برلين: أثبتت دراسة علمية سابقة، حاكت التغيّرات البيئية المتوقعة لسنة 2040، أن البرتقال سيفقد طعمه، ويتعذر صنع الخبز من الحنطة، وتفقد المحاصيل عموماً قيمتها الغذائية.&

وتضيف دراسة جديدة الآن أن الأمطار ستقل في معظم بقاع العالم في سنة 2040، إذا استمرت التغيّرات المناخية بالتدهور على هذا المنوال، وخصوصاً في منطقة البحر الأبيض المتوسط. كما ستتغير نحو الأسوأ شروط زراعة أهم المحاصيل الزراعية التي يعتمد عليها العالم في التغذية، مثل الحنطة والذرة والصويا والرز.

والأهم ما في موضوع الدراسة هو ان العلماء توصلوا إلى هذه النتيجة بحساب ان البشرية ستنجح سنة 2040 في تحقيق الأهداف التي رسمها مؤتمر باريس 2015 حول المناخ وتقليل انبعاث الغازات المضرة بالجو. وهذا يعني ان الصورة ستكون أكثر قتامة إذا ما استمرت البشرية في تلويث البيئة التي تعيش فيها.

أجرى الدراسة علماء من المعهد العالمي للزراعة الاستوائية (CIAT) &بالتعاون مع علماء من جامعة ليدز، ونشرت في مجلة "الزراعة اليوم" الألمانية. وتكشف الدراسة، كما هو متوقع ان تتغيّر خريطة العالم المطرية نحو الاسوأ، فتشهد بعض مناطق اميركا الشمالية وجنوب أفريقيا استراليا وجنوب أوروبا المزيد من الأمطار، في حين ستعاني مناطق البحر المتوسط والمناطق الاستوائية، وبعض المناطق الشمالية من العالم من قلة الأمطار.

جفاف وأمطار تهدد المناطق الزراعية

عمل العلماء على أربعة سيناريوهات مختلفة، لدرجات متفاوتة من تركيز الغازات الضارة بالبيئة في العام 20140، وتوصلوا إلى ان 14% من المناطق الزراعية الخاصة بزراعة الحنطة والرز والصويا والذرة ستشهد المزيد من الجفاف، في حين تشهد31% من منطاق زراعة المحاصيل الأخرى أمطاراً أكثر.

وكتب العلماء ان الدراسة تثبت ان هذه التغيّرات الجفافية أصبحت أقل مأساوية كلما قل تركيز الغازات الضارة بالبيئة في الجو. وسيلحق الجفاف بفعل التغيّرات المناخية مناطق جنوب القارات، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، أكثر من غيرها.

أمطار أكثر ستهطل في المناطق الشمالية من العالم مثل كندا وروسيا وشرق الولايات المتحدة. يضاف إلى ذلك استثناءات صغيرة مثل شمال الهند. وهذه المناطق مسؤولة عن توفير الحاجة من السعرات الحرارية إلى40% من سكان الأرض. ويؤكد العلماء أن زيادة الأمطار كنقصانها، لأنها ستتطلب من المناطق المعرضة للجفاف، والمناطق المعرضة للغرق، اجراءات وقائية أكثر كلفة وجهداً، كما ستتطلب الزراعة في شروط جديدة.

وستحتاج هذه المناطق إلى سنوات طويلة كي تتكيف مع التغيرات المناخية. وظهر في سيناريو الكثير من غاز الميثان سنة2040 أن الحقول الزراعية ستتطلب 3 سنوات أكثر كي تتكيف مع التغيرات في سيناريو الكثير من غاز ثاني أوكسيد الكربون.

الجفاف سيصيب الجزائر المغرب

وفي سيناريو التلوث المتوسط بالغازات الضارة بالبيئة سنة2014، ستقل الأمطار على27% من مناطق زراعة الحنطة في استراليا. لكنّ أكثر المتضررين هم الجزائر والمغرب ومناطق البحر المتوسط الأخرى.
وتتوقع الدراسة ان تقل الأمطار على المناطق الزراعية في الجزائر بنسبة100% في سيناريو التلوث البيئي. تليها المغرب بأمطار أقل بنسبة91%، وجنوب أفريقيا بنسبة79%، واسبانيا(55%) وشيلي(40%) وتركيا(28%) و ايطاليا(24%) ومصر(15%). وكلما زاد التلوث الجو بالغازات كلما زادت الأرض جفافاً، بحسب العلماء.

وقالت مايزا روخا، رئيسة فريق العمل من جامعة"دي شيلي"، ان على البلدان المذكورة أعلاه أن تتحرك قبل غيرها لحماية انتاجها من الحنطة من التغيرات البيئية. وأضافت ان التغيرات في نسب هطول الأمطار لا تتعلق بالزراعة فقط، وإنما بتوفر مصار المياه الحلوة. ولهذا فإن الدراسة هي تحذير للعلماء في المجالات الأخرى أيضاً.

أكثر جفافاً أو أكثر رطوبة

تكشف الدراسة جانباً مهماً آخر من أوجه التغيرات المناخية بالعلاقة مع توزيع الأمطار في العالم. إذا ان هذه التغيرات سريعة تجري سريعاً سواء على صعيد تلوث الجو أو على صعيد انحسار أو زيادة الأمطار في العالم، وهذا يظهر من مقارنة هذه العلاقة بين1985-2005 (اي عشرين سنة) والفترة 2005-2020. علماً ان التغيرات في نسب الأمطار بسبب تلوث الجو تحصل منذ الآن في روسيا والنرويج وكندا وأجزاء من الساحل الشرقي للولايات المتحدة.

وحذر جوليان راميرز- فيليغاز، من المعهد العالمي للزراعة الاستوائية (CIAT)، من أن 32% من مناطق زراعة المحاصيل في العالم ستكون أكثر جفافاً أو أكثر رطوبة سنة2040 من الآن. وأضاف ان المزارعين في هذه المناطق سيجدون صعوبة بالغة في التعامل مع الشروط &الزراعية في ظل التغيرات المناخية الجديدة.&