اتهم المدعي العام في طهران الثلاثاء ناشطًا بيئيًا توفي في أحد السجون الإيرانية بالانتماء إلى شبكة تجسس تابعة لوكالة الاستخبارات الأميركية والموساد الإسرائيلي، فيما طالبت أسرته بإجراء تشريح لجثته، رافضة ما أعلنته الحكومة عن قبول العائلة التفسير الرسمي بأنه انتحر.

إيلاف من طهران:&في أوتاوا جددت الحكومة الكندية مطالبتها نظيرتها الإيرانية بتقديم إيضاحات حول "ظروف" وفاة مواطنها في سجنه. وقالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند "هناك كندي توفي. نحن ننتزر من حكومة إيران تزويدنا بمعلومات وإجابات عن الظروف المحيطة بهذه المأساة". وأضافت "نحن قلقون جدًا إزاء الأوضاع التي أحاطت باعتقال ووفاة سيد إمامي".

وكانت أسرة كاووس سيد إمامي (63 عامًا) البروفسور الإيراني-الكندي، المعروف، ومؤسس منظمة غير حكومية باسم "صندوق تراث الحياة البرية الفارسية" أُبلغت الجمعة بوفاته في السجن، بعد أسبوعين فقط على اعتقاله بتهمة التجسس. وقالت السلطات إنه انتحر في زنزانته.&

ستار البيئة
وقال المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت عبادي إن المنظمة التي أسّسها إمامي أنشئت "قبل عقد" من الزمن كستار لتجميع "معلومات سرية في مجالي الدفاع والصواريخ".

وأوضح جعفري أن "المتهمين في القضية، وبتوجيه من ضباط وكالة الاستخبارات الأميركية وجهاز الموساد الإسرائيلي، نفذوا مهمة ثلاثية تركز على البيئة، متسللين إلى المجتمع العلمي، وجامعين معلومات عن مراكز حساسة وحيوية في البلاد، بما فيها قواعد عسكرية".

واتهم جعفري إمامي بانه أحد أهم أفراد الاتصال لعملاء الولايات المتحدة، وأن ضابط استخبارات أميركي أقام في منزله. وأشار إلى أن "أعضاء في الشبكة ركبوا كاميرات في مواقع استراتيجية تحت ستار مراقبة البيئة، فيما كانوا في الواقع يراقبون أنشطة الصواريخ في البلاد".&

معاملة المواطن فقط
كان أحد أهم مشاريع منظمة إمامي مراقبة الفهد الآسيوي، ما يعني أن خبراءها عملوا في أنحاء واسعة في محافظة سمنان، حيث تنتشر مواقع عسكرية ومواقع اختبار صواريخ.

وأوضح جعفري أن أبرز مموّل للمنظمة هو مواطن إيراني يحمل أيضًا الجنسيتين البريطانية والأميركية، وعرّف عنه المدعي العام بالحروف الأولى لاسمه "م. ط"، وهي إشارة على الأرجح إلى مراد طاهباز، رجل الأعمال الثري والعضو في مجلس إدارة الجمعية البيئية، وكان ضمن المعتقلين في الشهر الفائت.&

ولا تعترف إيران بمزدوجي الجنسية، وتعاملهم كمواطنين إيرانيين، ما يحرمهم من أي زيارات أو مساعدات قنصلية.&

طلب لتشريح الجثة&
من جهتها، طلبت أسرة إمامي بإجراء تشريح لجثته. وقال أراش كيخوسرافي محامي الأسرة لصحيفة شرق الإصلاحية إن "الأسرة قدمت طلبًا لإجراء تشريح للجثة"، مشيرًا إلى أن مكتب الطبيب الشرعي قدم أيضًا طلبًا روتينيًا لإجراء تشريح للجثة.

والاثنين قال علاء الدين بروجردي رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني إن عائلة إمامي شاهدت تسجيلًا من زنزانته، وقبلت التفسير الرسمي بأن الرجل انتحر.

وقال بروجردي لوكالة أنباء البرلمان "في الفيلم يمكن رؤية كاووس سيد إمامي يخلع قميصه، ويستعد للانتحار". أضاف إن "أسرته قبلت هذه الحادثة، لذا لم تطلب إجراء تشريح". غير أن محامي الأسرة قال لصحيفة شرق "لا أؤكد تصريحات السيد بروجردي عن أن الأسرة لم تطلب تشريحًا للجثة".

