نصر المجالي: أعلن في عمّان عن تسلّم السلطات الأردنية، يوم الاثنين، المتهم الفار من وجه العدالة بطل "فضيحة الدخان" عوني مطيع، وذلك من خلال متابعة مستمرة وتواصل وتنسيق مع السلطات التركية المعنية امتدت لأسابيع وسط تساؤلات عن تأخير أنقرة بتسليمه وما إذا كانت تحاول فرض شروط على الأردن مقابل ذلك.

وأكدت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، الناطقة الرسمية باسم الحكومة الأردنية، جمانة غنيمات، أن جميع الجهات المعنية استطاعت، وبعد جهود كبيرة ومتابعة مستمرة وحثيثة، على مدى عدة أشهر، من تحديد مكان المتهم وتوقيفه بتعاون مشكور من السلطات التركية المختصة.

وظلت قضية عوني مطيع على مدار حديث الشارع الأردني الذي يطالب منذ سنوات بمحاربة الفساد على مدار الأشهر الماضية، ومطيع هو رجل أعمال أردني معروف، تقلد رئاسة العديد من الجمعيات والمناصب الفخرية، وارتبط اسمه في ما يعُرف بـ"قضية تهريب الدخان وتصنيعه".

وإلى ذلك، أكدت غنيمات أن هذه الجهود جاءت "تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، وانطلاقا من الإرادة القوية لترسيخ دولة القانون وتحقيق العدالة للجميع، واجتثاث الفساد من جذوره، وحماية مقدرات الدولة الأردنية".

العدالة

وقالت: "نؤكد مجددا أن يد العدالة ستطال جميع الخارجين عن القانون وكل من تسول له نفسه التطاول على المال العام كائنا من كان، وملاحقة الفارين منهم في كل مكان وجلبهم ليحاكموا أمام القضاء الأردني العادل".

يذكر أن جذور قضية الدخان تعود إلى العام 2004 حينما بدأ مطيع وشركاؤه ممارسة نشاط غير مشروع داخل المملكة من خلال تزوير وإنتاج بضائع مقلدة من السجائر والتهريب الضريبي بملايين الدولارات.

واستمرت عمليات التزوير والتقليد لسنوات طويلة انتهت بكشف القضية تحت قبة البرلمان من قبل النائب مصلح الطراونة منتصف يوليو الماضي، وبعدها بأيام داهمت الأجهزة الأمنية عدّة مواقع لتزوير الدخان.

الهروب&

وتمكّن مطيع من الهرب إلى لبنان في يوليو 2018، قبل يوم واحد من قيام السلطات الأردنية بحملة مداهمات لمزارع ومصانع ومستودعات كانت تستخدم في إنتاج وتصنيع وتغليف السجائر المقلدة.

وأصدر مدعي عام محكمة أمن الدولة قرارا يقضي بضبط وإيقاف 30 شخصا على ذمة القضية وتجميد أموالهم المنقولة وغير المنقولة.

وكانت محكمة أمن الدولة الأردنية وضعت اسم عوني مطيع، على "النشرة الحمراء" للشرطة الدولية، وطالبت مساعدة الإنتربول الدولي للبحث عن المتهم وتوقيفه واسترداده على ذمة القضية، بعد أن كشفت وثائق ممارسته النشاط غير المشروع منذ عام 2004.

تسديد مبالغ&

وكشفت الوثائق التي أصدرتها محكمة أمن الدولة الأردنية أن المتهم الرئيسي في قضية السجائر المقلدة، عوني مطيع، مطالب بتسديد مبلغ ضخم. وطالبت الحكومة مطيع بتسديد مبلغ 177 مليون دينار أردني، أو ما يعادل 250 مليون دولار أميركي، وهي قيمة التهرّب الجمركي في القضية التي أثارت الرأي الأردني العام.

وبيّنت الوثائق أن المتهم مارس ومنذ عام 2004 نشاطا غير مشروع داخل الأردن، حيث قام بتصنيع كميات كبيرة من السجائر المغشوشة، ثم هربها إلى السوق المحلية بطريقة غير مشروعة، هذا إلى جانب تهريب مادة التبغ وماكينات التصنيع بطريقة غير مشروعة، مما أدى الى إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني.

وكانت السلطات الأردنية أوقفت 34 شخصا متورطا في القضية بينهم أحد أبناء المتهم، وتم تحويلهم إلى محكمة أمن الدولة (المحكمة العسكرية) بينما فرّ مطيع إلى لبنان قبل يوم واحد من المداهمات، الأمر الذي استفز الأردنيين الذين طالبوا بجلبه ومحاكمته.

كلام عمر الرزاز

وعلى صلة بذلك، قال رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز خلال جلسة مجلس النواب الرقابية اليوم الثلاثاء ان القبض على مطيع هو التأكيد على الجهود المبذولة لأجل اجتثاث الفساد من جذوره وحماية مقدرات الوطن.

واكد الرزاز ان جهودا استثنائية من لدّن جلالة الملك وحرفية عالية المستوى للأجهزة الامنية أفضت بالقبض على المتهم عوني مطيع وتسلّمه. واضاف ان الاجهزة الامنية محط احترام الجميع ومصدر ثقتهم الذي لا ينضب.

واشاد الرزاز خلال الجلسة بدور مجلس النواب الذي أثار قضية "مطيع" اثناء مداولات السادة النواب للبيان الوزاري للحكومة. وأكد على ان محاربة الفساد ليس شعاراً بل مبدأ يُطبق، وقال ان الحكومة منفتحة على أي معلومة أو رأي يُثار بدافع الحرص على مقدرات الوطن.

كما شكر رئيس الحكومة الأردنية، السلطات التركية على تعاونها مع الجهات الاردنية للقبض على عوني مطيع.&

حكاية الاعتقال&

وفي الختام، قال الصحافي الأردني سامي محاسنة إن الحكاية بدأت عندما تم رصده في أحد فنادق انقرة من قبل خلية&امنية كانت تتبعه، وبدأ التفاوض من خلال محامٍ في عمان وإحدى قريباته في الخارج.

لكن الشروط التي طلبها رفضت، مثل ان لا يدفع أكثر من مئة مليون غرامات، وان لا يصدر حكم عليه أكثر من 3 اشهر. وفي ذات الوقت كان التواصل مع السلطات التركية التي ماطلت في إجابة الطلب الاردني، قياسًا على قضية تسليم سابقه لأحد رعاياها رفضت عمان تسليمه.

وشددت انقرة&في طلب الوثائق والتعهدات بمحاكمة عادلة وكان الجانب الأردني يلبي كل الطلبات وعندما تأكدت أن القضية هي تصنيع وتهريب الدخان والإضرار بالاقتصاد وعندما اكتملت العملية صدر القرار السياسي التركي بتسليمه.