يجري مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "نقاشًا طارئًا" الجمعة في جنيف حول الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، وذلك بطلب من بريطانيا، بحسب ما أعلن متحدث.

إيلاف: أوضح رونالدو غوميز أن النقاش يبدأ عند الساعة 15:00 (14:00 ت غ) في مقر الأمم المتحدة في جنيف. سيتم التباحث خلاله في مشروع قرار قدمه الوفد البريطاني وعرضه على التصويت امام الدول الـ47 الممثلة حاليا في المجلس بموجب ولاية من ثلاث سنوات. وروسيا حليفة النظام السوري ليست بينها.

تطالب الوثيقة البريطانية بتطبيق القرار الذي أقره مجلس الامن الدولي السبت، وينص على وقف لاطلاق النار 30 يومًا في الغوطة الشرقية، آخر معاقل المعارضة بالقرب من دمشق.

لم تطبق هذه الهدنة بعد، الا ان روسيا أعلنت من جانب واحد هدنة انسانية لخمس ساعات يوميا لم تتح حتى الان ايصال مساعدات او اجلاء مدنيين او مصابين.

وتتبادل القوات الموالية للنظام لسوري والفصائل المعارضة المسيطرة في الغوطة الشرقية الاتهام بخرق الهدنة.

ويطالب مشروع القرار البريطاني مجلس حقوق الانسان ومفوضية التحقيق الدولي المستقل حول سوريا "بفتح تحقيق شامل ومستقل بشكل طارئ حول الاحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية".

ميركل وترمب يؤكدان ضرورة محاسبة دمشق
إلى ذلك أكدت المستشارة الألمانية والرئيس الأميركي دونالد ترمب على وجوب "محاسبة" النظام السوري على الهجمات وعمليات القصف على المدنيين في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، وفق ما أعلنت المستشارية الألمانية في بيان الجمعة.

 جاء في البيان أن ميركل وترمب اعتبرا خلال مكالمة هاتفية جرت الخميس أن "النظام السوري يجب أن يحاسب على التدهور المتواصل للوضع الإنساني في الغوطة الشرقية، وهذا ينطبق على استخدام نظام (الرئيس بشار) الأسد أسلحة كيميائية كما على الهجمات على المدنيين وتجميد المساعدة الإنسانية".

وتكرر منذ مطلع العام ظهور عوارض اختناق وضيق تنفس تحديداً في الغوطة الشرقية. وهددت دول غربية بينها الولايات المتحدة وفرنسا في وقت سابق بشن ضربات في حال توافر "أدلة دامغة" على استخدم السلاح الكيميائي.

ودعت ميركل وترمب موسكو من جهة أخرى إلى "وقف مشاركتها في عمليات القصف على الغوطة الشرقية وحض نظام بشار الأسد على وقف العمليات العسكرية ضد مناطق المدنيين". كما حض المسؤولان موسكو وطهران ودمشق على تطبيق "فوري" لقرار مجلس الأمن الذي نص على وقف إطلاق نار "من دون تأخير" في سوريا.

وقال المتحدث باسم ميركل شتيفن سيبرت إن الحكومة الألمانية "قلقة حيال مجمل سياسة روسيا الأمنية". وتابع أن هذه السياسة تتراوح من "الانتهاك السافر للقانون الدولي عبر ضم (شبه جزيرة) القرم (...) إلى السلوك التهديدي لجيرانها إلى التقويض المتعمد لاتفاقيات الحد من التسلح".

وفي ما يتعلق بالوضع في سوريا، قال سيبرت "امام الوضع المروع للسكان المدنيين في سوريا، لا يوجد أي سبب حقا للتفاخر بتطوير أسلحة معينة او باستخدام أسلحة روسية معينة على الارض".

بانتظار المساعدات
تنتظر الأمم المتحدة السماح لها بادخال مساعدات إلى الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام بشكل محكم منذ العام 2013، وتتعرض منذ نحو أسبوعين لحملة قصف أسفرت وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 617 مدنياً بينهم 149 طفلاً، واصابة أكثر من 3500 آخرين بجروح.

وتكرر منذ مطلع العام ظهور عوارض اختناق وضيق تنفس تحديداً في الغوطة الشرقية، كان آخرها في 25 فبراير حيث أصيب نحو 14 مدنياً بحالات اختناق، وتوفي لاحقا طفلان بينهم. وهددت واشنطن وباريس بشن ضربات في حال توافر "أدلة دامغة" على استخدام السلاح الكيميائي.

وطغى الدمار على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، وبدا المشهد ذاته في مدينتي دوما وحمورية، حيث تحولت أبنية عدة إلى جبال من الركام فيما انهارت أخرى جزئياً، وسقطت واجهات المحال. وتراكمت في الشوارع الحجارة وأشرطة الكهرباء المقطعة والخردوات.

