أكدت واشنطن لبغداد التزامها بالاستمرار في محاربة داعش والإرهاب في العراق رغم سحب قواتها من سوريا وأملها في إكمال تشكيلة الحكومة العراقية قريبًا، حيث بحث بومبيو مع الرئيس صالح وعبد المهدي موضوع تأثر العراق بالعقوبات الأميركية على إيران. &

إيلاف: خلال اتصال هاتفي مع الرئيس العراقي برهم صالح، فقد شرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أسباب سحب القوات الأميركية من سوريا، فيما نوه صالح بضرورة عدم تحميل العراق وزر العقوبات الأميركية على إيران.

الانسحاب من سوريا والعقوبات على إيران
جرى خلال الاتصال بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، حيث أطلع وزير الخارجية الأميركي الرئيس صالح على مقتضيات وأسباب قرار الانسحاب الأميركي من سوريا.. مؤكدًا أن "الولايات المتحدة مستمرة في التزاماتها لمحاربة داعش والإرهاب في العراق"، كما قال بيان رئاسي عراقية إطلعت على نصه "إيلاف" مساء أمس السبت.

وأشار إلى أن الرئيس صالح أكد لبومبيو أن العراق والمنطقة بحاجةٍ إلى تسويةٍ سياسيةٍ للأزمةِ السوريةِ وأهمية إنهاء حالة العنف و الصراع العبثي هناك، والذي دفع الشعب السوري أثمانًا باهظة بسببها نتيجة استباحة الإرهاب للمدن وارتكاب أبشع الجرائم، فضلًا عن التدخلات الخارجية المدمرة.

وشدد على ضرورة أن يكون الانسحاب عاملًا مساعدًا لتحقيق السلام المبني على احترام حقوق السوريين وقرارهم المستقل، لا لبدء مرحلة جديدة من العنف والتدخلات.&
&
كما أبلغ صالح بومبيو ضرورة مراعاة وضع العراق وعدم تحميله وزر التوترات الإقليمية والدولية، في إشارة إلى العقوبات الأميركية على إيران وتأثر العراق بها.. مشددًا على أن حماية السيادة العراقية والمصلحة الوطنية العراقية يجب أن يكون الأساس في التعامل ترسيخًا للاستقرار وحماية للنصر المتحقق على الإرهاب.&

والأربعاء الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سيسحب قواته من كل الأراضي السورية، معتبرًا أنه حقق هدفه القاضي بإلحاق "هزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".

كتب الرئيس في تغريدة على تويتر "لقد هزمنا تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، وهو السبب الوحيد لوجودنا خلال رئاسة ترمب". أضاف أن الولايات المتحدة "لا تريد أن تكون شرطي الشرق الأوسط" في معرض دفاعه عن قراره سحب القوات الأميركية المنتشرة في سوريا.&

وتساءل ترمب قائلًا: "هل تريد الولايات المتحدة أن تكون شرطي الشرق الأوسط؟، وألا تحصل على شيء غير خسارة أرواح غالية وإنفاق آلاف ترليونات الدولارات لحماية أشخاص لا يثمّنون في مطلق الأحوال تقريبًا ما نقوم به؟، هل نريد أن نبقى هناك إلى الأبد؟، حان الوقت أخيرًا لكي يقاتل الآخرون".

أضاف ترمب "روسيا وإيران وسوريا والعديد غيرهم ليسوا مسرورين بخروج الولايات المتحدة، رغم ما تقوله الأخبار الكاذبة، لأن عليهم الآن قتال تنظيم الدولة الإسلامية وغيره ممن يكرهونهم، بدوننا".&

وقال "أنا أبني أقوى جيش في العالم على الإطلاق. إذا قام تنظيم الدولة الإسلامية بضربنا فيكون حكم على نفسه بالهلاك". وواجه إعلان ترمب المفاجئ بأنه تمت هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة، وقراره بسحب القوات الأميركية معارضة شديدة.&
&
استثناء العراق من العقوبات الأميركية وإكمال تشكيلته الحكومية
على الصعيد نفسه شرح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في اتصال هاتفي مماثل حيثيات الانسحاب الأميركي المرتقب من سوريا، وأكد أن الولايات المتحدة مستمرة في التزاماتها لمحاربة داعش والإرهاب في العراق وبقية المناطق، كما أثنى على وحدة الشعب العراقي بمختلف مكوناته وعلى جهود الحكومة بحماية الأمن في العراق ومنع التدخل في شؤونه وإكمال التشكيلة الوزارية.

من جهته، استعرض عبد المهدي لبومبيو "طبيعة التطورات الإيجابية الجارية في البلاد والسعي إلى استكمال التشكيلة الوزارية التي من المتوقع أن تحقق المزيد من التقدم خلال الأسبوع المقبل"، بحسب ما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الإعلامي تابعته "إيلاف".

وكان البرلمان العراقي قد فشل خلال سبع جلسات منذ حصول عبد المهدي على ثقة البرلمان لتولي رئاسة الحكومة، إضافة إلى 14 وزيرًا من حكومته المكونة من 22 وزيرًا في 25 أكتوبر الماضي، في&إكمال الحكومة، حيث صوّت الثلاثاء الماضي على ثلاثة وزراء آخرين، فيما ظلت 5 وزارات شاغرة لحد الآن، هي الداخلية والدفاع والعدل والهجرة والتربية، وسط خلافات بين الكتل السياسية حول الشخصيات التي تتولاها، حيث يأمل عبد المهدي استكمال تشكيلة حكومته في الأسبوع المقبل، كما أبلغ وزير الخارجية الأميركي وسط شكوك بذلك.