مصدر الأخبار العائلية
أما نجل الراحل، وهو مغن معروف يدعى رامين، فقال على تطبيق إنستغرام إن الأسرة رفعت شكوى قانونية على خلفية الوفاة.

وأوضح أنه "من الضروري جدًا الاعتماد على تعليقاتي على مواقع إنستغرام وتلغرام وتويتر لمعرفة الأخبار الرسمية المتعلقة بما سيتم التوصل إليه في المستقبل. ليست هناك مصادر أخرى يمكن التعويل عليها".

وقال إنه من المقرر أن تستلم أسرته الجثة الثلاثاء، وأن تنظم مراسم الجنازة في قرية إمامه، التي تبعد 40 كلم شمال طهران. وحول رد فعل الأسرة على الفيلم قال المحامي "هناك مشاهد تظهر السيد سيّد إمامي في زنزانته الانفرادية". أضاف "سرى الاعتقاد على ما يبدو أن السيد سيّد إمامي انتحر، لكن ليست هناك أدلة كافية" على ذلك.

عودة &مدني
ولا يزال سبعة أعضاء من المنظمة غير الحكومية خلف القضبان. وهزّت أنباء على ما يبدو عن اعتقال كاوه مدني، نائب مدير منظمة حماية البيئة في إيران في نهاية الأسبوع الماضي، مجتمع نشطاء البيئة. وعاد مدني إلى العمل الإثنين، ونشر رسالة مشفرة على وسائل التواصل الاجتماعي تقول "أنا بأمان".

ومدني ناشط معروف في مجال الحفاظ على موارد المياه، وقد تدرب في الولايات المتحدة. وتم اختياره في سبتمبر، وغادر وظيفته في جامعة أمبريال كولدج في لندن للانضمام إلى الحكومة، في خطوة اعتبرت رمزًا لجهود الرئيس حسن روحاني نحو تشجيع عودة الإيرانيين من الخارج.

يشار إلى أن إمامي ثاني مواطن كندي يموت في السجون الإيرانية بعد زهرة كاظمي (54 عامًا) في 2003، والتي اعتقلت لقيامها بالتقاط صور أمام سجن إيفين. وقال نائب الرئيس الإيراني آنذاك محمد علي آبطحي إنها ماتت من جراء "نزف دماغي ناجم من الضرب".

"زواحف ذرية"!
وكان رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية السابق حسن فيروز أبادي اتهم الثلاثاء جواسيس غربيين باستخدام عظاءات قادرة على "التقاط الموجات الذرية" للتجسس على البرنامج النووي الإيراني.

&جاء تصريح فيروز أبادي، وهو كبير المستشارين العسكريين للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، خلال رده على أسئلة لوسائل إعلامية محلية حول التوقيفات الأخيرة التي طالت ناشطين بيئيين.

وقال فيروز أبادي إنه لم يطّلع على تفاصيل القضايا، لكنه أشار إلى أن الغرب لطالما استخدم سياحًا، وعلماء، وناشطين بيئيين للتجسس على إيران. وقال رئيس الأركان الإيراني السابق لوكالة "إيلنا" الإصلاحية "قبل سنوات عدة، أتى أشخاص إلى إيران لجمع المساعدات لفلسطين... وقد اختاروا مسارا آثار ريبتنا".&

أضاف فيروز أبادي "كانت بحوزتهم أنواع من الزواحف الصحراوية كالعظاءات، والحرابي... وقد اكتشفنا أن جلدها قادر على التقاط الموجات الذرية، وأنهم جواسيس نوويون أرادوا أن يتحرّوا عن أماكن وجود مناجم اليورانيوم في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومواقع إجراء الأنشطة الذرية".

وأشار فيروز أبادي إلى أن عملاء وكالات التجسس الغربية "يخفقون دائمًا"، مشيرًا إلى تورط ثنائي ألماني في قضية تجسس أخرى.

وقال رئيس الأركان السابق "لقد أتوا بهما بوساطة قارب صيد من دبي والكويت إلى الخليج الفارسي لتحديد (مواقع) أنظمتنا الدفاعية. لكن عندما قمنا بتوقيفهما قالا إنهما سائحان وإنهما أتيا للصيد".