غزة: شيّع آلاف الفلسطينيين السبت مسعفة قتلت برصاص الجيش الاسرائيلي في شرق خان يونس جنوب غزة خلال احتجاجات قرب الحدود بين القطاع واسرائيل.

وبعد ساعات أعلنت اسرائيل ان مقاتلين في القطاع اطلقوا قذيفتين على الجنوب الاسرائيلي ما اثار المخاوف من تجدد التصعيد بعد ايام من التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار وضع حدا لأسوأ تصعيد شهده القطاع منذ حرب 2014.

وتعرّضت المتطوعة في وزارة الصحة في غزة رزان النجار (21 عاما) إلى إطلاق نار في الصدر تسبب بمقتلها قرب خان يونس الجمعة.

انطلق الموكب الجنائزي للمسعفة الفلسطينية التي لف جثمانها بالعلم الفلسطيني واحتضن والدها سترتها الطبية البيضاء الملطخة بالدماء، تتقدمه سيارات الاسعاف والطواقم الطبية من مستشفى الاوروبي جنوب خان يونس الى بلدة خزاعة في شرق المدينة، حيث كان الآلاف في وداعها. 

وردد المشيعون هتافات من بينها "بالروح بالدم نفديك يا رزان" و"الانتقام الانتقام". كما طالبوا في هتافاتهم حركة حماس بالثأر لدماء النجار، مؤكدين انهم سيواصلون المشاركة في تحرك مسيرات العودة على حدود القطاع.

كانت رزان النجار قتلت وأصيب نحو مئة شخص برصاص وقنابل غاز اطلقها الجيش الاسرائيلي في الجمعة العاشرة للاحتجاجات ضمن "مسيرات العودة" قرب الحدود بين قطاع غزة واسرائيل، وفق ما اعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.

وقال الناطق باسم الوزارة لوكالة فرانس برس ان النجار "اصيبت برصاصة في الصدر اثناء قيامها بدورها الانساني في اسعاف المصابين (...) مرتدية معطفها الابيض المميز للمسعفين". وأكد انها "لم تغادر ميدان العمل الانساني والاسعاف التطوعي منذ بداية مسيرات العودة".

خرج المتظاهرون في غزة منذ 30 مارس في احتجاجات أمام الحدود تحت عنوان "مسيرة العودة" للمطالبة بعودة الفلسطينيين للأراضي التي فروا أو أخرجوا منها في حرب العام 1948 عند إعلان قيام دولة اسرائيل والتي باتت حاليا ضمن الدولة العبرية.

تخللت التظاهرات صدامات أقل عنفا، فقام بعض الشبان بالقاء الحجارة على الجنود الاسرائيليين وحاولوا تجاوز السياج الحدودي.
ومع انتهاء تشييع النجار، اندلعت مواجهات بين الفلسطينيين والجيش الاسرائيلي ادت الى اصابة عدد من الاشخاص بجروح في شرق خان يونس، كما ذكر الناطق باسم وزارة الصحة في قطاع غزة أشرف القدرة.

من جهته، أفاد الجيش الاسرائيلي أن "خلية إرهابية" تسللت من جنوب غزة وأطلق الجنود النار على الفلسطينيين الذين عادوا إلى القطاع. وبعد ساعات رصد الجيش الاسرائيلي "عمليتي اطلاق" قذائف من غزة على الجنوب الاسرائيلي حيث دوت صفارات الانذار ونزل السكان الى الملاجئ.

واعترضت منظومة القبة الحديدية الدفاعية الاسرائيلية احدى القذائف، ويُعتقد ان القذيفة الثانية لم تبلغ هدفها وسقطت داخل القطاع، بحسب الجيش.

وقال مسؤول امني فلسطيني إن دبابة اسرائيلية قصفت مركز مراقبة تابعا لحركة المقاومة الاسلامية حماس شرق مدينة غزة، من دون تسجيل اصابات في الارواح. وهي اول عملية اطلاق قذائف منذ اعلان اسرائيل قصف مواقع لحماس في غزة في وقت سابق من الاسبوع الجاري ردا على اطلاق صواريخ وقذائف من القطاع.

وبعد القصف قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو إن الجيش الاسرائيلي وجه "اقسى ضربة" منذ سنوات للمقاتلين في غزة. واعلنت جماعات اسلامية في غزة من ضمنها حماس التي تسيطر على القطاع انه تم التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار بعد التصعيد، الا ان اسرائيل لم تؤكد ذلك.

جريمة حرب
وذكر الجيش أن صدامات الجمعة شارك فيها "آلاف مثيري الشغب" في خمسة مواقع عند الحدود حيث "أحرقوا الإطارات بمحاذاة السياج الأمني وحاولوا الإضرار بالبنية التحتية الأمنية". وأضاف أنه تم إطلاق النيران على آلية للجيش، فيما عبر فلسطيني إلى اسرائيل حيث زرع قنبلة قبل أن يعود إلى غزة. 

وأكد أن لجنة داخلية تابعة للجيش "تدرس بدقة" الحالات التي على غرار حالة النجار، "يشتبه بمقتل مدنيين" فيها بنيران اسرائيلية. 
وقال منسق الامم المتحدة للشرق الاوسط نيكولاي ملادينوف في تغريدة إن "عاملي القطاع الطبي ليسوا هدفا" مضيفا أن على اسرائيل أن "تحسب ردها عند استخدام القوة وعلى حماس أن تتجنب وقوع حوادث عند السياج الحدودي".

 ونعى مصطفى البرغوثي رئيس جمعية الاغاثة الطبية الفلسطينية النجار قائلا إنها قتلت "برصاص جيش الاحتلال المجرم الذي استهدف نقطة العلاج الطبي في خان يونس". وذكرت الجمعية أن ثلاثة مسعفين آخرين أصيبوا بإطلاق القوات الاسرائيلية الرصاص الحي الجمعة. وأضاف أن "استهداف الاحتلال للنقاط الطبية وللمسعفين، جريمة حرب" بموجب اتفاقيات جنيف. 

وبمقتل النجار ترتفع إلى 123 حصيلة القتلى الفلسطينيين بنيران الجيش الاسرائيلي منذ نهاية مارس. وتراجعت حدة التظاهرات عند الحدود بين غزة واسرائيل بعد ان بلغت ذروتها في 14 مايو حين قتل 61 فلسطينيا على الاقل خلال تظاهرات شارك فيها عشرات آلاف الفلسطينيين احتجاجا على نقل السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس.

وقال رئيس الهيئة العليا لمسيرات العودة خالد البطش في كلمة قبيل أداء الصلاة على جثمان النجار ان "المنظومة الدولية أمام اختبار بعد اغتيال المسعفة رزان"، مشيرا الى أن "دماء الشهيدة رزان شاهدة على عنجهية الاحتلال وآلة بطشه بحق الفلسطيني".
وأكد "استمرار مسيرات العودة وكسر الحصار بأدواتها السلمية".