امن العراق مرتبط بأمن سوريا
ثم أكد رئيس الوزراء العراقي لبومبيو أن تطور الأمن في سوريا والوصول إلى تسوية سياسية له علاقة مباشرة بالأمن العراقي واستقرار المنطقة.. مشيرًا إلى أن العراقيين هم الأكثر حرصًا على ترسيخ الوحدة الوطنية والدفاع عن سيادة بلادهم ومنع التدخل في شؤونها الداخلية.

وأثنى رئيس الوزراء العراقي على ما وصفه بالقرار الصائب الذي اتخذته الإدارة الأميركية الجمعة الماضي بتمديد مهلة شراء الكهرباء الإيرانية لمدة 90 يومًا، والاتفاق على كيفية التعامل في هذه الموضوعات،&من خلال تعميق العلاقات بين البلدين على أساس المصالح المشتركة.. موضحًا أن جميع هذه الأمور وغيرها ستكون مدار بحث معمق في اللقاءات المرتقبة بين مسؤولين عراقيين وأميركيين قريبًا. &&

ضغوط أميركية على العراق لوقف استيراد الغاز والكهرباء الإيراني
وكانت الولايات المتحدة قد مددت الجمعة الماضي لمدة 90 يومًا مهلة السماح للعراق باستيراد الطاقة الكهربائية من إيران، ما يتيح لبغداد تجاوز العقوبات المفروضة من واشنطن على طهران بسبب برنامجها النووي.

وسبق للعراق أن حصل في الخامس من نوفمبر الماضي على إعفاء اميركي لمدة 45 يومًا من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران في ملف برنامجها النووي، وكان من المفترض أن تخصص لوضع خريطة طريق تلغي بموجبها بغداد اعتمادها التام على استخدام الكهرباء والغاز الإيراني.

وقبل أيام عدة من انتهاء المهلة، توجّه وفد يضم مسؤولين عراقيين إلى واشنطن للتفاوض على تمديد فترة السماح، وكان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أكد خلال مؤتمره الصحافي في الأسبوع الماضي، عزم بغداد إرسال وفد مفاوض إلى واشنطن.

وقال مصدر حكومي عراقي مشارك في المحادثات في واشنطن لفرانس برس إن العراق ضمن تمديدًا للمهلة لفترة 90 يومًا، وبذلك يتمكن العراق من الاستمرار في شراء الكهرباء والغاز الإيرانيين.

وردًا على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد ضغطت على الوفد العراقي للدخول في شراكة مع الشركات الأميركية لملء الفجوة القائمة أقر المصدر نفسه أن هذه القضية جزء من "مناقشات معقدة".&ويعد نقص الطاقة، الذي غالبًا ما يترك المنازل بلا كهرباء لمدة تصل إلى 20 ساعة في اليوم، عاملًا رئيسًا&وراء أسابيع من الاحتجاجات الكبيرة في العراق خلال الصيف.

للتغلب على هذا النقص يستورد العراق ما يصل إلى 28 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي من طهران إلى&مصانعه، كما يشتري بشكل مباشر 1300 ميغاواط من الكهرباء الإيرانية. وهذا الاعتماد غير مريح بالنسبة إلى الولايات المتحدة التي سعت إلى&تقليص نفوذ طهران وإعادة فرض العقوبات على المؤسسات المالية الإيرانية وخطوط الشحن وقطاع الطاقة والمنتجات النفطية.

وخلال الأسبوع الماضي، ناقش وزير الطاقة الأميركي ريك بيري العقوبات مع وزيري النفط والكهرباء العراقيين في بغداد قائلًا إن على بغداد فتح الأبواب أمام الشركات الأميركية لتحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة. وأوضح بيري أنه "بالعمل معًا، يمكن للولايات المتحدة والعراق تطوير صناعات النفط والغاز والمياه".

&من جانبها، لفتت وزارة الكهرباء العراقية إلى إمكانية التوقف عن استيراد الكهرباء الإيرانية في غضون سنتين، لكن مسألة استيراد الغاز &هي الأكثر صعوبة، فالعراق يحتاج غاز طهران، إلى حين امتلاك القدرة على استخراج غازه أو استثمار الغاز المحروق خلال استخراج النفط..

وبحسب البنك الدولي، فإن الهدر في الغاز المحروق في العراق يبلغ نحو 2.5 مليار دولار سنويًا، وهو ما يكفي لسد الفجوة في توليد الطاقة من الغاز في العراق.

ولفت مصدر آخر مطلع على وثيقة المفاوضات إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى إقناع العراق بالشراكة مع الشركات الأميركية "جنرال إلكتريك" وبايكر هيوز" و"أوريون" لاستثمار الغاز المحروق. وأوضح أن "الولايات المتحدة تقول للمسؤولين العراقيين إنها عملية مربحة للأطراف الثلاثة: يتوقفون عن الاعتماد على إيران، ويستثمرون غازهم، ويفيدون الشركات الأميركية في هذه العملية".