بهية مارديني: يواجه مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى سوريا جير بيدرسن، مجموعة من الملفات الشائكة لحل الأزمة السورية، ويبدو في وضع لا يحسد عليه مع فشل أسلافه في تحقيق أي اختراق.

فى مقدمة الملفات المعقّدة التي تنتظر السيد بيدرسن، نجد تشكيل اللجنة الدستورية لكتابة الدستور الجديد، والانتخابات، واستئناف العملية السياسية، وعودة اللاجئين واعادة الاعمار، اضافة الى الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وغيرها من الملفات المتراكمة التي تنتظر حلولا.

تمنت أوساط سياسية حلحلة العملية السياسية، وسط تعويل الأطراف الفاعلة في النزاع السوري، على الموفد الرابع من الأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى حل حقيقي.

يقول منذر اقبيق المتحدث الرسمي باسم "تيار الغد السوري" في تصريح لـ"إيلاف" إن المبعوث الاممي الجديد تولى ملف "احدى أهم وأعقد الأزمات".

وأكد أن "الازمة السورية معقدة، وتداخلت فيها أطراف كثيرة ودول كبرى واقليمية، وهذا التنافس هو سبب فشل مهمات المبعوثين السابقين كوفي عنان والأخضر الابراهيمي ودي ميستورا لعدم قدرتهم على التوفيق بين هذه القوى للوصول الى اختراق وبالتالي الوصول الى حل".

وأشار أقبيق الى أنه "لا أحد يحسد بيدرسن على مهمته الجديدة، ولكن في نفس الوقت من الممكن أن يكون محظوظا لأن ملامح الحل بدأت تظهر"، على حد تعبيره.

إتجاه واحد
&
أوضح آقبيق أن أميركا وروسيا وبقية الدول المعنية بالملف "تصرح باتجاه واحد وهي خطة البدء باللجنة الدستورية ودستور جديد برعاية دولية بإصرار صارم وهناك تناغم كبير بين كافة الدول التي لديها نفوذ&في هذا الإطار سواء روسيا او أميركا، فكلهم ينادون باتجاه إصلاح دستوري ثم انتخابات وسيتبقى عليهم الخوض في التفاصيل، والشيطان، كما يقال، يكمن في التفاصيل".

يضيف: "ستكون الأمور صعبة ولا أقول سهلة ولكن يمكن ابداء بعض التفاؤل، فالحرب تضع أوزارها بعد تثبيت مناطق النفوذ حيث يسيطر النظام وحلفاؤه على أغلب المناطق داخل سوريا، وتبقى للمعارضة ادلب وشمال حلب، وبقي تثبيت وقف اطلاق النار وبالرغم من أنه هش وشرق الفرات تم تثبيته لصالح النفوذ الاميركي والحرب على داعش في نهاياتها، اذن توقف صوت المدافع يفسح المجال للحل، وبيدرسون ربما محظوظ مع توليه مهمته في وقت تختمر به الحلول".

تنازلات مجحفة

يقول المحامي السوري البريطاني بسام طبلية لـ"إيلاف" إنّ المبعوث الأممي السابق دي ميستورا "قدم تنازلات مجحفة بحق الشعب السوري لمصلحة النظام وتجاوز صلاحياته كمبعوث أممي لسوريا من خلال الانحراف باتجاه فرض سلة دستور جديدة وترك العديد من النقاط الجوهرية التي كان يطمح لها الشعب السوري والمتمثلة بالانتقال السياسي وفق بيان جنيف ١ تاريخ ٣٠/٦/٢٠١٢".

يضيف: "صياغة دستور لا يمكن من الناحية الواقعية أن تكون في ظل هذه الظروف والأجواء السياسية غير المستقرة والتي تتحكم بها تجاذبات دولية وفق أجندات بعيدة كل البعد عن مصالح الشعب السوري الذي طالب بسقوط النظام وبالتالي سحب الشرعية من الرئيس بشار الأسد الفاقد للشرعية أصلاً وفق الدستور السوري الذي اعتبر أن الشعب هو مصدر السلطة، وبالتالي بخروج الشعب ومطالبته بسقوط النظام وتأكيد ذلك من قبل العديد من السياسيين الأميركيين وغيرهم في مرحلة سابقة، بفقدان الأسد لشرعيته، يبقى الاصرار على وجود الأسد هو محاولة بائسة لادخاله إلى غرفة الانعاش"، على حد تعبيره.

جوهر المشكلة

اعتبر طبلية "ان مشكلة السوريين ليست موضوع وجود دستور أو صياغة دستور جديد من عدمه فالدساتير السابقة والتي كانت تنص على حق الانسان في الحياة والكرامة وعدم التعذيب والحق في محاكمة عادلة وفصل السلطات لم تكن مطبقة سابقاً من قبل هذا النظام الحاكم، وبالتالي لا توجد ضمانات على تطبيقها في استمرار هذا النظام لذلك الحقيقة هي أن المشكلة الحقيقية للشعب السوري ليست موضوع صياغة دستور جديد من عدمه".

وشدد على أن دي ميستورا وعلى الرغم من أنه "حاول جاهداً لحل الازمة على حساب الشعب السوري لمصلحة روسيا والنظام إلا أنه فشل في تحقيق أي انجاز حقيقي يمكن أن يبقى لفترة مقبولة والسبب هو تعنت النظام بالإعتراف بوجود مشكلة حقيقية بصورتها الصحيحة ورفض التعاون مع الأمم المتحدة لادراكه أن نهاية الطريق والتعاون مع الأمم المتحدة ستؤدي به إلى المحاكمة الدولية وإنهاء حكمه، لذلك فإن دي ميستورا أدرك فشله المسبق ولكنه استمر رغم ذلك".

ليس حلا

ويضيف طبلية "تغيير دي ميستورا بمبعوث اممي جديد ليس هو الحل ما لم تتوافر الارادة الدولية بالضغط على الاطراف المختلفة ودعم الارادة الشعبية وتطبيق الانتقال السياسي والعدالة الانتقالية".

ويعد ملف تشكيل اللجنة الدستورية لكتابة الدستور السوري الجديد أبرز التحديات التى تواجه المسؤول الأممى الجديد، وخاصة فى ظل صراع المصالح بين التيار الذى تقوده روسيا وتدعمه إيران وسوريا، والتيار الآخر الذى تقوده الولايات المتحدة.

ووصلت الأطراف المعنية بالملف السوي إلى طريق مسدود عقب رفض سوريا وإيران بدعم روسي قائمة المبعوث السابق &ستيفان دي ميستورا &للمجتمع المدني، وذلك لرغبة تلك الأطراف فى السيطرة على أغلبية الثلثين فى اللجنة الدستورية.

ويسعى الحلف الروسي - التركي لاحداث اختراق فى الموقف الأوروبى بإقناع فرنسا وألمانيا مبدئيا، بجدوى مسار أستانة لخفض التصعيد، وبالتالى تشجيعهما على المشاركة فى إعادة الإعمار وعودة اللاجئين.