«إيلاف» من الرباط: بشعره الكثيف، وقامته المديدة، ولباسه البسيط، وملامحه التي لوحتها شمس إفريقيا، رغم أنه يعيش حاليا في فرنسا، وقف "شاعر الطوارق" محمدين خواد، المولود في النيجر، مساء الأربعاء في المكتبة الوطنية بالرباط، لتسلم جائزة الأركانة العالمية، التي منحتها له لجنة تحكيم بيت الشعر في المغرب، برسم سنة 2017،تقديرا لعطائه الشعري المتسم بالترحل والتيه في فضاء الصحراء.

بدا خواد سعيدا بهذا التكريم الذي حضي به في المغرب من طرف بيت الشعر، وتجلى ذلك بالخصوص في الكلمة التي تحدث فيها عن مفهومه للشعر، شاكرا الجميع على هذا التتويج، بنوع من التأثر، قبل أن يلقي مختارات من قصائده الشعرية التي كانت تترجم فورا إلى الفرنسية.

تسلم الشاعر جائزة الأركانة،التي تبلغ قيمتها المالية 12 ألف دولار، ولوحة من توقيع الفنان المغربي محمد السالمي، إضافة إلى الدرع التذكاري الذي يجسد شجرة الأركان التي تنبت في جنوب المغرب.

 الجالسون في المنصة من اليمين إلى اليسار مراد القادري وعيسى مخلوف ودينة الناصري ومحمد الأعرج والشاعر خواد.

 

وكان أول المتحدثين في هذه الاحتفالية، هو مراد القادري، رئيس بيت الشعر، الذي وصف "شاعر الطوارق" بكونه " معلمنا في حراسة الريح، ومرافقة النجمة في الخلاء، غير المكترث بالغسق ولا بألوان الوقت ولا الفصول، المصر دوما على المشي والتيه في عوالم الغبار والعرق من اجل لحظة ينتصر فيها الكلام للجمال والعدالة".

وأكد أن الشاعر لا يمكنه أن يكون معزولا عن الجماعة التي ينتمي إليها، فهو كائن اجتماعي يهجس بما يشغل بال أمته والتعبير عن ذلك بما يتلاءم والمقتضيات الفنية والجمالية والرؤية التي تحكم الشعر، مشيرا إلى أن الشاعر المتوج بالجائزة، نجح في أن يكون التجسيد الأمثل لهذه الثنائية.

من جهته، قدم محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال المغربي ، تهنئته لبيت الشعر على ماأسماه ب" الرصانة التي يواصل بها ترسيخ مكانة الجائزة في قائمة الجوائز العالمية، وذلك باختياره ل"جغرافية شعرية ذات حساسية رفيعة"، في تلميح إلى التجربة الشعرية للشاعر خواد.

ووجهت دينة الناصري، باسم مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، التحية لبيت الشعر في المغرب، ولكافة الشعراء في العالم، وخاصة في القارة السمراء،" التي أعطت للقصيدة الإنسانية العديد من الأصوات الشعرية المدهشة والملهمة، وفي طليعتها المتوج بجائزتنا لهذه السنة، الشاعر خواد".

 الشاعر المغربي حسن نجمي في حوار مع محمدين خواد شاعر الطوارق.

وأوضحت الناصري أن مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير اختارت أن تكون في صحبة بيت الشعر في المغرب، وهو يكرم الأصوات الشعرية التي انتصرت لقيم الجمال والحرية، ودافعت عن الحق الجماعي في الشعر، بما هو ضرورة إنسانية ووجودية، وذلك منذ دورة سنة 2008 التي عرفت فوز الشاعر العربي الكبير محمود درويش.

وحرص عيسى مخلوف، الشاعر والإعلامي والمترجم اللبناني، رئيس لجنة تحكيم الجائزة، على أن يقدم إبحارا عميقا في قراءة التجربة الشعرية لخواد، مستحضرا مكوناتها ومفرداتها، وما تتسم به من تفرد ومعانقة لقضايا الإنسان.

وكان الحفل بطعم افريقي. وانطلق في البداية على وقع دقات طبول ورقصات افريقية، قدمها في البهو الخارجي للمكتبة الوطنية، شباب أفارقة مهاجرون يعيشون في المغرب.

واختتم الحفل على وقع نغمات أوتار ودقات مجموعة من الفتيات المغربيات، يحملن إسم "بنات تمبوكتو"، ويقدمن فن كناوة التراثي،القادم من عمق افريقيا، وقد تجاوب معهن الجمهور بالتصفيق.