سلط خبراء ومتخصصون خلال مائدة مستديرة نظمت السبت في مدينة الصويرة (جنوب المغرب)، في إطار الدورة الرابعة للمنتدى الأورو - متوسطي للشباب الرائد،&الضوء على موضوع الحوار بين الأديان.
إيلاف من الرباط: أكد المشاركون في أشغال هذا اللقاء، الذي حضره على الخصوص مستشار ملك المغرب والرئيس المؤسس لجمعية الصويرة موغادور، أندري أزولاي، ورئيسة مؤسسة آنا ليند إليزبيت غيغو، أن الحوار بين الأديان يشمل أيضًا مسألة نقل المعرفة على مختلف الأصعدة، والتي تشمل الطقوس، والمعتقدات، والرواية المشتركة، والإحساس بالانتماء، ومفهوم الإنسانية، والنظرة إلى الحياة.
وتساءلوا، في هذا السياق، عن طريقة تنظيم عملية النقل داخل المجتمع المؤمن، ومدى تفاعل الديانات في ما بينها، مؤكدين على أهمية التبادل القائم بين هذه الديانات.
وشددوا على ضرورة تملك الشباب آليات الحوار، والإنصات المتبادل مع الآخر، والحوار بشكل رزين لتفادي التعصب والخلط وسوء الفهم، والصور النمطية والمس بسمعة الآخر، ملحّين على أهمية اتخاذ الحيطة والحذر عند اختيار المفردات المستعملة تفاديًا لأي شكل من أشكال الالتباس.
قالوا إن على الشباب، الذين يعتبرون مصدر الأمل والتفاؤل من أجل عالم أفضل، التحلي بروح الانفتاح على الجميع، والإنصات، واحترام الاختلاف، موضحين أن الانفتاح يعدّ مصدر غنى بالنظر إلى كون المأساة تأتي عند الانغلاق على الذات.
تناول المشاركون، خلال هذا اللقاء، مختلف المراحل التمهيدية لبلورة حوار مثمر وبناء، من ضمنها الالتقاء، والتعارف (التاريخ، التقاليد...)، وخلق مناخ من الثقة قبل مواجهة الأفكار مع الحرص على الاحترام المتبادل للاختلاف والخصوصيات، والمساهمة في تمتين الهوية الجماعية.
وبعدما أشاروا إلى أهمية دور الأسرة والمدرسة في نقل القيم، إضافة إلى تعزيز التربية على الثقافة الدينية وتاريخ الديانات، شدد المشاركون على ضرورة إقامة تواصل جيد مع الشباب من أجل تحصينهم ضد الخطابات المتطرفة، مسجلين أن الديانات كلها تنبذ التطرف، ولا تدعو إليه.
من جهتها، أكدت رئيسة مؤسسة آناليند إليزابيت غيغو، أنه بفضل إرادة الملك محمد السادس وعمل السلطات المغربية، أضحت مدينة الصويرة مرجعًا في مجال الحوار بين الثقافات.
قالت في تصريح للصحافة على هامش مشاركتها في أشغال الدورة الرابعة للمنتدى الأورو - متوسطي للشباب الرائد حول موضوع "إعادة صياغة وابتكار أساليب ووسائل نقل المعلومة"، "لاحظت منذ سنوات أنه بفضل إرادة العاهل المغربي، وعمل السلطات المغربية والعمل الشخصي لأندري أزولاي، أضحت مدينة الصويرة اليوم مرجعًا في مجال الحوار بين الثقافات".
استطردت قائلة "لديّ ارتباط خاص بهذه المدينة التي شهدت إنجازات مهمة، وما زالت تحافظ على أصالتها". أضافت غيغو، أن "مدينة الصويرة والمغرب عزيزان على قلبي، فقد ولدت في المغرب، وعشت فيه لمدة 18 سنة، قبل أن أذهب إلى فرنسا، فأنا أزوره خلال كل سنة مرات عدة، فالمغرب في قلبي، لأنه بلدي الثاني".
بخصوص النسخة الرابعة للمنتدى الأورو- متوسطي للشباب الرائد، وصفت غيغو ما حدث في الصويرة منذ أربع سنوات من خلال هذا الحوار بين الشباب بالشيء المهم، معربة عن سعادتها لمساهمة مؤسسة آناليند في هذا المنتدى.
أبرزت أنه "حين يتحدث شباب إلى شباب آخرين يكون هناك تواصل مما يفرض تمكينهم من الآليات لفعل ذلك، كما تفعل مؤسسة آناليند من خلال برامجها"، آليات، تقول المتحدثة، تساعدهم على النقاش العمومي لتعلم أسلوب الإنصات والتحدث والفهم لمواجهة كل الخطابات المتطرفة التي يتم تمريرها كثيرًا عبر شبكة الأنترنت.
ومن أجل تعزيز الحوار بين الشباب، قدمت غيغو، مقترحين في هذا الشأن، الأول يتعلق بإحداث "جواز سفر للمواهب" لمواجهة الانغلاق، مبرزة أنه على الرغم من أهمية التواصل عبر الانترنت كما تفعل مؤسسة آناليند من خلال مشاركتها في برنامج "إراسميس - فيرتييال" من أجل مساعدة الشباب على التواصل، فإن ذلك لا يمكن أن يحل مكان التواصل المباشر.
وبعدما أبرزت أن مراقبة الحدود لأسباب أمنية تعتبر أمرًا مقبولًا ومفهومًا، دعت المتحدثة إلى ضمان تنقل الشباب بحرية من أجل تعزيز التبادل. أما المقترح الثاني، فيصب في اتجاه تقديم المزيد من المساعدة إلى الشباب الذين ينخرطون في الحركات الجمعوية والمجتمع المدني.
تجدر الإشارة إلى أن هذا المنتدى، المنظم من قبل سفارة فرنسا في المغرب، بتعاون مع مؤسسة أناليند، وجمعيتي الصويرة موغادور و"المغرب المتعدد" ومؤسسة السقاط، يتميز بمشاركة شخصيات مرموقة من آفاق مختلفة.
تروم هذه التظاهرة، التي يلتئم فيها حوالى 200 شاب، تشجيع التبادل، وتكوين شبكة متوسطية للشباب أصحاب القرار، من المغرب، وأيضًا من بلدان أخرى من حوض البحر الأبيض المتوسط.
تشكل هذه التظاهرة، المنظمة حول موضوع "إعادة صياغة وابتكار أساليب ووسائل نقل المعلومة"، مناسبة للشباب الرائد في مجالاتهم من فرنسا والمغرب، للتبادل حول رهانات نقل المعلومة والمعارف، وإثارة القضايا المتعلقة بالديانات، والانخراط والصورة النمطية.
إضافة إلى دار الصويري والمعهد الفرنسي في الصويرة، ستقام أشغال المنتدى الأورو-متوسطي للشباب الرائد، للمرة الأولى في بيت الذاكرة، الذي يعتبر مكانًا رمزيًا، باعتباره فضاء لتقاسم الذاكرة المشتركة وشاهدًا على التاريخ الإسلامي اليهودي في مدينة الرياح. تجدر الإشارة إلى أن هذا الفضاء يحتضن مركز البحث الدولي "حاييم الزعفراني" المتخصص في الحوار بين الأديان.
ويتضمن برنامج هذه التظاهرة موائد مستديرة، إضافة إلى عدد من الورشات، التي تروم التبادل ضمن "حلقات صغيرة" حول الكفاءات، خاصة في مجال "إعداد المشاريع" و"استعمال الشبكات الاجتماعية" و"فك شفرة المعلومة" و"روح المقاول الشاب".
التعليقات