يستخدم عطيل سجادة يصلي عليها ويردد عبارة "الله أكبر" بصوت مسموع في إنتاج جديد لمسرحية شكسبير الشهيرة تطوف بريطانيا حاليًا لتسليط الضوء على تعقيدات قضية الهوية في بريطانيا اليوم.

إيلاف: قالت صحيفة "الغارديان" في تقرير عن الإنتاج الجديد لمسرحية "عطيل" إنه يوجّه رسالة قوية عن الانتماء، ويأخذ في الاعتبار تاريخ العلاقات الذي يمتد قرونًَا بين انكلترا والعالم الإسلامي، في وقت يشهد الكثير من التنميط الإختزالي لشخصية المسلم، كما في مسلسل "الحارس الشخصي"، الذي عرضه تلفزيون "بي بي سي" أخيرًا، وتظهر فيه شابة مسلمة كإرهابية جهادية!.

&إضعاف للهوية
كانت مسرحية "عطيل مغربي البندقية" أُنتجت للمرة الأولى عام 1604، بعد سنة على انتهاء عهد الملكة إليزابيث الأولى، التي سعت إلى إقامة تحالف مع الإمبراطورية العثمانية ضد إسبانيا الكاثوليكية، مدشنة علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية وثقافية متبادلة وزيارات قام بها سفراء مغاربة إلى بلاط إليزابيث.

بالتالي، فإن توقيت المسرحية لم يكن مصادفة. ويلاحظ البروفيسور جيري بروتون في كتابه عن انكلترا الإليزابيثية والعالم الإسلامي "أن هذه القصة جزء من تراث المسيحيين والمسلمين، وأي آخرين يسمون أنفسهم إنكليزًا".

مع ذلك أظهر استطلاع أن زهاء نصف البالغين البريطانيين (48 في المئة) يعترفون بأن التحامل على الإسلام يجعل من الصعب على المرء أن يكون مسلمًا في بريطانيا اليوم. وبصرف النظر عن قوة اندماج المسلمين بالمجتمع البريطاني، فإن عددًا كبيرًا من البريطانيين لا يزالون ينظرون إليهم على أنهم غرباء. وبحسب تقرير من مجلس مسلمي بريطانيا فإن 62 في المئة من البريطانيين يعتقدون أن تزايد عدد المسلمين في بريطانيا "يضعف" الهوية الوطنية البريطانية.

الكذب المعذي للكراهية
في الإنتاج الجديد لمسرحية شكسبير يكون عطيل قائدًا عسكريًا مسلمًا يخفي ديانته لكي يندمج بالمجتمع، ويحارب نيابة عن الدولة الاستعمارية المسيحية البيضاء، التي يحمل مواطنوها آراء متضاربة عنه ("شيطان" تارة، و"مغربي شجاع" تارة أخرى) تعبيرًا عن الفكرة القائلة إنه حتى المهاجر "الطيب" أو "الشريف" لا يمكن أن ينتمي انتماء كاملًا على خلفية معاصرة سمّتها صعود النزعة القومية والشعوبية وصراعات محورها الموقف من الهجرة.

ثم هناك إياغو الشخصية الشريرة التي تخدع عطيل، وتدفعه إلى اتهام زوجته دزديمونة بالخيانة. وفي الإنتاج الجديد يمثل إياغو الأخبار الكاذبة التي تغذّي العنصرية وكراهية الأجانب والإسلاموفوبيا.

إخراج من العزلة
تلاحظ الصحافية البريطانية ريمونا علي أن سياسة الهوية والانصهار الثقافي والبُعد الإسلامي موضوعات تتخلل أعمال شكسبير، فيما يقول ريتشارد توايمان المدير الفني للفرقة التي تقدم الإنتاج الجديد إن كلمة مغربي كانت في زمن شكسبير مرادفًا لكلمة مسلم، وهي تدعو إلى النظر إلى المسرحية بعدسة معينة "تفتح عيوننا على قضايا عديدة نراها في المجتمع البريطاني اليوم منعكسة إلينا من خلال كلمات شكسبير".

وتقول صحيفة الغارديان في تقريرها "المهم أن نتذكر أن العلاقة بين الإسلام وبريطانيا أقدم من العصر الحديث"، معربة عن الأمل بأن تساعد هذه المعالجة المتميزة والأصيلة لمسرحية شكسبير على إشعار المسلمين البريطانيين بقدر أقل من العزلة في بلدهم. فمثل هذه الطرق الفنية ضرورية لمواجهة المواقف المتحاملة ضد المسلمين البريطانيين، بل وأي أقلية أخرى.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "الغارديان".