رفضت النيابة العامة في محكمة الاستئناف طلب ناصر الزفزافي، متزعم احتجاجات الحسيمة، عرض فيديو يصور لحظة مداهمة وتفتيش بيته يوم 26 مايو الماضي من طرف ضباط الشرطة القضائية. 

إيلاف من الرباط: قال ممثل النيابة العامة إن الغرض من عرض الشريط هو الطعن في محضر المعاينة الذي أنجزه الضابط الذي أشرف على العملية، مشيرًا إلى أن هذا المحضر يعتبر وثيقة رسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بالزور أمام هيئة قضائية مختصة. وطلب من القاضي رفض طلب الزفزافي ودفاعه.

وقال الزفزافي، الذي استمعت إليه المحكمة مساء الاثنين في إطار ملف احتجاجات الحسيمة، الذي يتابع فيه 54 متهمًا بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام، إن ما جاء في المحضر كذب. 

وقرأ أمام القاضي أجزاء من محضر التفتيش والحجز تتحدث عن طرق باب البيت من طرف ضباط الشرطة، وأن أخاه فتح لهم الباب وسألوه عنه. فأجابهم أنه فر عبر السطوح. وقال الزفزافي للقاضي: "الحقيقة التي يصورها شريط الفيديو الذي أطلب منكم عرضه كدليل هي أنهم كسروا الباب، واقتحموا البيت بعنف. كما إن أحدهم ركل والدتي المريضة بالسرطان وألقاها أرضًا". 

قرر القاضي إرجاء البت في طلب الزفزافي وباقي الطلبات التي تقدم بها الدفاع خلال الجلسة، ومنها طلب السراح الموقت لمتهم بسبب الحالة الصحية الحرجة لوالده، وطلب عرض متهم آخر على خبرة طبية للتأكد من سلامته العقلية. ويتابع الزفزافي بثماني جنح وجنايتين، ضمنها التآمر على أمن الدولة والوحدة الترابية للمملكة. 

وشرع القاضي في الاستماع إليه مساء الاثنين في إطار استنطاقه للمتهمين. تعلق أول سؤال وجّهه القاضي إلى الزفزافي بما جاء في المحاضر حول تنسيقه مع أشخاص يوجدون خارج المغرب، ومعروفين بتوجهاتهم الانفصالية. وأشار القاضي على الخصوص إلى شخص يعيش في هولندا، ويدعى فريد أولاد الحسن، والذي قال عنه إنه ينتمي إلى منظمة 18 فبراير الداعية إلى انفصال الريف عن المغرب، موضحًا أنها منظمة أسسها سعيد شاعو الملاحق من طرف القضاء المغربي بتهم الإتجار الدولي بالمخدرات. 

أجاب الزفزافي أنه لا يوجد دليل على أن هؤلاء الأشخاص انفصاليين، ولم يسبق أن أدينوا من طرف أية هيئة قضائية بتهمة الانفصال. وخلال الجلسة التي استمرت زهاء ست ساعات، قرأ الزفزافي عرضًا مكتوبًا، حاول فيه الرد على التهم الموجّهة إليه. 
وتحدث في عرضه عن الأحداث التي عرفتها منطقة الريف منذ استقلال المغرب، والتي قال إنها ضرورية لفهم سياق الاحتجاجات السلمية التي عرفتها المنطقة خلال العام الماضي، والتي خرجت من أجل مطالب اجتماعية واقتصادية. 

حمّل الزفزافي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في الريف إلى الأحزاب السياسية، خصوصًا الصراع بين حزب الأصالة والمعاصرة المعارض الذي يتولى رئاسة 27 بلدية من أصل 29 بلدية في المنطقة، وبين غريمه السياسي حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة. 

وقال إن التنافس بين الحزبين والصراع بينهما هو الذي عرقل التنمية في المنطقة، وتسبب في اندلاع الاحتجاجات. وأضاف الزفزافي أن الحزبين عوضًا من أن يستغلا البرلمان لطرح مشاكل السكان حوّلاه إلى حلبة للصراع والتلاسن بينهما. وأضاف "سمعنا أمينًا عامًا لحزب سياسي يتهم زميله، تحت قبة البرلمان، بأنه بارون مخدرات. وسمعنا الآخر يتهم غريمه بدعم داعش. ورغم أن تلك الجريمتين تعتبران من أبشع وأخطر الجرائم، لم نسمع بأن النيابة العامة تحركت للتحقيق فيها. لكنها تحركت ضد الاحتجاجات التي كشفت الفساد واعتقلت المئات".

وانتقد الزفزافي البيان الذي أصدرته أحزاب الغالبية الحكومية في بداية مايو من العام الماضي، والذي صرحت فيه بوجود توجهات انفصالية لدى محتجي الحسيمة، وهي التهمة التي قال إن الهدف منها هو الالتفاف على المطالب الاجتماعية والاقتصادية للسكان. 
كما أشار إلى الخطابات الأخيرة للعاهل المغربي، خصوصًا خطابه الذي انتقد فيه عدم القيام الأحزاب المغربية بواجبها، وتركها المواطنين وجهًا لوجه مع قوات الأمن. وقال إن الإعتقالات التي تزامنت مع الإحتجاجات تضع أيضًا القضاء وجهًا لوجه مع المواطنين.

انتقد الزفزافي استعمال صور عبد الكريم الخطابي من طرف الشرطة القضائية ضمن الإثباتات وتقديمها كمحجوز في توجيه تهمة الانفصال لمعتقلي الاحتجاجات. وقرأ على القاضي جزءًا من خطاب للملك الراحل محمد الخامس، قال إنه ألقاه في بداية الاستقلال في الحي الذي يسكنه الزفزافي في الحسيمة، وتحدث فيه عن الخطابي كقائد وطني خدم الوطن والملك. وقال للقاضي إن المنزل الذي يسكنه الزفزافي والمسجد المجاور له بناه محمد الخامس.

وقال الزفزافي إنه تعرّض للتعذيب خلال اعتقاله، وإن الشرطة القضائية أخذت ملابسه التي كان يرتديها خلال اعتقاله، لأنها ملطخة بالدماء، غير أنها لم تضعها مع المحجوزات، وطالب من القاضي الأمر بجلبها. وهو ما اعترضت عليه النيابة العامة.

كما قال الزفزافي إن لحظات اعتقاله جرى تصويرها من طرف ضباط الشرطة، الذين اعتقلوه باستعمال هواتفهم. وطالب بجلب الهواتف، مدّعيًا أن بإمكانه استخراج الصور منها حتى لو مسحوها. وكشف الزفزافي للقاضي عن جانب آخر من شخصيته، والتي تتعلقه بكونه متمرسًا في مجال البرمجيات والمعلوميات، ولديه برامج متطورة في قرصنة الهواتف الذكية، مشيرًا إلى أنه يساهم في شبكات دولية للبرمجيات على الانترنت.