تكشف الوثائق والأقراص المدمجة التي سرقها أفراد الموساد الإسرائيلي من مستودع قرب طهران في بداية العام الحالي عن خداع إيران للعالم بشأن برنامجها النووي، واستمرارها في تجاربها النووية وتخصيب اليورانيوم على الرغم من التحذيرات الأممية.

لندن: كُشفت تفاصيل جديدة خاصة بالعملية التي نفذها الموساد الإسرائيلي لسرقة أرشيف إيران النووي، تتيح إلقاء نظرة نادرة على وثائق إيرانية مصنفة سرية، وتجارب سرية، وخطة إنتاج أول خمس قنابل نووية، وحتى صورة فوتوغرافية لعلماء إيرانيين أمام احدى المنشآت النووية.

وقد نشر موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية تقريرًا مفصلًا يبين كيف حاولت إيران خداع العالم بشأن برنامجها النووي، وكيف استمرت في تجاربها النووية، وفي تخصيب اليورانيوم، تحت أنف المنظمات الأممية، ولجان التقصي، وما زالت مستمرة في ذلك حتى الآن، بحسب مصدر إسرائيلي.

&

منظر جوي لموقع الأرشيف النووي والمستودع النووي على أطراف إيران

&

أقراص مدمجة مهمة

كان الموساد قد تسلل إلى مستودع سري على أطراف طهران في مطلع عام 2018. وكانت في المستودع 32 خزانة ضخمة ارتفاع كل منها 2.7 مترًا، موضوعة على ما يشبه حاويات بعجلات قادرة على تحمل أوزان ثقيلة. وفيها حفظت وزارة الدفاع الإيرانية أسرار برنامج إيران النووي التي لم تعد اسرارًا بعدما سرقها الموساد.&

إلى جانب الملفات، عثر عناصر الموساد على أقراص مدمجة غير معلَّمة.&

بعد أسابيع، عندما وصلت المواد إلى إسرائيل، بدأ عشرات المترجمين والخبراء والمحللين العمل عليها، فاكتشفوا أهمية هذه الأقراص المدمجة.

&

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكشف موقع الأرشيف النووي

&

فبحسب تقرير يديعوت أحرونوت، المواد المكتوبة تقع في 114 ملفًا يزيد عدد صفحاتها على 55 ألف صفحة، بينها 8500 صفحة بخط يد مسؤولين إيرانيين كبار.&

لكن المفاجأة الكبرى كانت الكم الهائل من المعلومات المحفوظة في 182 قرصًا مدمجًا. وقال ضابط في الموساد للصحيفة إنه كان مستعدًا لدفع مئات الآلاف من الدولارات للحصول عى قرص واحد منها.&

خداع إيراني

&

خزائن في الأرشيف النووي الإيراني

&

ذلك تسجيل المعدات وبناء منشآت سرية وتجارب وتقارير تفصيلية عن التقدم المتحقق والأهداف والمراحل وحتى عن أنفسهم خلال التجارب النووية.

كانت النتيجة عملية خداع كبرى على مستوى الدولة، للكذب على العالم، شارك فيها مسؤولون إيرانيون كبار طيلة سنوات. فالوثائق لا تفضح كذب إيران فحسب، بل تبين الثغرات الموجودة في الضوابط الدولية التي أتاحت لإيران أن تنتهك معاهدة حظر الانتشار النووي.&

&

أقراص مدمجة سرقها الموساد من الأرشيف النووي الإيراني

&

حرص الإيرانيون، كما يبدو، على توثيق كل شيء، بما في&

مما تكشف عنه الوثائق التي وقعت بيد الموساد أن إيران كانت تخطط لإنتاج "خمس رؤوس نووية"، قوة كل رأس منها 10 كيلوطن، وتطوير القدرة على إيصال هذه الرؤوس إلى أهدافها بصاروخ "شهاب-3". وتستند هذه الخطة على مجهود مشترك بين أجهزة ومؤسسات مختلفة، منها وزارة الاستخبارات والحرس الثوري وفيلق القدس التابع له.&

معلومات خاطئة

لسنوات عديدة، قامت إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا بجمع معلومات استخبارية حول المشروع النووي الإيراني. وتم تسليم بعض هذه المواد إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحرك أممي.
&

&

نتنياهو يكشف الوثائق المسروقة من الأرشيف النووي الإيراني

&

تم تصنيف المعلومات التي جمعتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 12 موضوعًا مختلفًا، يشار إليها باسم "PMD"، وهي اختصار لمصطلح "الأبعاد العسكرية المحتملة"، يصور كل منها البحوث أو الإنتاج أو التجارب الأخرى المتعلقة بالقنبلة النووية الإيرانية.

على مر السنين، أنكرت إيران التعامل مع أي من هذه المواضيع. كان الشرط للتوقيع على الاتفاقية النووية أن توقم إيران بالإفصاح الكامل عن تقدمها في كل "الأبعاد العسكرية المحتملة".

نتنياهو يقدم أرشيف إيران النووي إلى العالم

&

قبل توقيع الاتفاقية، وعد يوكيا أمانو، الدبلوماسي الياباني الذي يرأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كبار المسؤولين الإسرائيليين، وفقًا لشهادتهم، بأنه "لن يوقع على الصفقة أبداً" قبل أن يحصل على إجابات مُرضية عن جميع الموضوعات الـ12.

بنهاية عام 2015، نشر أمانو تقريرًا تقبل نفي إيران امتلاك أي مشروع نووي عسكري. الآن، في ضوء المواد التي اكتشفها الموساد، يبدو أن تقريره كان يستند إلى معلومات خاطئة.

