الرباط: وجه وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت رسالة مشفرة إلى الحركات والجماعات الإسلامية بالبلاد، حيث دعاها إلى تبني خطاب واضح ينبذ التطرف والثبات على هذا الموقف، واعتبر أن الغموض الذي تتبناه جهات دون أن يسميها يدفع الشباب إلى الإنغلاف وتبني العنف.

وقال لفتيت في الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفوية اليوم الإثنين، إن الأفراد والجماعات يجب عليهم التحلي ب"خطاب واضح والالتزام بالثبات في المواقف بعيدا عن المتاجرة في القيم الأخلاقية".

وأضاف لفتيت، الذي كان يرد على تساؤلات حول قضية قتل سائحتين أجنبيتين بمنطقة إمليل نواحي مراكش، مطلع الأسبوع الماضي، "لا وجود لمنزلة وسطى في حب الوطن، فحب الوطن لا يمكن اعتباره تنميقا بلاغيا نلجأ له في المناسبات، والانتماء هو تجسيد للانتماء الحقيقي إلى بلد كامل لشعب بماضيه وحاضره ومستقبله وآفاقه".

واعتبر المسؤول الحكومي أن غموض الخطاب المعتمد من طرف جهات معينة والتباسه حسب المصالح والمواقف، والسعي الدائم لتبخيس مجهودات الدولة يؤدي إلى "فقدان الثقة في ما يجمعنا وفي نموذجنا المغربي المتميز المتشبع بفضائل الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والظلامية"، حسب تعبيره.

وزاد لفتيت منتقدا خطاب هذه الأطراف ، وقال: "هذا الخطاب يدفع البعض إلى البحث عن ولاءات بديلة تقوم على الانغلاق والتعصب كمنهج والعنف كممارسة"، مبرزا أن جريمة إمليل برهنت مرة أخرى أن الإرهاب "لا وطن له، وقد يضرب في أي لحظة وحين".

وأشار لفتيت إلى أن الخلاصات الأولية للجريمة التي استنكرها جميع المغاربة تبين أن الأمر "لا يتعلق بتنظيم إرهابي كبير، بل فقط بأفراد متشبعين بالفكر المتطرف قرروا ارتكاب هذه الجريمة فيما بينهم بوسائل بسيطة مستوحاة من الممارسات البشعة للتنظيمات الإرهابية"، وأضاف أن المستوى التعليمي والثقافي البسيط للمتورطين فى الجريمة لعب "دورا أساسيا" في استقطابهم من طرف الإرهاب والتطرف.

وأقر بأن ما كانت تخشاه بلاده حدث، وأوضح بأن لجوء المتطرفين إلى أسلوب "الذئاب المنفردة" يكتسي "خطورة بالغة تنبع من كون العناصر الإرهابية تتحرك في الظل وتتصرف وفق طبيعة المعطيات المحلية الخاصة بكل دولة، وتتسلح بعامل يشكل أسوأ السيناريوهات المحتملة، وهو عنصر المباغتة والمفاجأة"، وذلك في اعتراف منه بأن المتطرفين الذين نفذوا الجريمة استطاعوا مراوغة الأمن.

ويرى لفتيت ان تبني العناصر الإرهابية لهذه الأساليب الجديدة في تنفيذ العمليات جاء نتيجة ل"نجاح السلطات الأمنية في تضييق الخناق على المجموعات الإرهابية، مما حد من قدراتها الإجرامية ودفعها إلى البحث عن وسائل أخرى لتنفيذ أهدافها الخبيثة"، موضحا أن "الذئاب المنفردة"، تجعل الإرهاب "أكثر فعالية أحيانا من التنظيمات ذات الوسائل اللوجستية والبشرية الكبيرة".

وأوضح وزير الداخلية أن الخطوة الأولى للقضاء على الإرهاب في بلاده تتمثل في توفير الوقاية للمجتمع من المخاطر الناجمة عن "استغلال الدين لتحقيق أغراض دنيئة بعيدة عن قيمه السمحة التي تعد إحدى الروافد الأساسية للمثل الإنسانية السامية"، وأكد أن الإرهاب "خطر دائم ومستمر مادام هناك خطاب متطرف يلقى له صدى ويتقاطع مع ما يتبناه بعض المتطرفين المحليين، ومادام هناك جماعة إرهابية تعمل جاهدة بشتى الوسائل على المس بأمننا الداخلي".

وفي رسالة طمأنة للداخل والخارج، قال وزير الداخلية إن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع لمديرية الأمن الوطني، تمكن من توقيف "جميع المتورطين في الحادث والبالغ عددهم 17 ، وقد وضع حدا نهائيا للمشروع الإرهابي الذي كان المشتبه فيهم بصدد التخطيط لتنفيذه"، مشيدا بالدور الذي لعبته السلطات الأمنية في التصدي للجريمة وإيقاف المتورطين فيها في ظرف قياسي.

وعد المسؤول المغربي ان بلاده في حاجة ماسة إلى خطاب معتدل ومتوازن "يزرع الأمل والتفاؤل في المجتمع وخاصة فئة الشباب، وينشر قيم المواطنة وبناء شخصية المواطن الفاعل والواعي بدوره داخل المجتمع والنهج القويم"، مطالبا بتكاثف الجهود لإلغاء أسباب "اليأس التي تتحول من خلال العنف والإرهاب إلى كراهية وحقد وإضرار بالغير".

ولم تخل الجلسة من لمز وغمز تجاه حزب العدالة والتنمية (مرجعية إسلامية) قائد التحالف الحكومي، حيث اعتبرت نائبة باسم فريق الأصالة والمعاصرة المعارض أن جريمة إمليل "تشبه جرائم وقعت في السابق والجناة هم هم".

وزادت النائبة ذاتها قائلة في هجوم واضح على حزب رئيس الحكومة : "إن من قتل عمر بنجلون وفرج فودة وشكري بلعيد وآيت الجيد بنعيسى هم من قتلوا السائحتين الأجنبيتين البريئتين"، وذلك على بعد يوم واحد من إعادة محاكمة القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد العلي حامي الدين، المتهم ب"المساهمة في القتل العمد للطالب اليساري".

وأضافت النائبة البرلمانية ان "السؤال المطروح هو من غسل أدمغة هؤلاء الشباب؟ ويجب أن تعملوا على تجفيف منابع التطرف وتقضوا على الكراهية"، كما طالبت ب"عدم التساهل مع من ينشرون أفكار التطرف ويكفرون بعض الساسة والمفكرين"، وحثت على ضرورة اتحاد الجميع من أجل محاربة التطرف.