فاز مخرجون من من تونس والعراق ومصر ولبنان وهنغاريا في مهرجان بي بي سي عربي الخامس للأفلام والوثائقيات 2019، الذي عرض فيه 24 فيلمًا تناولت قضايا المنطقة العربية وأزماتها.&

إيلاف من لندن: على مسرح راديو بي بي سي التاريخي في لندن، اختتم مهرجان بي بي سي عربي الخامس للأفلام والوثائقيات 2019، بعدما جمع مخرجين من تونس والعراق ومصر ولبنان وهنغاريا ودول أخرى على مدار ستة أيام، عُرض خلالها أربعة وعشرين فيلمًا تناولت قضايا المنطقة العربية وأزماتها، وتفاوتت موضوعات الأفلام الفائزة بين النقد السياسي الساخر والثورة والكوارث البيئية والحرب وبلوغ سن الرشد.

صاحبت العروض جلسات حوارية مع المخرجين وحلقات نقاشية عن تحديات تواجهها صناعة الأفلام والوثائقيات والإنتاج الصحافي.

يحرص المهرجان على تعزيز موقعه الرائد، بإبرازه أعمالًا فريدة لمواهب واعدة، وعرضه أفلامًا لمخرجين معروفين يتطرقون إلى موضوعات مميزة من العالم العربي.

الحال زين
فازت التونسية رباب مباركي بجائزة المهرجان للصحافي الشاب عن فيلمها "الحال زين يا للّا؟"، الذي تنقل فيه صورة صادمة ومجهولة عن التدهور البيئي في تونس، وهي كانت "شجاعة في تسليطها الضوء على الدمار البيئي في مدينتها، قابس. ففي الوقت الذي استرعت الحروب والهجرة اهتمام غالبية الناس، ركّزت رباب على تلوث المياه، واختارت أن تتناول المشكلة بطريقة تربط مدينتها بالعالم"، بحسب سمير فرح، رئيس بي بي سي عربي.

تنقل عدسة المباركي تقاسيم الموت في قابس، لا شيء يوحي بالحياة هناك، لون البحر يدنو شيئًا فشيئًا من السواد معلنًا بداية الحداد، واليابسة مكفهرة والأثير عابس، وابتسامات الصيادين تأبى التحرر من الوجع. الوثائقي، وإن لم يغرق في السوداوية، فإنه لامس قلب المأساة في قابس، ونقلها بطريقة امتزجت فيها الدراما بالأمل، وخلقت الضحكة من الشهادات العفوية للبحارة.

طيور سنجار
فاز العراقي أحمد عابد بجائزة مهرجان بي بي سي عربي لأفضل عمل صحافي عن فيلمه "طيور سنجار"، الوثائقي القصير الذي يروي قصة الشاب هادي، الذي نجا مع قليل من الناجين من مجازر تنظيم الدولة الإسلامية بحق الإيزيديين في الموصل، والذي يعكس واقعًا مريرًا بحس فني دافئ، "بينما انشغلنا بالخطر المحدق الذي شكّله ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية على الأقليات والنساء والعالم أجمع، لم نسمع الكثير عن رد فعل الشباب حيال الأمر. لكن أحمد تناول بأسلوب سردي وشاعري بليغ قضايا الشباب والسلاح والعنف"، كما تقول شيماء بوعلي، مديرة مهرجان بي بي سي عربي.

تم تصوير الفيلم في قضاء سنجار، فضلًا عن تصوير بعض المشاهد في تركيا، ويروي حكاية هادي وهروبه نحو جبل سنجار في محافظة نينوى، وحمله السلاح في سن الثامنة عشرة، بعد غزو داعش الموصل وسنجار.

أمل صيام
فاز المصري محمد صيام بجائزة المهرجان لأفضل وثائقي عن فيلمه "أمل"، وهو قصة فتاة في الرابعة عشرة من عمرها دخلت طور النضج عقب الثورة في مصر، مقدمًا لمحات متفاوتة من السنوات الست، التي شهدت حوادث وتطورات سياسية محورية عدة، وتغيرات جذرية في حياة أمل.

تدور قصة هذا الوثائقي الطويل حول الفتاة "أمل"، التي رصدتها كاميرا محمد صيام، والتي عاشت العنفوان الثوري الذي عاشتها مصر في شتاء 2011، وكانت في تلك المرحلة في أواخر سنوات الطفولة وبداية المراهقة، تمامًا مثل مصر، التي كانت تعيش فترة مخاض ما بين الخروج من براثن الإستبداد والتأسيس لمرحلة الحرية.&

بيقظة ودقة وصبر وجلد تتابع كاميرا محمد صيام عنفوان أمل الذي يتقاطع مع العنفوان الثوري ويرصد صخبها وإندفاعها وحلمها بحياة أفضل. فهذه الفتاة التي تريد أن يكون لها موقف مما يحدث في بلدها وتسهم بطريقتها في بناء حلمها في خلال المشاركة في الثورة.

فقد قررت أمل رغم صغر سنها أن تنخرط دونما قيد أو شرط في في مسار الثورة، وقضت وقتًا طويلًا من عمرها وهي تسهم في الميدان في هذا الفعل الثوري لتشارك في أعمال التظاهر والإصطدام مع قوة النظام إلى جانب الصدام والسجال مع أولئك الذين يختلفون معها على مستوى الرأي والفكرة والموقف.

كوكا الذباح

فائزون أيضًا
فاز المخرج الهنغاري بنسي ماتي، جائزة المهرجان لأفضل وثائقي قصير عن فيلمه "كوكا الذبّاح" عن سباق الحمام البلدي الشهير في القاهرة. يتمحور عالم كوكا حول طير عادي ومعروف وهو الحمام. ولكونه شخصية معروفة في القاهرة في عالم سباقات القتال بين الحمام، يكرس كوكا وقته لتدريب ورعاية مئات الحمام في البرج الخشبي الذي بناه بنفسه. ويتعرض لضغط كبير من السكان المحليين المحافظين لترك قتال الحمام، ويواجه احتمال أن تصل أيام هوايته هذه إلى نهايتها. فيلم ماتي قطعة من التوثيق الديناميكي لسباقات الحمام الأسطورية في القاهرة.

مانيفيل

وفاز اللبناني فادي باقي بجائزة أفضل فيلم قصير عن فيلمه الساخر "مانيفيل - آخر أيام رجل الغد"، عن الإنسان الآلي الذي أهداه شارل ديغول لبيروت في عام 1945، ولا يزال مخيِّمًا كالشبح في قصر بيروتي مهجور. وعن التقلبات في حياة الإنسان الآلي التي تعكس الواقع الذي يعيشه لبنان. الوثائقي يواكب "رجل الغد" وهو يخرج من عزلته ليخبرنا عن سيرته ويتعرف إلى لبنان اليوم، سرعان ما تتعارض ذكريات مانيفيل مع الواقع كما يرويه من عرفوه في ماضيه.

سبية

وفاز ضياء جودة بجائزة أفضل فيلم يطرح قضايا الساعة عن فيلمه "سبية"، الذي يحكي كيف شن تنظيم الدولة الإسلامية هجومًا داميًا ضد الإيزيديين في شمال العراق في عام 2014، من خلال قصة امرأة تشيد حصنًا منيعًا من الصمود والفطنة، بينما لاذ المحيطون بها بالفرار، بالاستناد إلى قصة الروائي العراقي حسن بلاسم.