الرباط: قال محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة بالمغرب ، الخميس، بفاس، إن "مهنة المحاماة باعتبارها جزء من القضاء، ملزمة بالانخراط الواعي والمسؤول في دينامية التغيير والتحديث، بما يقوي من موقعها المؤسسي الفاعل في مواصلة بناء دولة القانون".

وشدد عبد النباوي، في افتتاح أشغال المؤتمر الـ 30 لجمعية هيئات المحامين بالمغرب، التي تتواصل على مدى ثلاثة أيام، تحت شعار "من أجل تشريع يحقق الولوج المستنير إلى العدالة"، على أنه "إذا كانت التحديات التي واجهها الرعيل الأول من القضاة والمحامين هي الكفاح والصمود من أجل أن تبقى مهنة المحاماة وفية لرسالتها الخالدة، وتمارس دورها الحيوي كمؤسسة محورية في نظام العدالة، مدافعة عن استقلال القضاء والمحاماة، مناضلة في سبيل ترسيخ القيم والأعراف والممارسات المهنية الفضلى بين المحامين، فإن الظرفية المعاصرة تفرض اليوم، بالإضافة إلى ذلك كله، تأهيل المهنة بالإقدام على ثورة معلوماتية في بنيتها، تمكنها من مواكبة المتغيرات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الوطنية والدولية، ومسايرة ظروف عولمة الأسواق وشروط المنافسة الاقتصادية، وتعاظم دور المبادلات الإلكترونية والعلاقات الرقمية، بما يفرضه كل ذلك من تحديات على رجال القانون، وفي مقدمتهم القضاة والمحامون".

وزاد عبد النباوي قائلا: "إن موقعنا في السلك القضائي يؤهلنا للدفاع عن مصالح جميع مكوناته، والمحاماة واحدة منها، لأن إصلاح القضاء لن يتم من دون &انخراط كافة مكونات منظومة العدالة في برامج التحديث والتأهيل والتكوين التخصصي".

وتطرق عبد النباوي إلى سياق تنظيم المؤتمر، فقال: "هي لحظة تدعونا لشحذ الهمم ومُظافرة الجهود، من أجل تحقيق الانتقال الدستوري العظيم للسلطة القضائية المستقلة الذي نعيشه جميعا خلال هذه الفترة، والتي يسجل التاريخ مدى مساهمتنا فيها، لتقرأه الأجيال القادمة .. إن التاريخ لا يَنْسى .. كما أن المواقف الصادقة تفرض نفسها على كتاب التاريخ، فتؤرخ لنفسها دون حاجة لبلاغة المؤرخين، ولذلك علينا نحن، أبناء هذا الجيل من مكونات العدالة جميعا، ومن فعاليات المجتمع، ومن ممثلي السلطات المختلفة، أن نستحضر أن التاريخ يكتب اليوم، لمن يريد أن يكون له فيه مكان. والواقع أن القضاة والمحامين، بالإضافة إلى سلطات الدولة والقوى الحية بها توجد في صلب الأحداث والتحولات التي تعرفها العدالة في بلادنا، وقد كانوا فاعلين أساسيين في كل المحطات الأساسية في نظامنا القانوني والقضائي، التي أفضت إلى النموذج القضائي العظيم الذي تجسد اليوم باستقلال السلطة القضائية، والذي تحقق باتحاد إرادة جلالة الملك والشعب المغربي، تلك الإرادة التي ترجمها الخطاب الملكي لــ 9 مارس 2011 باعتبار استقلال السلطة القضائية محوراً من محاور المراجعة الدستورية، ثم الإقبال الكثيف للمواطنين على التصويت الإيجابي للدستور، الذي جعل السلطة القضائية سلطة ثالثة في الدولة، وليست سلطة فقط، وإنما سلطة مستقلة عن السلطتين القائمتين قبلها (التشريعية والتنفيذية)، يضمن جلالة الملك استقلالها".

ورأى عبد النباوي أن تنظيم المؤتمر، تحت شعار "من أجل تشريع يحقق الولوج المستنير إلى العدالة"، "يعكس مدى وعي جمعية هيآت المحامين بأهمية الموضوع وراهنيته، نظراً لملامسته لحق أساسي وشرط أولي لضمان التمتع الفعلي بكل الحقوق التي تكفلها المعايير الدولية لحقوق الإنسان في الولوج إلى العدالة".

وشدد على أن "الولوج إلى العدالة يعتبر المرتكز الأساس، لجميع آليات حماية حقوق الإنسان، القضائية منها وشبه القضائية، وهو ما يقتضي بشكل خاص سن قوانين توفر الحماية القانونية للمواطنين، ولاسيما للفئات الفقيرة والهشة، وتتبع الولوج السهل للعدالة، والاجتهاد في توفير الآليات وابتكار الأساليب التي تجعل الولوج إلى العدالة متاحا وميسراً، ولاسيما عن طريق الوسائل الرقمية والتكنولوجية وسهولة المساطر ووضح الإجراءات، بالإضافة إلى تعريف كافة المواطنين والمرتفقين بالقوانين والمساطر المتصلة بجهاز القضاء، مع تجاوز عائق اللغة من خلال توفير الترجمة بالمحاكم، ودعم تعلم مهنيي القضاء اللغات الأجنبية واللغات واللهجات الوطنية".

كما أكد، في معرض كلمته، "تجند جميع أعضاء النيابة العامة لخدمة حقوق الدفاع، والعمل على حماية الممارسات المهنية للمحاماة من كل ما يتهددها من إخلالات أو اعتداءات"، مع تنويهه بـ"مواقف المحاميات والمحامين المغاربة من القضايا الوطنية العادلة"، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، ممثلا لذلك بما عبر عنه رئيس جمعية هيئات المحامين الحالي والنقباء والمحامين أعضاء مكتب الجمعية خلال فترة ولايتهم الجارية، ببعض المحافل الجهوية والإقليمية، من "مواقف مشرفة انتصروا فيها لعدالة قضيتنا الوطنية الأولى وفرضوا بإرادتهم وعزيمتهم احترام الشرعية الدولية".