طالب باحثون وأكاديميون دوليون عرب وأجانب &المجتمع الدولي بالعمل على ردع التدخل الإيراني الكارثي على أمن المنطقة وإجراء محاكمات دولية عاجلة لرموز النظام الإيراني جراء جرائمهم في المنطقة ومنح الشعوب الإيرانية غير الفارسية حق تقرير المصير ووقف الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في إقليم الأحواز العربي الذي تحتله إيران.

إيلاف: جاء ذلك خلال ندوة موسعة نظمها "مركز الخليج الأوروبي لحقوق الإنسان" في لندن بمشاركة باحثين وأكاديميين دوليين ومتخصصين ونشطاء وخبراء وإعلاميين حول "التأثير الإيراني على حقوق الإنسان في المنطقة".&

وأوضح خبراء في القانون الدولي وحقوق الإنسان شاركوا في الندوة مساء أمس أن الهدف الرئيس لها هو حث المجتمع الدولي على إنهاء التأثير الإيراني الكارثي على أمن المنطقة وحقوق الإنسان من خلال التركيز على المنظمات الدولية للضغط على طهران لإنهاء جميع انتهاكاتها في المنطقة. وأشاروا إلى أن حالة حقوق الإنسان في المنطقة مروعة بسبب التدخل الإيراني، من خلال احتلال أراضي شعوبها، مثل الأحوازي والبلوشي، واحتلال الجزر الإماراتية الثلاث وسيادة دول، مثل العراق وسوريا واليمن، ومحاولة استهداف سيادة واستقرار البحرين ولبنان بشكل مباشر وغير مباشر من خلال الميليشيات المسلحة الإرهابية.&

استهداف البحرين
وقال فيصل فولاد، رئيس جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان، إن إيران حاولت التأثير على أمن واستقرار البحرين من خلال عملائها، وهناك توجد جهات فاعلة عدة (في إيران) تحاول استهداف البحرين.&

أضاف ان الدستور الإيراني يقر بشرعية التدخل في الشؤون الوطنية للدول الأخرى، وخاصة في الخليج العربي والبحرين تحديدًا، التي تطالب إيران بالسيادة السياسية على هذه المملكة بمزاعم اعتبارها واحدة من المناطق الإدارية الإيرانية.. منوهًا بأن المادة 12 من الدستور الإيراني المعدل لعام 1989 تنص على شرعية التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للبحرين والدول العربية والإسلامية كنهج عقائدي وسياسي وفقًا لحكم الولي الفقيه، وهو أن مبدأ "تصدير الثورة شريعة الله".

وقال إن الجهة الثانية الناشطة ضد استقرار وأمن البحرين هي مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي. وعلى سبيل المثال أعربت إيران بشكل رسمي ومن مكتب مرشد عن عدائها القوي وموقفها المتحيز تجاه البحرين من خلال سلسلة من الأنشطة المنتظمة وتدابير الضغط، التي وزعت في جميع أنحاء مؤسسات الدولة والمدارس الدينية، وانتشرت في الشارع الإيراني. وأكد أن علي خامنئي يواصل تدخله في الشؤون الداخلية للبحرين، ويؤكد الصراع الطائفي منذ أحداث 14 فبراير 2011 في البحرين حتى خطابه الأخير في عام 2019.&

السياسي اليمني بن حمدين يلقي كلمته

ونوه فيصل فولاد بأن هذا التوجه لمكتب المرشد الأعلى ومؤسسات الدولة الإيرانية بكل أدواتها يهدف إلى إدامة الاضطرابات الداخلية وتصعيد الأنشطة العدائية داخل البحرين، والضغط السياسي، لتمكين الميليشيات وعملاء إيران من تحقيق أهدافها ضد استقرار وأمن هذا البلد. وأوضح أنه على سبيل المثال تقوم وزارة الخارجية الإيرانية بالتدخل وإدانة تصرفات حكومة البحرين في التعامل مع الأحداث، ومحاولة الوزارة تقديم شكاوى مستمرة إلى مجلس الأمن الدولي والمنظمات الدولية، كما تعمل الحكومة الإيرانية عبر القنوات الإعلامية لإدامة احتجاج المعارضة البحرينية تحت شعار "الإطاحة بالنظام". قناة العالم هي إحدى مؤسسات هيئة الإذاعة.&

أضاف إن البرلمان الإيراني يواصل من خلال لجنة العلاقات الخارجية إصدار بيانات معادية للبحرين، ويدعو إلى تغيير النظام بالقوة، ويحث المعارضة على عدم الدخول في حوار وطني مع الدولة.&

انتهاكات حقوق الإنسان في الأحواز مروعة
وقال كميل البوشوكه الباحث في مجال القانون الدولي إن وضع حقوق الإنسان في الأحواز العربية، التي تحتلها إيران، مروع ويحتاج اهتمام المجتمع الدولي بهذه القضية، وأشار إلى إأن الحرس الثوري الإيراني يسيطر على كل الأمور الاقتصادية والأمنية والعسكرية في الأحواز.

