إيلاف من أمستردام: شنت الوحدات الأميركية والبريطانية والفرنسية فجر يوم السبت 14 أبريل قصفًا صاروخيًا من قطعاتها العسكرية التي تجمعت حول الأراضي السورية بعيد هجوم بالغازات الكيميائية السامة في منطقة دوما، المعقل الرئيس لجيش الإسلام المعارض، في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، اتهمت بشنه القوات السورية التي كانت تحاصر وتقصف المنطقة التي فرضت سيطرتها التامة على عليها منذ أيام.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال في خطاب من البيت الأبيض خلال عملية القصف الغربي: "تجري عملية عسكرية مشتركة مع فرنسا وبريطانيا. لقد أمرت القوات الأميركية المسلحة بتنفيذ ضربات محددة على قدرات الدكتاتور السوري بشار الأسد في مجال الأسلحة الكيميائية".
تحييد روسيا
الجيش السوري من جهته أعلن أن الضربة الثلاثية شملت إطلاق حوالى 110 صواريخ باتجاه أهداف سورية في دمشق وخارجها، وأن منظومة الدفاع الجوي السورية تصدت لها وأسقطت معظمها.
وزارة الدفاع الروسية قالت في بيان بثته وكالة الأنباء الروسية "ريا نوفوستي" إن "أيًا من الصواريخ العابرة التي أطلقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها لم يدخل منطقة مسؤولية الدفاعات الجوية الروسية التي تحمي المنشآت في طرطوس و حميميم"، في إشارة إلى القاعدتين الروسيتين البحرية والجوية.
وشددت الوزارة على أن روسيا لم تستخدم أنظمتها الدفاعية الجوية في سوريا للتصدي للضربات الغربية على منشآت للنظام السوري. لكنها قالت إن قوات الأسد اعترضت الهجمات باستخدام أسلحة سوفيتية الصنع من بينها منظومة بوك الصاروخية.
وبيّنت أن مطارات قوات النظام السوري لم تتعرّض لأضرار كبيرة نتيجة الغارات الغربية، لكن "المنشآت المتعلقة بالبرنامج الكيميائية المزعوم لدمشق قد تعرّضت لتدمير جزئي".
هدفها الردع
التقليل من شأن الضربات الغربية كررته وسائل الإعلام السورية، ووجدت فيه تقوية لمعنوياتها في الحرب الأهلية المستمرة منذ سبع سنوات، خاصة مع ورود تأكيدات من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أن "تدخلنا في سوريا لا يتعلق بالحرب الأهلية أو تغيير النظام السوري، بل لوقفه عن استخدام السلاح الكيميائي".
مثلها صرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قائلًا "إننا لم نعلن الحرب على بشار الأسد، والتدخل العسكري الذي وقع قبل بضعة أيام لم يغير ذلك". وأشار إلى أن قرارات الأمم المتحدة في الماضي، ولاسيما الصادرة في سبتمبر 2013، شجبت استخدام الأسلحة الكيميائية، موضحًا أن "جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وقفوا وراءها، وكان هناك التزام واضح في مواجهة نظام بشار الأسد"، لافتًا إلى أن العالم "قد صدم بصور الأطفال والنساء الذين تعرّضوا لهجوم باستخدام غاز الكلورين في سوريا".
وعلى الرغم من محدودية الضربات الغربية ضد قوات ومنشآت النظام السوري وصدمة معارضيه من نتائجها، لكنها تساهم في خلق قوة رقابية أشبه بالمطرقة المرفوعة التي تهدد من يفكر في القيام بعمل مهول.
النظام: مجرد فبركة
وكانت مدينة دوما، آخر جيب للفصائل المعارضة قرب دمشق، تعرّضت لغارات من قبل القوات السورية تسببت بمقتل العشرات، بينما أصيب آخرون في حالات اختناق، جراء هجوم محتمل بالأسلحة الكيميائية، بحسب الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت، التي قالت إن "هذه المعلومات إذا تأكدت مروعة، وتتطلب ردًا فوريًا من الأسرة الدولية".
واتهمت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) وفصيل جيش الإسلام و"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" قوات النظام بشنّ هجوم كيميائي. وتراوحت الحصيلة التي أوردتها منظمة الخوذ البيضاء على حساباتها في تويتر بين 40 و70 قتيلًا، معظمهم من النساء والأطفال.
لكن وسائل الإعلام السورية الرسمية وروسيا نفتا استخدام النظام أسلحة كيميائية في غارات النظام المسندة بدعم روسي على دوما.
وقالت وكالة "سانا" الرسمية للأنباء إن هدف الدول الثلاث "إخفاء كذبها"، لأنها شنت غاراتها قبيل وصول بعثة التحقيق الأممية الخاصة بالغوطة، وتتهم دمشق وموسكو الدول الغربية والمعارضة السورية بـ"فبركة" هجوم دوما.
المطلوب تدخل ثلاثيني
ورأت وزارة الخارجية الروسية، أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا اعتمدوا على اتخاذ القرار بقصف سوريا على وسائل إعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وليس على حقائق.
وقالت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: "أساس الهجوم، وفقًا لتصريحات مسؤولين أميركيين، اعتمد على تقارير سرية مزعومة من الوكالات الحكومية ذات الصلة والخدمات السرية لفرنسا، كانت جميعًا من وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية".
متابعون سوريون وعرب يتساءلون عن سبب التشديد الغربي في تحديد التدخل العسكري فقط ردًا على الهجمات الكيميائية في حين أنها تقف من دون تدخل على الهجمات الصاروخية التي تتسبب بضحايا أكثر من الهجمات الكيميائية التي يصعب تأكيدها في ظل سيطرة النظام على المناطق المشار إلى تعرّضها لهجمات كيميائية، وغياب اتفاق أممي على إدانتها، وتشريع تدخل عسكري من قبل مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي والصيني.
ثمة خلاف بين هؤلاء المتابعين للشأن السوري حيال جدوى الضربات الغربية الرادعة لقوات النظام السوري، ففريق يرى بفاعليتها طويلة الأمد في إضعاف النظام، وفريق يرى أن محدوديتها غايتها حفظ ماء وجه الدول التي شنتها لتريح ضميرها تجاه المأساة السورية، ويطالبون بتدخل ثلاثيني على غرار ما حصل في العراق عام 2003، وليس ثلاثيًا محدودًا لا يضعف النظام الذي تستعيد قواته تباعًا معاقل المعارضة المسلحة.
الخلاف على هذه الضربات امتد إلى قراء "إيلاف" الذين بلغ المشاركين منهم في الإجابة عن سؤال الاستفتاء في الأسبوع الماضي 4454: (الضربات الغربية لمنشآت سورية تضعف نظام الأسد أم تزيده قوة؟).
فقد رأت أقلية (12%) 529 مشاركًا أنها لا تضعفه، بل تقويه، وفق مقولة الضربة التي لا تسقطك تقويك!. ووجدت غالبية (88%) 3925 مشاركًا منهم أنها تضعف النظام السوري وتعطل قوته العسكرية.
التعليقات