أكدت أغلبية قراء "إيلاف" أن الحراك الجزائري لن يسير على طريق الحرب السورية أو الليبية، على الرغم من الخوف أن تستخدم السلطة الجزائرية حجج العسكرة والأسلمة لتأكيد مواقع قواها في السلطة.

إيلاف من دبي: بأغلبية الثلثين أو أكثر قليلًا، قال قراء "إيلاف" إن الجزائر، التي ترقص اليوم على صفيح ساخن، لن تكون سورية أخرى أو ليبيا أخرى، على الرغم من تصاعد حراكها الشعبي المعارض لعهدة بوتفليقية خامسة، برئيس مريض لا يتكلم ولا يقرر، يلتزم كرسيًا مدولبًا، ويقضي وقته بين غيبوبة وأخرى.

سألت "إيلاف" القارئ العربي في استفتائها الأسبوعي: "هل تسير الجزائر في حراكها المدني على خطى سورية وليبيا؟". شارك في الاستفتاء 623 قارئًا، أجاب منهم 242 بـ "نعم"ـ بنسبة 39 في المئة، فيما أجاب 381 قارئًا بـ "لا"، بنسبة 61 في المئة.

ربيع متأخر

الله يطعم الجزائر الحج والناس راجعة. هذا كان تعليق أحد المراقبين على ما سمّاه "الربيع الجزائري" المتأخر ثمانية أعوام تقريبًا. قال هذا المراقب إن ما يحصل في الجزائر ثورة شعبية بكل ما للكلمة من معنى، ولو أن لا رصاص يجابهها. ومن يقوم بها "شعب رائع" كما وصفته صحيفة "الوطن" الصادرة بالفرنسية، والتي نشرت صور الاحتجاجات المستمرة، معلقة: "إذا كان أنصار النظام يعتمدون على تراجع الحراك (...)، فقد تلقوا ردًا واضحًا وبدون هفوات".

واستعادت صحيفة "ليبرتيه" الصادرة أيضًا بالفرنسية مصطلح "الربيع العربي"، قائلةً إن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يرفض سماع الناس الذين هبّوا رجلًا واحد طالبين منه أن يرحل، أو يتظاهر بعدم سمعاهم، بينما &قالت صحيفة "الخبر" الصادرة بالعربية إن الملايين قالوا بصوت واحد "مكانش الخامسة يا بوتفليقة"، أي لا عهدة خامسة لبوتفليقة. أضافت أن "لا صوت يعلو فوق صوت الشعب".

وقالت صحيفة "وهران" إن التظاهرات ستؤدي إلى تغيير في الطريقة التي تدار بها البلاد بشفافية أكبر.

مستمرة سلميًا

ما يحصل إذًا في الجزائر هو نسخة 2019 من "الربيع العربي" الذي بدأ بنسخة تونسية في 2010. وتقول صحيفة "لوتون" السويسرية إن الجزائريين متأثرون بأهوال الحرب الأهلية خلال العشرية السوداء، ويشهدون اليوم تحركات احتجاجية صاخبة ربما تغير معالم المشهد السياسي في البلاد.

تضيف: "أكثر ما يثير الاهتمام بشأن هذه الحركة الاحتجاجية الجزائرية هو استمرارها، وانتشار معارضي ترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة على نطاق واسع يشاركون بكثافة في التظاهرات التي تتسم بطابعها السلمي، وانطلاق حركة الاحتجاجات في المشهد السياسي الجزائري الذي لم يتبلور إلى الآن فاجأ الجميع، الحكومة وقوى المعارضة على حد سواء، ولم يتوقع أحد صحوة الجزائريين الوحشية، التي يحتمل أن تغذّيها السياسة الصارمة التي تعتمدها السلطة".

تتابع الصحيفة: "الجزائريون عانوا أهوال العشرية السوداء، فاستغنوا عن حرياتهم طويلًا؛ فاستغلت الحكومات المتعاقبة شعور الشعب بالخوف لقمع أي احتجاج، لكن الجيل الجديد المتأثر بالتقانة لم يعش سنوات العنف، ولم يتردد في التعبير عن سخطه من ترشح بوتفليقة لعهدة خامسة، ومن الخروج إلى الشوارع للتنديد بذلك".

توافق سلطوي؟

لكن، منذ 22 فبراير، يوم انطلاق الاحتجاجات، لم يسجل وقوع أي إصابات بين المتظاهرين. ما يعني، بحسب المراقبين، أن السلطة الجزائرية ربما تكون متوافقة على تجنيب البلاد أي حمام دم، كما أنها لا تريد عسكرة هذه الاحتجاجات، خوفًا من تسلل جماعات إرهابية أو جهادية إسلامية إلى الحراك المدني السلمي العلماني، كما حصل في سورية وليبيا، من خلال ثغرات كثيرة. وبالتالي، يبدو أن ثمة حرص من الموالاة والمعارضة على حد سواء على ألا تعود الجزائر إلى زمن العشرية السوداء، أي الحرب التي أودت بحياة 150 ألفًا من الجزائريين بحسب التقديرات الرسمية.

أما المعاملة التي تعتمدها الشرطة الجزائرية لتفريق الحشود المتظاهرة، فما أدت إلى منع الحركات الاحتجاجية من السعي إلى تحقيق طموحها السلمي، وما أثارت حمية الشباب المتظاهرين ليهاجموا الشرطة، بل كان رد المحتجين على ضربات الشرطة رفعهم الشعار: "الشعب والشرطة إخوة".

... أو ثغرة موعودة؟

لكن الخوف موجود دائمًا. يرى مرقبون لصيقون من صفوف الثورة أنه خلال العشرية السوداء، منذ مطلع التسعينيات إلى بداية الألفية الثانية، قُتل 200 ألف جزائري برصاص الجيش في حربه لإخضاع الجزائريين. وظل الجيش يحكم، وما زال يحكم من وراء بوتفليقة. لذا، الخوف كله اليوم من أن يجد الجنرالات أن استمرار حكم "جثمان" بوتفليقة يلائمهم، والطريق إلى ذلك قمع الثورة. وكانت أولى بوادر ذلك تصريح منسوب إلى بوتفليقة الراقد في مستشفى سويسري يحذر فيه من "طوق من الأزمات والمآسي على حدونا بفعل الإرهاب عند البعض من جيراننا، ولئن جعل الله الجزائر في مأمن حتى الآن في وسط هذه الزوبعة، فإن ذلك لا يخوّل لنا أن نغفل عن الاحتراس والتحلي باليقظة لصون بلادنا الغالية".

أضاف: "الكثير من الحاقدين من خارج البلاد تحسروا على مرور الجزائر بسلام وأمان بفضلكم أنتم الجزائريين والجزائريات، عبر أمواج ما يسمى الربيع العربي.، وقولي هذا ليس من منطلق التخويف، بل من موقف المسؤولية ومن حرصي على صون وأداء الأمانة". فهل هذه ثغرة لقمع الثورة بحجة اندساس "الحاقدين"؟