بيروت: شملت رزمة جديدة من العقوبات الأميركية والخليجية صف حزب الله القيادي الأول المتمثل بأمين عام حزب الله حسن نصرالله ونائبه نعيم قاسم وعدد من أعضاء مجلس الشورى المعنيين بصنع القرار.
ورغم نفي مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية أن تكون الخطوة الأميركية جاءت للتأثير على تشكيل الحكومة اللبنانية أو لأغراض سياسية، يبقى السؤال ما مدى تداعيات هذه الرزمة الجديدة من العقوبات على اقتصاد لبنان، وعلى تشكيل الحكومة اللبنانية لجهة حصة حزب الله فيها؟
يؤكد البروفيسور جاسم عجاقة في حديثه لـ "إيلاف" أنه مع وجود عقوبات فإن الإقتصاد سيتضرر بطريقة ما، وإذا نظرنا بشكل مبسط ففي العام 2016، أصدرت الإدارة الأميركية لائحة عقوبات ضمن 100 شخص، وأخذ حاكم مصرف لبنان حينها القرار بتطبيق العقوبات، وأعطى تعميمًا للمصارف اللبنانية بتطبيقها، والجيد في الموضوع أنه لجم وقتها من شهية بعض المصارف في تطبيق العقوبات وحافظ الى حد ما على السلم الأهلي، ونجح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حينها في تطبيق العقوبات، وبحسب تصريحات الأمين العام لحزب الله والتي ذكر فيها في خطاباته قال بالحرف الواحد نحن لا نملك حسابات مصرفية ولا نستخدم القطاع المصرفي في عملياتنا، وهذا ساعد بتطبيق العقوبات بدون تداعيات كبيرة على لبنان.
تأثير نفسي
ويلفت عجاقة إلى أنه في قراءة مبسطة يمكن القول إن العقوبات الجديدة لن تغير كثيرًا في الوضع اللبناني، لأنه في الماضي طبقت العقوبات ولم يتأثر لبنان، ولكن وجود إسم كبير كإسم نصرالله ونائبه، يبقى للأمر تأثيره النفسي على الأسواق، إن كانت الأسواق إقتصادية أو مالية.
وباعتقاد عجاقة الشخصي تبقى خيارات رياض سلامة محدودة، بمعنى سيطبق أم لا تلك العقوبات، إذا لم يطبق فلبنان ذاهب إلى حائط مسدود، فهو ملزم التطبيق، وسوف يستخدم سلامة حنكته وخبرته الطويلة وعلاقاته الدولية لتطبيق هذه العقوبات بشكل مرن، لا يؤذي أولاً الإقتصاد اللبناني، وثانيًا القطاع المصرفي.
ويضيف عجاقة: "يملك سلامة حاليًا دعم رئيس الجمهورية اللبناني، وبالتالي سيؤمن له الغطاء السياسي حتى يطبق العقوبات كما تم تطبيقها في العام 2016، وهو سيحمي لبنان باقتصاده وبقطاعه المصرفي، وكذلك يحافظ على السلم الأهلي".
تأليف الحكومة
أما كيف تؤثر هذه العقوبات على تأليف الحكومة وتوزيع الحصص خصوصًا حصة حزب الله من الحكومة؟ يجيب عجاقة أن العقوبات بحد ذاتها لا تستهدف حزب الله بقدر استهدافها لإيران، وما يهم الولايات المتحدة الأميركية هو التضييق على إيران بالدرجة الأولى، وبحسب أميركا وحلفائها يتمثل النفوذ الإيراني في المنطقة من خلال حلفائه، وبالدرجة الأولى يأتي من ضمن الحلفاء الإيرانيين حزب الله حماس والحوثيين، وهذه العقوبات تأتي للجم نفوذ إيران في المنطقة، وانسحاب أميركا من الإتفاق النووي فتح لها المجال لاتخاذ حجج قانونية من أجل فرض عقوبات قاسية على إيران، وداخليًا في لبنان فرض العقوبات سوف يستخدم على صعيدين، اولاً على الصعيد السياسي، بمعنى أن خصوم حزب الله السياسيين في لبنان سوف يستخدمون العقوبات في السياسة، ويجب التنبه للموضوع نظرًا لتداعياته غير المحمودة، وعلى صعيد تشكيل الحكومة المسؤول الأميركي ذكر أن أميركا لا غاية لها من خلال تلك العقوبات التأثير على تشكيل الحكومة اللبنانية، ورغم ذلك سيكون هناك تأثير على تشكيل الحكومة لأن الولايات المتحدة الأميركية تحارب إيران من خلال حزب الله.
والسؤال هل يستطيع حزب الله أن يأخذ أي حقيبة في الحكومة اللبنانية فهذا الأمر يبقى من خفايا الأمور مع وجود أمر مؤكد وهو أن الحكومة لا يمكن أن تتشكل من دون حزب الله.
معنوية
ويضيف عجاقة حتى الساعة التداعيات الإقتصادية لإدراج اسم نصرالله ونائبه على لائحة العقوبات ستكون معنوية أكثر مما هي إقتصادية ولكن قد تخلق بعض التعقيدات جراء هذه اللائحة ومنها إذا أدرجوا أسماء أخرى في المستقبل لها وزنها الإقتصادي أو المالي كرجال أعمال أو شركات قد يؤدي ذلك إلى تداعيات حقيقية على الأرض.
وثانيًا قد تظهر تعقيدات أكثر تقنية، من خلال التعاملات الدولية والتحويلات المالية ستفحص أكثر، مما قد يؤخرها. وإدخال الأموال إلى لبنان كذلك قد يتأثر.
وثالثًا بعد إعلان أميركا عن لائحة العقوبات أدرجت دول الخليج الأسماء عينها على لوائحها، وبالتالي من الممكن بطريقة أو أخرى أن يتأثر بعض اللبنانيين العاملين في دول الخليج من خلال تحويلاتهم المالية الى لبنان.
ومن إحدى التداعيات لتلك العقوبات أيضًا هو مشاريع مؤتمر سيدر 1 التي ستوضع لها لجنة متابعة دولية، وبالتالي قد يكون هناك نية أميركية من عدم استفادة "مناصرين لحزب الله" من تلك المشاريع.
وقد يكون هناك عامل تأخير من خلال التدقيق على هذه المشاريع.
رغم ذلك، يضيف عجاقة، سيكون لحاكم مصرف لبنان مهمة كبيرة في التقييم بشكل دقيق لتداعيات العقوبات الأميركية والسيناريوهات المرتقبة، وعلى هذا الأساس سيكون هناك تعميمًا للمصارف لتطبيق هذه العقوبات.
التعليقات