أيدت أغلبية قراء "إيلاف" الراي القائل إن من واجب حكومات الخليج اتخاذ قرار مشابه لقرار الإمارات، والطلب من رعاياها إعادة سياراتهم الى بلدانهم من لندن، بعد الاعتداء الأخير الذي تعرض له مواطن إماراتي في سيارته بالعاصمة البريطانية.

كان الطالب الجامعي الإماراتي عبد الله الحوسني أمنًا في سيارته ذات اللوحة الإماراتية في أحد شوارع لندن حين انقض عليه فجأة من دون سبب العراقي عدنان موسى باسم، وضربه على رأسه ولكمه من خلال النافذة مرات وهدده بالذبح، وحاول إخراجه من السيارة لأذيته. فما كان من السلطات الإماراتية إلا أن قررت الطلب إلى رعاياها الإماراتيين إعادة سياراتهم من بريطانيا إلى بلدهم.

في إثر ذلك، سألت "إيلاف" على عادتها في كل أسبوع: "هل تعتقد أن من واجب حكومات الخليج اتخاذ قرار مشابه لقرار الإمارات بالطلب من رعاياها إعادة سياراتهم الى بلدانهم؟". أجاب 72 في المئة من المشاركين في الاستفتاء بـ "نعم"، في مقابل 28 في المئة قالوا "لا".

أعيدوها

كان سليمان المزروعي، سفير الإمارات في لندن، صرّح أنه تقرر منع استخدام سيارات عليها لوحات أرقام دولة الإمارات العربية المتحدة على أي مركبة في المملكة المتحدة، في أعقاب الاعتداء على سيارات خليجيين، "فيما تم إلزام الطلبة المواطنين في لندن إرجاع مركباتهم إلى الدولة".

قال المزروعي: "ارتأت الملحقية الشرطية للدولة في المملكة المتحدة أن من إجراءات السلامة في الظروف الحالية عدم استخدام سيارات عليها لوحات أرقام إمارات الدولة، تجنبًا لجذب الانتباه غير المرغوب فيه، وتم التعميم على الطلبة بإرجاع سياراتهم، التي تحمل أرقام الدولة".

أضاف: "سفارة دولة الإمارات تعطي أولوية قصوى للحفاظ على سلامة المواطنين الذين يزورون المملكة المتحدة، والمبتعثين الذين يدرسون، وتتابع الملحقيات التابعة للسفارة باستمرار أوضاع المبتعثين التابعين لها من نواحي الأداء الأكاديمي والسلوك العام، بما يضمن نجاحهم وسلامتهم، حتى يكونوا سفراء مميّزين لبلدهم"، لافتًا إلى أن السفارة تتابع من خلال الملحقية الشرطية قضية الاعتداء على الحوسني، وأن شرطة لندن اتخذت الإجراءات اللازمة بحق المعتدي.

وأشار المزروعي إلى أن لندن مدينة عالمية، يؤمّها الزوار من كل أصقاع الأرض، وقبلة كثير من الجاليات، للعمل أو الدراسة أو العلاج أو السكن. وختم: "لندن مدينة آمنة، لكن على المواطنين، خصوصًا الطلبة أخذ الحيطة والحذر عند الوجود في بعض الأماكن العامة، كما هي الحال في كثير من المدن الكبيرة والمزدحمة".

مبرر يكفي

ربما يكون هذا الكلام مبررًا كافيًا كي يتخذ قراء "إيلاف" جانب الحذر، فيوافقوا بهذه النسبة العالية على ضرورة أن تحذو دول الخليج الأخرى حذو دولة الإمارات العربية المتحدة. فالحرب بين التعصب والاعتدال لن تتوقف قريبًا، والتعصب وثقافة القتل والاعتداء ما تزال قوية الشكيمة، على الرغم من الضربات القاصمة التي تلقتها في العراق وسورية دول أخرى، عربية وغربية، وعلى الرغم من أن دولًا إسلامية ترفع راية الاعتدال، كالسعودية والإمارات على سبيل المثال لا الحصر، تبذل النفيس لتعزيز منطق التعايش والسلام.

إن التعصب أعمى، لا يعرف عسكريًا ومدنيًا، على ما يقوله أحد المراقبين، ولا يمكن إلا توخي أقصى درجات الحذر، خصوصًا أن المهزوم يضرب ضرب عشواء. فقد زادت الاعتداءات على الخليجيين في بريطانيا ودول أوروبية أخرى. وهذه الاعتداءات ليست بجديدة، بل تعود إلى أعوام أربعة في أقل تقدير، حتى صارت تؤثر في السياحة الخليجية في العاصمة البريطانية.

ففي أبريل 2014، تعرضت ثلاث فتيات إماراتيات للاعتداء بمطرقة حديدية وهن داخل غرفة فندقية كن يقمن فيها في أحد أشهر وأفخم وأكبر الفنادق بوسط العاصمة البريطانية، فيما تعرض مواطن إماراتي آخر وبفارق زمني قصير لسطو مسلح وهو في داخل منزله بوسط لندن.

لا تغيروا

في المقابل، يقول دبلوماسيون إن الحرب بين الحق والباطل، بين الاعتدال الذي ينادي به اليوم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبين التطرف والاجرام، لا تتوقف، وليس علينا أن نغير كل أسلوب حياتنا، وإلا يكون من نحاربهم قد فرضوا علينا أسلوب حياة قلق يريدوننا فيه دائمًا. المطلوب كله هو اتخاذ الحيطة والحذر والتحسب، ومعرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الاعتداء، فربما كان فرديًا، أو يعاني مرتكبه أزمات نفسية، فهل تجد دول الخليج نفسها اليوم مرغمة على تغيير نمط مواطنيها من أجل هذا؟

هذا، ربما، رأي 28 في المئة من المشاركين في الاستفتاء، الذين لا يرون ضرورة لاقتداء دول الخليج بالامارات في قرارها هذا.

ولكن، على ما كتب خالد دراج في "الحياة": "إن الحقيقة المعلنة في شوارع لندن وباريس وما ينشره الإعلام الإنكليزي والفرنسي وعلى وسائل التواصل الغربية والعربية، تشير مجتمعة إلى موجة عارمة من الاستياء والازدراء للطريقة المستفزة التي يستعرض فيها الخليجيون بسياراتهم الفارهة وبموديلاتها ولوحاتها وألوانها ووصولا لطلائها بالذهب! إلى جانب مسيراتهم في الشوارع المكتظة بالناس والمرور وإزعاج السكان بأصوات محركاتهم وأصوات الأغاني والشيلات لساعات متأخرة من الليل"؛ لا بد من التفكير مليًا، في ما لنا، وما علينا.