ظهرت لأول مرة نساء يرتدين ملابس سوداء وهن يقاتلن على جبهات القتال إلى جانب رجال تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية في فيديو نشره التنظيم مؤخرا وقال إنه صور في محافظة دير الزور شرقي سوريا.

ويعد نشر هذا الفيديو خطوة غير مسبوقة للجماعة التي طالما رددت أن دور النساءالأول والأخير هو خدمة أزواجهن المقاتلين، وتربية أولادهن ليكونوا الجيل القادم من "أشبال الخلافة".

لماذا الآن؟

خسر التنظيم أبرز معاقله في سوريا والعراق عام 2017، وانحسر نفوذه عن أغلب المناطق التي كانت تحت سيطرته في كلا البلدين وهو ما شكل ضربة قوية لمزاعمه حول إنشاء "خلافة إسلامية" خاصة بعد الإعلان عن "هزيمة" التنظيم الذي اشتهر بارتكابه فظائع بحق الجميع بغض النظر عن الدين أو الجنسية.

ولعل خسائر التنظيم المتتالية هي ما دفعته لتغيير موقفه بخصوص السماح للنساء بالمشاركة في القتال على الجبهات، الأمر الذي يُعد مؤشرا قويا على ضعفه واحتياجه لمزيد من المقاتلين.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تزامنا مع حملة شرسة ضد عاصمة خلافته المزعومة في مدينة الرقة السورية والتي خسرها في ذات الشهر، دعا التنظيم لأول مرة النساء للمشاركة في القتال على الجبهات.

وكان هذا "التغيير" جذريا في سياسة التنظيم الذي زعم في صيف 2017 أن نساء كن يبعثن رسائل "يتوسلن" فيها للمشاركة على الجبهات - لكن رد التنظيم كان أن مكان النساء هو البيت.

لذا يرجح أن التنظيم كان يستخدم مقالات وأفلام دعائية لإحراج الرجال وتحفيزهم على القتال من خلال إظهارهم أضعف من النساء اللواتي "لم يكن يخشين الموت".

كاتبات ومناصرات شرسات

ورغم أن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها التنظيم النساء الخاضعات له كمقاتلات على الجبهات، إلا أن النساء استخدمن دوما لنشر دعاية التنظيم؛ فكانت مجلات التنظيم باللغات الأجنبية مثل دابق ورومية (اللتان توقف نشرهما) تفرد صفحات كاملة لمقالات تكتبها نساء لاستهداف النساء.

وكانت بعض النساء يكتبن عن رحلاتهن من بلادهن إلى أراضي "الدولة الإسلامية" في العراق أو الشام، في حين كتبت أخريات عن أهمية دورهن (المرتبط بالزوج والأبناء تحديدا) في بناء الخلافة المزعومة - حتى أن بعضهن اكتسبن شهرة في الأوساط الجهادية مثل "أم سمية" التي دعت مرة زوجات مقاتلين الجماعات الجهادية الأخرى للتخلي عن أزواجهن والانضمام لتنظيم (داعش) والتزوج من مقاتليه.

كما استخدمت النساء للمساهمة في نشر المادة الدعائية للتنظيم على على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة مثلهن مثل بقية المناصرين الرجال.

ولكن - و بالرغم من كل ذلك - كان تركيز دعاية التنظيم دائما على دور نساء التنظيم في بيوتهن.

تكتيك جديد؟

لذا، إضافة إلى أن إظهار تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية صورا لمقاتلات تابعات له على الجبهات هو أمر ينظر له كمؤشر على حاجته للمقاتلين،إلا أنه لا يستعبد أن تكون أيضا تكتيكا جديدا لجذب مزيد من النساء للانضمام إلى التنظيم؛ فكأن التنظيم يقول للنساء "لن يكون دوركن مقتصرا على الزواج وتربية الأولاد في حال الانضمام لنا، بل سيكون لكن فرصة لعب دور بارز على الجبهات".

ورغم غرابة هذه الفكرة ومخاطرها، إلا أنها ليست ببعيدة عن تنظيم طالما حرص على إظهار أنه تنظيم مختلف عن عموم التنظيمات الجهادية ويأتي بممارسات جديدة (أكثر دموية) على أرض الواقع.

الجدير بالذكر أن الجماعات الجهادية بشكل عام تعارض مشاركة المرأة في القتال، ويعتبر تنظيم القاعدة - الذي يناصب تنظيم "الدولة الإسلامية" العداء - أن مشاركة المرأة في القتال أمر يعرضها لمخاطر كبيرة خاصة إن تم أسرها.