صدقت توقعات قراء إيلاف وفاز بنيامين نتانياهو في انتخابات الكنيست. فما هي أسباب فوزه الداخلية والخارجية؟

إيلاف: انتهت الانتخابات الإسرائيلية إلى فوز شبه ساحق لبنيامين نتانياهو على منافسه بيني غانتس. لكن النتيجة التي تتبدى اليوم، قبل الإعلان النهائي عن عدد الأصوات التي رجحت فوز نتانياهو، ترسم مشهدًا سياسيًا إسرائيليًا يمينًا بامتياز.

تصويتان

كانت "إيلاف" طرحت سؤال استفتائها الأسبوعي: "من تتوقعه فائزًا في انتخابات إسرائيل؟". وفي احتساب مبكر للأصوات، شارك في التصويت 343 قارئًا، فنال نتانياهو 249 صوتًا، بنسبة 73 في المئة، فيما نال غانتس 94 صوتًا، بنسبة 27 في المئة، أي أتى الاقتراع الإسرائيلي موافقًا توقعات قراء "إيلاف".

حصلت أحزاب اليمين من معسكري نتانياهو وغانتس على 100 من 120 مقعدًا في الكنيست الإسرائيلي، فيما حصل حزب العمل على 6 مقاعد بعدما نال 180.858 صوتًا، مقابل 1.065.344 صوتًا لليكود و1.051.986 صوتًا لحزب كاحول لفان بقيادة غانتس.

عربيًا، خسر المجتمع الفلسطيني ثلاثة نواب، بعدما حصلت القائمتان العربيتان اللتان خاضتا الانتخابات على 10 مقاعد مقابل 13 مقعدًا كانت القائمة المشتركة للأحزاب العربية حققتها في الانتخابات الماضية.

صورتا نتانياهو

حسنًا، فاز نتانياهو، وبالتالي سيتولى منصب رئيس الوزراء في إسرائيل مرة خامسة، في إنجاز غير مسبوق في تاريخ إسرائيل. ومن كان يتوقع أن تطول مدة حكمه إلى هذا الحد، وهو الذي تسلق السياسة بفارق ضئيل أول مرة انتخب فيها رئيسًا للوزراء في عام 1996.

لكن، هذا السياسي الإسرائيلي الذي طالما قيل فيه إنه عديم الخبرة في السياسة، وينتهج سياسات تدمر إسرائيل، استطاع أن يرسخ في أذهان الإسرائيليين صورتين له: هو من يقدر على الحفاظ على أمن إسرائيل في هذا الجو الشرق أوسطي المتفجر، متشددًا تجاه الفلسطينيين، مقدمًا هواجس إسرائيل الأمنية على عملية السلام مع الفلسطينيين.

غير أن النتائج كانت مفاجئة بعدما بينت استطلاعات الرأي الثلاثاء تراجع شعبيته، وتوقع الجميع فوز غانتس. فلماذا فاز نتانياهو في انتخابات الكنيست الحادية والعشرين؟

بلفور جديد!

يقول مراقبون&إن الأميركيين والروس قدموا لشعبية نتانياهو تنفسًا اصطناعيًا، وأعادوه إلى رأس الحكومة.

أميركيًا... وفى الرئيس دونالد ترمب بوعده بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل فى ديسمبر 2017، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وقبل اسبوع أو أكثر قليلًا من الانتخابات، وفى بوعد آخر بإعلانه وضع الجولان تحت السيادة الإسرائيلية.

وبحسب أحد المراقبين إن الوعدين بالنسبة إلى نتانياهو اليوم، الذي تداهمه ملفات فساد يمكن أن تدخله السجن، يوازيان وعد بلفور الذي كان السبب في ولادة دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية. فإعلان ترمب "الجولاني" لفت أنظار الإسرائيليين نحو زعيم الليكود، فمنحوا اليمن المتطرف أصواتهم.

دفعة الرفات

روسيًا... حملت طائرة "العال" الإسرائيلية رفات الجندي زخاري بوميل، أحد مفقودي معركة السلطان يعقوب في الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، الذي أعيد من سوريا&في الرابع من أبريل الجاري، بمسعى روسي حثيث.

يومها، قال محللون إسرائيليون إن توقيت تسليم هذه الرفات هدية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام السوري بشار الأسد لنتانياهو قبيل انتخابات الكنيست، سعيًا لدعمه للفوز بولاية خامسة. وحين سئل مراقب إسرائيلي عن دافع الأسد لتقديم هذه الهدية إلى نتانياهو، قال مبتسمًا: "ألا يعرف الأسد أننا منعنا إسقاطه دوليًا؟".

إلى ذلك، سارع عاموس هرئيل، المحلل في صحيفة "هآرتس"، يوذاك إلى القول: "يُحتمل أن يترجم هذا الإنجاز لنتانياهو في المجال الانتخابي، فيستطيع حسم المنافسة، لأن عودة رفات بزميل تشهد على قوة ووثوق علاقاته الشخصية بالقادة الأجانب، وقدرته على تسخيرها لخدمة بلاده، وحرصه على إعادة رفات الجنود الإسرائيليين المفقودين".

أسباب أخرى

ثمة أسباب أخرى لفوز "بيبي" بالانتخابات، عددتها "هآرتس" ضمن توقعها نتائج الانتخابات. تقول الصحيفة الإسرائيلية إنه على رأس السلطة منذ سنوات طويلة، ولا يستطيع الإسرائيليون تخيل الحياة من دونه، ما يعني أن فكرة استبداله تتطلب تحديًا لا يستطيعون مواجهته الآن، خصوصًا أنهم خائفون مما يحصل حولهم، تحديدًا في سوريا&ولبنان، حيث&إيران وحزب الله، العدوان اللدودان لإسرائيل، يسرحان ويمرحان بلا رقيب، على الرغم من تدخل المقاتلات الإسرائيلية حين تدعو الحاجة.

كما أن نتانياهو، بحسب الصحيفة، قادر على التلاعب بعقول الناس وأفكارهم أكثر من أي سياسي إسرائيلي آخر، وتجمعه علاقة قوية بترمب وبوتين، وبالتالي قادر على فرض وجهة نظر إسرائيل اليمنية في موضوعات يعتبرها الناخب الإسرائيلي مصيرية، في مقدمها الاستيطان في الضفة الغربية، وإقامة الدولة الفلسطينية، ورفض مبدأ حل الدولتين، والسعي إلى تنفيذ صفقة القرن التي تدفع فلسطينيي غزة في اتجاه صيناء المصرية، وفلسطينيي الضفة الغربية إلى كونفدرالية مع الأردن.

في المقابل، تذكر الصحيفة إن غانتس ساهم في فوز منافسه، فعلى الرغم من مؤهلاته الكثيرة، ارتكب أخطاء قلبت مؤيديه إلى معارضين له.