مؤامرة نووية

فإلى جانب أسماء العلماء والمسؤولين الإيرانيين التي تكشفها الوثائق والأقراص، فإنها تفضح المواقع والأماكن التي حيكت فيها المؤامرة النووية الإيرانية، وبعضها لم يكن معروفًا حتى للاستخبارات الإسرائيلية، وبينها مواقع تجارب نووية ومناجم يورانيوم في أنحاء البلاد، وأنفاق حُفرت لتمويه الهدف الحقيقي.&

&

نواة رأس حربي نووي

&

كما تبين الوثائق أن الإيرانيين كانوا يبحثون عن موقع للتجارب النووية تحت الأرض، ولكن كان عليهم بناء القنبلة أولًا. كما أن التجربة النووية لا تعتمد على القدرة العلمية وحدها، بل على قرار من القيادة السياسية.

لا يمكن إخفاء تجربة تحت الأرض عن أجهزة الرصد الغربية، وستكون بمثابة إعلان إيراني بأنها أنتجت حقًا قنبلة نووية. لذا، درس الإيرانيون مواقع مختلفة في البلاد، وحاولوا إجراء تفجيرات صغيرة عميقًا في باطن الأرض لاختبار الأرض وصلابتها وقدرتهم على تسجيل قياسات التفجير في ذلك الموقع.

تخطيط لمنشأة فوردو النووية
&

كما اكتشفت الاستخبارات الإسرائيلية معلومات جديدة عن مواقع معروفة مثل موقع فوردو المحفور في جبل قرب قم، تحسبًا لأي قصف؛ إذ أكدت الوثائق أهميته في البرنامج النووي الإيراني الذي أُطلقت عليه اسماء مختلفة للتستر.&

لحظات تاريخية؟

تضم المادة الأرشيفية الكثير من التخطيطات والتقارير والوثائق والصور الفوتوغرافية التي تكشف عن حجم الخداع الإيراني. ويظهر في بعض الصور الفوتوغرافية التي توثق أنشطة طهران النووية علماء إيرانيون يعرفون أنهم يعيشون لحظات تاريخية من دون أن يخطر ببالهم أن صورهم ستقع بيد الموساد. ويوثق العديد من هذه الصور الفوتوغرافية تجارب نووية نفت إيران اجراءها طيلة سنوات.&

توثق إحدى شرائح الصور تجربة نووية تحدد مصدر النيوترونات على الرغم من أن إيران دأبت على نفي امتلاكها معدات للكشف عن النيوترونات التي يطلق اصطدامها بذرات الوقود النووي تفاعلًا متسلسلًا، ينتهي بانفجار نووي.&
&

&

تخطيطات من أرشيف إيران النووي

&

كما تكشف الوثائق الأرشيفية أن إيران أنشأت خزانًا قرب موقع بارتشين لإجراء هذه التفجيرات، الغرض منه اختبار متفجرات قوية بأجهزة أشعة أكس تحيط بالخزان.&
تسجل هذه المعدات التي تضم كاميرات متطورة لحظة الانفجار بدقة تصل إلى أجزاء نانوية من الثانية، لضمان حدوث كل الانفجارات في وقت واحد.&

هذا يتسم بأهمية بالغة لتصنيع عدسة انفجارية، أي انفجار شحنات عدة في وقت واحد حول مادة قابلة للانشطار مثل اليورانيوم المخصب بدرجة 90 في المئة، لإطلاق تفاعل نووي متسلسل.&

&

لقطة جوية لمنشأة بارتشين&

مما تكشفه الوثائق أيضًا لجوء القيادة الإيرانية إلى نقل الأنشطة النووية من مؤسسة إلى أخرى، بغلق مشروع وإطلاق آخر في عملية بيروقراطية معقدة بدأت منذ عام 2003. وكان الهدف من ذلك خداع العالم وإطلاق مشروع يواصل ما توقف عنده المشروع السابق، وهكذا دواليك.&

منع التضليل

تقول يديعوت احرونوت إن الاستخبارات الإسرائيلية كانت تتابع هذه المناورات، وانتقال أرشيف المشروع المغلق إلى أرشيف المشروع الجديد منذ اوائل عام 2017.&
وفي أغلبية عمليات الموساد، كان العملاء يتسللون إلى المبنى ويصورون ما فيه من مواد، ثم يغادرون كما دخلوا من دون أن يراهم أحد.&

صور من أرشيف إيران النووي

&

كن الموساد قرر هذه المرة أن يدخل عملاؤه ويخرجوا حاملين المواد معهم، بدلًا من تصويرها وتركها في مكانها، لسببين: اختصار الوقت الذي يمضيه العملاء في التصوير؛ ومنع إيران من مواصلة تضليلها الاعلامي والادعاء بأن الوثائق المصورة مزورة، مشيرة إلى أن عدد العملاء الذين تسللوا إلى موقع الأرشيف يقل عن 24 عميلًا.

خزان لاختبار متفجرات شديدة باستخدام أشعة أكس

&

&

&

&

الدكتور فريدون عباسي دواني

&

&

وثيقة قرار بأن يكون لمشروع نووي جديد جانب&مكشوف&وجانب&سري

&

&

صور من أرشيف إيران النووي

&

&

لقطة جوية لمنشأة فوردو النووية

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "واي نت". الأصل منشور على الرابط:

https://www.ynetnews.com/articles/0,7340,L-5412157,00.html