هل من خوف فعليّ من فتنة تنفجر في الشارع اللبناني، بعد تشييع مرافق وئام وهّاب، الذي سقط برصاصة مجهولة المصدر، اثر توترات في الجاهلية&رافقت تسليم وهاب مذكرة للمثول أمام القضاء بتهمة القدح والذم بحق رئيس الحكومة الاسبق&رفيق الحريري ونجله سعد الحريري؟.

إيلاف من بيروت: حبس اللبنانيون أنفاسهم يوم أمس خلال تشييع مرافق الوزير السابق وئام وهاب، محمد أبو ذياب، في بلدة الجاهلية، والذي سقط برصاصة مجهولة المصدر، خلال التوترات التي رافقت حضور قوة كبيرة من فرع المعلومات إلى البلدة لتسليم وهاب مذكرة للمثول أمام القضاء أو لإحضاره بتهمة القدح والذم بحق رئيس الحكومة الأسبق&رفيق الحريري ونجله سعد الحريري، وذلك خوفًا من فتنة قد تحصل من شأنها أن تطيح بالأمن، الذي لم يعد يملك اللبنانيون غيره في وطن يترنح، بات على ″كف عفريت″ في كل تفاصيل حياة أبنائه.

فهل وئدت الفتنة في لبنان أم أن هناك خوفًا من اندلاعها مجددًا؟
يعتبر الإعلامي رفيق خوري في حديثه لـ"إيلاف" "أن الحرب ليست قرارًا محليًا، لذلك يستبعد أن تؤدي الحرب الكلاميّة السياسية إلى حرب في الشارع على المدى القريب، مع وجود دوافع إقليميّة دوليّة ومحليّة أيضًا لحصولها، ففي 13 إبريل 1975 مع بوسطة عين الرمانة كانت بداية رسميّة للحرب، التي بدأت فعليًا قبل ذلك، وخلال السنوات الأخيرة حصلت أحداث أخطر من بوسطة عين الرمانة، ولم نصل إلى الحرب والاقتتال، لأن لا قرار دوليًا اتخذ بذلك، والإنفجار في لبنان لم يعد يفيد أحدًا".

دور المثقفين
عن دور المثقفين والقادة السياسيين في الحد من الإنفجار، يؤكد خوري أنهم في صراع حاليّ، ويجب التفريق برأيه بين المثقّف الذي لا وظيفة له، وبين الآخر الذي يعتبر أن من مهامه الأساسيّة الدفاع عن حقوق الإنسان والمواطن.

يضيف: "مشكلتنا في لبنان، إن كان في السياسة أو الصحافة أو الثقافة، هي النظر من جهة واحدة من خلال توجّه وحيد، ولا نرى كل الصورة من مختلف جوانبها".

حرب وفتنة
وبحسب الإعلامي والكاتب عادل مالك، فإنه "خلال إندلاع الحرب الأهليّة في العام 1975، لم يعد هنالك في الإعلام تمييز بين الشخصيّ والعام، ومع مرور الزمن وخلال فترة الحرب، أوجدت مفردات سياسية قائمة، ليس فقط على عدم إحترام الآخر، بل ربما أيضًا شيطنته، لذلك كل وسيلة إعلامية عليها مسؤولية في استخدام مفردات معيّنة تعكس عدم الكراهية بين الفرقاء، لأن تفاعل الحرب الكلاميّة وتسمية الآخر قد يفجّران&حربًا وفتنة في الشارع".

عن دور المثقفّين في لجم كل تلك التسميات عن الآخر من أجل عدم الوصول إلى حرب في الشارع، إعتبر مالك "أن الآوان قد فات، وتأخرنا جدًا عن القيام بذلك، لأن تراكمات الحروب والفوضى إنعكست على الإعلام بطريقة مباشرة، والإعلام المموّل لديه مصلحة ماليّة وهدفه تشويه الإعلام".

ويجب اليوم، بحسب مالك، القيام بصحوة معينة، مع بداية جديدة تقوم على النقد الذاتيّ، وليس جلد الذات، وعدم الإدّعاء باحتكار الحقيقة من قبل أي طرف، وعلى الإعلاميّ بالتالي الإبتعاد عن الغرور لأنه شعور قاتل ويُشكّل مقبرة الإعلاميّ.

الشارع
وتأمل الإعلامية سعاد قاروط العشي في حديثها لـ"إيلاف" ألا تؤدي تسمية الآخر إلى إنفجار في الشارع على المدى القريب، وهي تستبعد ذلك، رغم أن الإعلام اليوم برأيها يؤثّر إلى أقصى حدّ في تأجيج الشارع والفتنة، والإعلام هو الذي يثير المواقف أو يهدئها، ويُسخّر الإعلام للأسف سياسيًا لهذا الهدف.

تشير العشي إلى أيام الحرب الأهليّة اللبنانيّة، حيث لم يكن الخطاب بالحدّة التي نشهدها اليوم، وكانت مرحلة لم تشهد الشرخ الحالي، مع وجود بعض الضوابط للخطاب لا نراها اليوم، وبعد الحرب على أرضنا لم نشهد يومًا جميلًا وهادئًا برأيها.

وتقلل العشي من دور المثقفين والسياسيين في منع الإنزلاق نحو حرب سببها الخطاب السياسيّ، وتقول إن العصر الصعب والعصيب الذي يعيشه لبنان مع وجود التطرّف والمذهبيّة والطائفيّة، ومع غرق لبنان في بحر من الشواذ، هنا لا يمكن للمثقف أن يقوم بأي دور فعلي، خصوصًا أن المثقفين أصبحوا مسيّسين اليوم، ولم يعد دورهم فاعلًَا، والمثقفون يغرقون في زواريب السياسة ويقصون الآخر أسوة بالجميع.
&