الرباط: أجمع أكاديميون مغاربة على ضرورة الحفاظ على اللغة العربية كلغة رسمية، تصون الهوية والثقافة، عوض تهميشها بسبب "عبث السياسيين" المساندين لتكريس الفرنكفونية، من خلال إقحام اللغة الفرنسية في المنظومة التعليمية.

وقال عبد الناصر الناجي، أستاذ التعليم العالي بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، في جلسة علمية، بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني السادس للغة العربية، السبت، بالرباط، إن أهم مشكل يواجه السياسة اللغوية لدى العرب هو ضعف القرار السياسي وهيمنة التعددية التي تخدم المصالح الاستعمارية و عدم سن تشريعات تخدم الصالح العام.

و دعا إلى ضرورة"تعريب الفكر" لمواجهة قضية التدريس بلغة أجنبية في المؤسسات التعليمية بالمغرب، من خلال حركةتخلصها من التبعية الفكرية والاقتصادية للغرب، في إطار التبادل وليس الإلزام.

و أوضح الناجي أن معظم الدول المستعمرة تبنت لغة المستعمر كلغة رسمية بقوة القانون أو الواقع، في الوقت الذي تركز فيه الدول الكبرى على لغة رسمية واحدة.

و أفاد أن الدول الرائدة عالميا في مجال البحث العلمي تعتمد على التدريس بلغاتها الرسمية وليس إقحام لغات أخرى في نظامها التعليمي.

و قال الناجي:"هناك اتجاه نحو تشويه اللغة العربية لدى الشباب العربي و المغربي بصفة خاصة، رغم أنها من أكثر اللغات تداولا و تأثيرا على مستوى العالم، حيث تحتل الرتبة الخامسة، بينما تأتي الفرنسية في المرتبة السابعة".

من جهته، اعتبر الأستاذ الجامعي بمراكش، عبد الجليل هنوش، أن اللغة العربية تعيش أزمة حقيقية بالمغرب، في ظل مرض"انعدام الأمن اللغوي" الذي تفرضه اللغة الفرنسية، التي لا تقبل المنافسة، وهو الأمر الذي كان الفرنسيون أول ضحاياه، حينما تم قمع اللغات الجهوية في بلادهم.

و قالت الأستاذة في مركز مهن التربية والتكوين بالرباط، رشيدة الزاوي، أن التخطيطات اللغوية المعتمدة في المغرب"زئبقية"، تنفلت من الواقع و ترفض تشخيصه فعليا.

و أفادت أن المشكل يكمن في الرغبة الجامحة في عدم استمرار التعريب، بدعوى أن اللغة العربية قاصرة، والحال أنها فريدة بغناها، إضافة إلى أنها وسيلة للرقي الاجتماعي.

و انتقد الكاتب والناقد، نجيب العوفي، إقحام العامية المغربية في التعليم، خاصة أنها ليست لغة معيارية مؤصلة، تفتقد لقوانين في النحو والصرف ولا تتوفر على مراجع، فضلا عن كونها فقدت لصفائها، لتصبح هجينة بين العربية والفرنسية، في مشهد شيزوفريني كاريكاتوري يثير الأسى والسخرية.

و قال العوفي:"هناك دعوة لتكريس الأمية و تمييع المدرسة العمومية و الناشئة بالمغرب، ليظل خيار العربية هو المنقذ من العبث، وإلا فإن البلاد سترقص على شفا جرف هار".

و ذكر الأستاذ الباحث، عبد الحق لبيض، أن النقاش اللغوي ليس جديدا، بدأ منذ عهد الحماية، حينما أثارته الحركة الوطنية التي كانت تعتبر اللغة رمزا للهوية و الأفق الوطني.

و نادى لبيض بثورة ثقافية يستعيد من خلالها المغرب قراره الوطني، و ينفتح على مجالات متعددة، فتكريس الفرنكفونية ضيع على الاقتصاد الوطني فرصة الانفتاح على اقتصاد و تجارب دول أخرى.

و أوضح الأستاذ الجامعي، علي واسو، أن تكريس اللغة الفرنسية في التدريس مس خطير وغير مقبول بالسيادة الوطنية.

و قال واسو:"القول إن العربية قاصرة عن تدريس العلوم بهتان وافتراء، فكل لغات العالم قادرة على هذا الأمر، هناك من يدعي أنها لا توفر لخريجيها الحصول على عمل، والسبب هيمنة الفرنسية من دون منازع على المجال السياسي والاقتصادي".