نقص معدات طبية
وفي الغوطة الشرقية، التي تعد نحو 400 ألف نسمة، تسبب الحصار بنقص كبير في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية. وكان السكان يعتمدون على مساعدات دولية تدخل بشكل متقطع وعلى زراعات محلية أو يأتون بالمواد الغذائية عبر طرق التهريب.

أما اليوم بات منهم من يعتمد على مؤن في بيته مع نقص حاد لمواد عدة تزامن مع ارتفاع في الأسعار، أو على وجبات غذائية توزعها مؤسسات انسانية محلية. وتعاني الكوادر الطبية أيضاً من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية مع توافد الجرحى يومياً إلى المستشفيات.

وعلى سرير في مستشفى في دوما، تبكي الطفلة حلا (عام ونصف) وقد لفت رجلها اليمنى بضماد أبيض اللون. ووجد الأطباء أن الحل الوحيد يكمن في بترها بسبب النقص في المستلزمات الطبية اللازمة لعملية جراحية تنقذ رجلها.

وقال محمد، طبيب مساعد، "حلا ليست الحالة الوحيدة، لدينا الكثير من الأطفال والمدنيين اللذين كانوا ضحية هذا الحصار المفروض علينا"، مضيفاً "لم يستطع هذا العالم فعل أي شيء لحلا وأمثالها". أضاف "نحن ننتظر مساعدة هؤلاء المدنيين للحفاظ على أرواحهم (...) نحن ننتظر رد فعل من هذا العالم".

وأعلنت الأمم المتحدة الخميس أنها قد تتمكن من ايصال مساعدات إلى الغوطة الشرقية "في غضون أيام"، معتبرة في الوقت ذاته أن الهدنة الروسية السارية منذ الثلاثاء لساعات قليلة يومياً "غير كافية". وتنتظر أكثر من 40 شاحنة محملة بالمساعدات الإذن لدخول الغوطة الشرقية.

معبر فارغ
وبرغم قرار مجلس الأمن حول سوريا، تسري منذ الثلاثاء يومياً بين التاسعة صباحاً (07,00 ت غ) والثانية بعد الظهر هدنة أعلنت عنها روسيا. ويُفتح خلالها "ممر انساني" عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما لخروج المدنيين.

وفي أحد شوارع دوما، استغلت مجموعة من الرجال الهدنة لاصلاح الأعطال الناتجة من تقطع امدادات المولدات التي يعتمد عليها سكان الغوطة لإنتاج الكهرباء. وأفاد مراسل فرانس برس أثناء تجواله في مدينة دوما خلال سريان الهدنة عن صواريخ استهدفت المدينة، ليجد المدنيون من حوله يسارعون بالركض والنزول إلى أقرب قبو يختبئون فيه.

ومنذ الثلاثاء، تراجعت وتيرة القصف الذي كان في الأسبوع الماضي يستهدف يومياً بعشرات الغارات والصواريخ مدن وبلدات عدة موقعاً في اليوم الواحد عشرات القتلى. ورغم الهدنة الروسية، تواصل القصف على منطقة المرج ومحيط بلدة الشيفونية حيث تدور اشتباكات بين قوات النظام وفصيل جيش الاسلام، أبرز فصائل الغوطة الشرقية.

وأفاد المرصد عن سيطرة قوات النظام على بلدتين في جنوب الغوطة. وخلال أربعة أيام، لم يُسجل خروج أي مدني سوري عبر المعبر الذي حددته روسيا. وتتهم موسكو ودمشق الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من المغادرة وباستهداف المعبر بالقذائف، الأمر الذي تنفيه الفصائل.

ومن المفترض نقل الراغبين في الخروج إلى "مركز إيواء" في منطقة الدوير في شمال دمشق. وأعرب سكان عدة في الغوطة الشرقية عن خشيتهم من الخروج من دون ضمانات "لغياب الثقة في روسيا"، ومنهم من يخشى التجنيد الإلزامي.

وقال رائد (27 عاماً) في حمورية "نحن لا نرغب في الخروج إلى مراكز إيواء، بيوتنا هنا وأرضنا هنا. لا نريد أن نخرج ونتعرض للاذلال". وفي شمال سوريا، قتل 14 عنصراً من القوات الموالية للنظام السوري مساء الخميس في قصف تركي استهدف قرية كانوا يتمركزون فيها إلى جانب المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين، وفق ما أفاد المرصد السوري. كما أعلن الجيش التركي ليلا مقتل ثمانية جنود، لترتفع حصيلة خسائره منذ بدء العملية إلى 40 قتيلاً.