شيخان: بحذر شديد، ينزل نحو عشرة رجال نعش الرجل الذي يصفه المحتشدون بـ"الرمز" و"الأب". وبين الدموع والصلوات، وارى أيزيديو العراق الثلاثاء زعيمهم الروحي الثرى في شمال البلاد.

يؤكد زردشت ميرزا، ابن الطائفة الأيزيدية وأحد أقرباء الأمير الراحل تحسين سعيد علي، لوكالة فرانس برس أن "جميع الأيزيديين والمكونات الأخرى المتواجدة في المنطقة، كانوا يحبون الأمير".

عاشت تلك الطائفة ثلاث سنوات عجاف في ظل احتلال الجهاديين الذين ارتكبوا جرائم ترقى إلى مستوى "الإبادة"، وفق الأمم المتحدة.

وناصب تنظيم الدولة الإسلامية العداء الشديد لهذه المجموعة الناطقة بالكردية، واعتبر أفرادها "كفارا".

وفي العام 2014، قتل التنظيم أعدادا كبيرة من الأيزيديين في سنجار بمحافظة نينوى، وأرغم عشرات الآلاف منهم على الهرب، فيما احتجز آلاف الفتيات والنساء سبايا.

يضيف ميرزا صاحب اللحية السوداء الخفيفة ويلف رأسه بكوفية حمراء وبيضاء أن "الأمير تحسين كان يعتبر رمزا للأيزيديين"، حتى وإن كان يعيش في ألمانيا التي توفي فيها.

خلفه، تتدافع الحشود لنثر الزهور الملونة فوق التراب الذي غطى نعش الرجل الذي عرف بلحيته البيضاء الطويلة.

يقول مير حج رجل الدين الأيزيدي ومسؤول مراسم الحج في معبد لالش لفرانس برس إن "الأمير كان مثل أب لنا، وكان قائدا لا يفرق بين أفراد شعبه، وينظر للجميع كأنهم أولاده".

-"فراغ كبير"-

ويضيف حج "نتمنى ألا يبقى مكانه فارغا، وأن يتولى شخص مثله هذا المكان".

وسبق أن تم التطرق إلى موضوع خلافة الأمير تحسين، وقالت النائبة الأيزيدية فيان دخيل لفرانس برس إن "أمير الأيزيديين يجب أن يكون من السلالة نفسها، وبالتالي فإن الأمير المقبل للأيزيديين سيكون حازم، نجل الأمير تحسين، إذ أن الأخير عينه وكيلا له قبل وفاته، وبالتالي تكون عملية الاختيار تلقائية".

ووصل جثمان الأمير تحسين، الذي خلف والده في العام 1944 حينما كان في الحادية عشرة من عمره، صباح الاثنين إلى العراق، بعد أسبوع من وفاته في ألمانيا.

والأيزيديون أقلية ليست مسلمة ولا عربية، تعد أكثر من نصف مليون شخص، ويتركز وجودها خصوصا قرب الحدود السورية في شمال العراق.&ويقول الأيزيديون إن ديانتهم تعود الى آلاف السنين وأنها انبثقت من الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، في حين يرى آخرون أن ديانتهم خليط من ديانات قديمة عدة مثل الزرادشتية والمانوية.&

واختطف أكثر من 6400 من الأيزيديين فيما تمكن 3200 منهم من الفرار، وتم إنقاذ البعض منهم، ومازال مصير الآخرين مجهولا.

وبين 550 ألف أيزيدي كانوا يسكنون العراق قبل دخول تنظيم الدولة الإسلامية، ترك نحو مئة ألف منهم البلاد، فيما لجأ آخرون إلى إقليم كردستان.

واليوم، تعد ناديا مراد، حائزة جائزة نوبل للسلام، وإحدى الأيزيديات اللواتي تعرضن للسبي والعبودية الجنسية على يد تنظيم الدولة الإسلامية، أهم المدافعات عن حقوق الطائفة، وتكافح إلى جانب المحامية والناشطة اللبنانية البريطانية أمل كلوني لتقديم جرائم الجهاديين أمام العدالة، والاعتراف بها ك"إبادة".
&