تحت شعار "إنعاش الذاكرة والاحتفاء بمغرب التسامح وقيم العيش المشترك"، شهدت مدينةً الصويرة، على مدى أربعة أيام، فعاليات مهرجان "أندلسيات أطلسية"، في دورته الـ 15، التي سعت إلى مواصلة استحضار الماضي المشرق الذي ميّز منطقة الأندلس، والتأكيد على رمزية مكان وقوة لحظة تاريخية طبعت تاريخ الإنسانية، عنوان التعايش والتمازج الثقافي.

إيلاف من الرباط: اختار المنظمون أن تكون دورة هذه السنة مميزة واستثنائية، وأن تؤكد أهمية الاختيار الذي سارت فيه التظاهرة، خصوصًا في ما يتعلق بجمعها بين كبار ورموز الموسيقى الأندلسية، في شتى تعبيراتها المختصرة للمكونات والروافد الوطنية، سواء تعلق الأمر بالديانتين اليهودية والإسلامية، أو بدعوة موسيقى الفلامنغو، بأبرز أسمائها التي تربط الحاضر بالماضي.

اختار منظمو دورة هذه السنة من هذه التظاهرة الموسيقية، التي انطلق تنظيمها في 2003، بمبادرة من "جمعية الصويرة موغادور"، برمجة فنية تشتمل على 12 حفلًا موسيقيًا، تميزت باقتراح طبق فني متنوع وقوي المضمون، بشكل يلبي انتظارات جمهور هذه التظاهرة المتميزة والفريدة من نوعها عبر العالم.

افتتحت التظاهرة بحفل فني متميز عكس روح التظاهرة، شارك فيه أنس العطار، الذي يبقى من أهم أساتذة الموسيقى الأندلسية، وعبد الرحيم الصويري وبنيامين بوزاغلو وأحمد مربوح وحاي كوركوس وسناء مرحتي.

كما كان الحفل الذي جمع المغربية حياة بوخريص بالجزائرية ريم حقيقي والتونسية سيرين بن موسى لحظة احتفاء بمغرب كبير، في لحظة إبداع مغاربي، شارك فيها الفنان الفرنسي الشهير إنريكو ماسياس، اليهودي الديانة والجزائري الأصل، بشكل أكد مشتركًا فنيًا ظل ينتقل من بلد مغاربي إلى آخر، من دون أن تمنعه حواجز أو حدود، عنوانه الأخوة والاحتفاء بوحدة التاريخ واللغة والدين والمصير المشترك.

كان لقاء ريموند البيضاوية والحاجة الحمدوية ، السبت في حفل مشترك واستثنائي، لحظة فنية قوية غير مسبوقة تحسب لمهرجان الصويرة الذي اقترح على جمهور التظاهرة، على خشبة واحدة، فنانتين طبعتا تاريخ الأغنية المغربية المعاصرة، على مدى عقود، بشكل ضمن لهما قبولا وحضورا بين جميع مكونات المجتمع المغربي.

وتميزت دورة هذه السنة ببرمجة منتدى للنقاش، بدار الصويري، صبيحة يومي الجمعة والسبت، تناول ما تمثله "مدرسة الصويرة"، مكانا وروابط ثقافية وتاريخية، مع عرض فيلم وثائقي يستعرض صراع نساء إسرائيليات وفلسطينيات لفتح حوار للخروج من الصراع.

ويعيد وصول مهرجان "أندلسيات أطلسية" إلى محطته الـ15، تركيز الحديث على قيمة العمل المنجز والأهداف من تنظيم تظاهرة، ببعد ثقافي وفني، تحتفي بالتعدد والتنوع والتسامح والتعايش بين الديانات والثقافات، سواء عبر مد الجسور بين فضاء جغرافي عريض يضم البحر الأبيض المتوسط، ويمتد حتى الضفة الأخرى للمحيط الأطلسي، والذي يشكل الإرث الأندلسي الرابط الذي يجمع بين مكوناته، أو التشديد على أهمية الاحتفال بالذاكرة ونقل التراث ضمن ثقافة الاختلاف، والتعبير بصوت واحد عن غنى وعمق المغرب المتعدد، الذي يتفاعل، في انسجام، على أنغام موحدة لموسيقى بلا حدود.

وأخذاً بعين الاعتبار أهداف المهرجان، والتي يبقى على رأسها توثيق أواصر العلاقات التاريخية العربية -الإسلامية -اليهودية، فإنه يحسب للتظاهرة أنها استطاعت أن تبرز نموذجًا فنيًا، غنيًا ومتفردًا ومتنوعًا، في ماضيه، يمنح مدينة الصويرة، في الوقت الحاضر، فرصة استعادة واستحضار تلاقح ثقافي أثرى لحظات مهمة من تاريخ منطقة الغرب الإسلامي، أو، كما يقول أندريه أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس المؤسس لـ"جمعية الصويرة موغادور": "إنعاش الذاكرة واسترجاع نفحات حضارية مشرقة من فترات التعايش والتمازج الثقافي، بدًا من الصور الكارثية التي أصبحت تتصدر وسائل الإعلام".
&

&

&