرق؛ ولم يتوقف تأثيره عند حدود الجامعات والمؤسسات العلمية، وإنما شمل مجالات الفكر السياسي العربي، وطبع كثيرًا من الممارسات الثقافية"، هو الذي "تشكل أعماله اليوم، ذخيرة حقيقية للثقافة العربية، لا تنحصر فاعليتها في المرحلة السابقة، أي منذ السبعينيات من القرن الماضي، بل تكمن في ما تفتحه من آفاق واسعة في المستقبل للبحث والدراسة والإبداع".
التعليقات