عرض المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بالمغرب، في لقاء صحافي الإثنين، في مقره في العاصمة الرباط، الخطوط العريضة للمشروع الذي تدارسه في دورته الثالثة عشرة، حول مساهمته في إعداد النموذج التنموي الجديد للبلد، تفاعلًا مع الدعوة التي وجّهها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى مختلف مؤسسات الدولة.

إيلاف من الرباط: توقفت رحمة بورقية، مدير الهيئة الوطنية للتقييم بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بالمغرب، في حديثها عن المشروع الذي ترأست لجنة إعداده، عند جملة من الإشكالات التي تعانيها المنظومة التربوية بالبلاد، وأكدت على ضرورة العمل من أجل أن تصبح المدرسة "ملكًا مشتركًا وموحدًا للأمة المغربية".

سجلت بورقية أن المجلس طالب في اقتراحاته بضرورة "التخلص من الأمية" باعتبارها عاملًا مساهمًا في تعميق الفوارق الاجتماعية بين المغاربة، وأشارت إلى أن تجفيف منابع الأمية بالبلاد يمكن أن يتم عبر "تعميم وجعل التربية الإجبارية من 4 إلى 15 سنة".

رحمة بورقية مدير الهيئة الوطنية للتقييم بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين بالمغرب

ودعا المجلس الأعلى للتربية والتكوين إلى اعتماد مقاربة قائمة على التمييز الإيجابي لمصلحة الفئات المهمشة من أبناء سكان القرى والمناطق المهمشة، حيث طالب بـ"بذل المزيد من الجهود تجاه أطفال العالم القروي، وخاصة منهم الفتيات، إضافة إلى أطفال ضواحي المدن، والمناطق التي تعاني من العجز".

وعبّرت بورقية عن رفضها للفوارق المسجلة في المدرسة المغربية بين القطاعين العام والخاص، حين قالت: "هذه الفوارق مرفوضة وغير عادلة، ولها تأثير على مبدأ الاستحقاق الذي يجب أن يكون أساسًا لكل نظام تعليمي، وذلك بفعل وجود آليات الاستبعاد وتضخم التفاوتات".

كما عدت المتحدثة نفسها أن للفوارق الاجتماعية التي تضخمها المدرسة "كلفة اجتماعية واقتصادية باهظة"، مبرزة أن معضلة الانقطاع المدرسي كلفتها الاجتماعية تتمثل في تغذية "التهميش والانحراف والإجرام"، كما إنها تلحق خسائر بالمالية العمومية تبلغ "2 مليار درهم (0.2 مليار دولار)"، وفق تقديرها.

أرجعت بورقية تموقع المغرب في أدنى سلم التنمية البشرية، حسب تقارير المؤسسات والمنظمات الدولية، إلى "الفشل في قطاع التعليم"، كها رهنت تحقيق النهضة والتقدم بتحقيق "مدرسة عادلة ومنصفة وقابلة للمحاسبة".

لم يقف مشروع المجلس الأعلى للتربية والتكوين عند هذا الحد، بل ذهب إلى القول: "إن المدرسة يتوقف عليها مصير ومستقبل البلد"، مجددًا تأكيده على "تحسين جودة التعليم وضمان تكافؤ الفرص بين أبناء الوطن للقضاء على الفوارق الاجتماعية وتحقيق النموذج التنموي الجديد".

وحث المجلس على تحقيق تربية قائمة على "العدالة اللغوية والمعرفية والثقافية"، كما سجل بأن اللغات الأجنبية أصبحت مصدرًا لـ"اللاعدالة وتكريس الفوارق الاجتماعية"، وأوضح أن تلاميذ القطاع الخاص الذين يتقنون اللغات الأجنبية يلجون سوق العمل بشكل سهل، و"يمكن أن يتابعوا الدراسة في الخارج عكس خريجي المدرسة العمومية".

وطالب المجلس في هذا الصدد بـ"إعطاء الأولوية للغتين العربية والأمازيغية، باعتبارهما لغتي الهوية المغربية، بالموازاة مع اللغات الأجنبية"، وأشار إلى أهمية "توسيع فئة المتعلمين لتوسيع الطبقة المتوسطة التي تشكل أحد عناصر إنجاح النموذج التنموي"، حسب معدي المشروع.