ودعا المجتمع الدولي إلى الإدراك بأن الحرس الثوري الإيراني هو منظمة إرهابية، وبالتالي، يجب على المجتمع الدولي الضغط على إيران لإنهاء سلوكها الهمجي في الأحواز. &كما طالب المجتمع الدولي بإنشاء منطقة آمنة وحرة للأحوازيين وللشعوب الأخرى في إيران لتجنب أي مجازر جماعية ضد ناسها.&

وقال إن إيران لديها سجل خبيث من المجازر الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدًا أن النظام الإيراني أعدم عددًا كبيرًا من الأحوازيين بسبب أنشطتهم السياسية ودفاعهم عن حقوق الإنسان وبالتالي، يمكن أن تحمي المنطقة الحرة او الامنة التي يسيطر عليها مجلس الأمن الأحوازيين من مجازر النظام الإيراني. &

دعوة إلى مناطق آمنة للشعوب غير الفارسية في إيران
من جانب آخر كشف جواد الحيدري الباحث في الشأن الإيراني التمييز والعنصرية التي يمارسها النظام الإيراني تجاه الشعوب غير الفارسية، مثل الأحوازيين، البلوش، الترك الأزريين، التركمان والأكراد، وإرغامه على الامتثال لالتزامات حقوق الإنسان الدولية.&

وشدد على ضرورة توفيرضمانات لتعزيز مفهوم حقوق الإنسان والأمن للشعوب غير الفارسية، مثل الأحوازيين والبلوش، من خلال فرض التزامات على إيران، مثل إنشاء منطقة آمنة تحت حماية الأمم المتحدة لتوفير فرصة لهؤلاء الشعوب للتمتع بحق تقرير المصير.&

وأكد الحيدري أن الأنظمة الإيرانية منذ احتلال الأحواز في مطلع القرن الماضي ومحاربة سيادة الوطن قامت بمجازر عدة ضد الإنسانية في الأحواز، بما في ذلك بناء المستوطنات بهدف تغيير التركيبة السكانية في الأحواز، وحديثًا من خلال الفيضانات يهدف النظام إلى تهجير مليون ونصف مليون عربي من الأحواز.&

أشار الخبير البريطاني غراهام وليامسون، رئيس منظمة أمم من دون أوطان البريطانية، إلى ضرورة العمل على زيادة المعرفة حول وضع حقوق الإنسان داخل إيران، وخاصة الشعوب غير الفارسية.&

وأضاف إنه من الناحية القانونية، أدخلت الدول دساتير أو قوانين تحمي حقوق الإنسان، منوهًا بأنه على الصعيد الدولي، أدت نتيجة الحرب العالمية الثانية إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948، والذي يشير في مقدمته إلى "الاعتراف بالكرامة المتأصلة والمساواة والحقوق غير القابلة للتصرف لجميع أفراد الأسرة البشرية هي أساس الحرية والعدالة والسلام في العالم".&

قال وليامسون إن إيران تستخدم "نظامها القانوني لتخويف وإرسال الرسائل وإنشاء رقائق مساومة عن طريق اعتقال مواطنين مزدوجي الجنسية". على سبيل المثال العاملة الخيرية البريطانية الإيرانية نازانين زاغري راتكليف، وهو ما يدل على أن جميع السلطات الحكومية في إيران تعمل تحت قيادة المرشد الأعلى، وهو شخصية دينية غير منتخبة.

وأشار إلى أن النشطاء الذين يطالبون بحق تقرير المصير يتعرّضون للخطر بشكل خاص، لأن السكان الفرس، الذين يعتبرون الأمة الأساسية في إيران، من المحتمل أن يكونوا أقلية سكانية، وبالتالي يشعرون بالضعف.&

ونوه بأن "الغالبية" في إيران تتكون من الأحواز والبلوش والأكراد والأذربيجانيين والتركمان، الذين يطالب الكثير منهم بتقرير المصير، لكنه على الرغم من ذلك، لا توجد محاولة لنقل السلطة أو إنشاء الفيدرالية أو التوطين للأقليات القومية، حيث يرى النظام الإيراني أنها تهدد أسس الدولة بالذات، لذا فهو يقوم باستهداف النشطاء من هذه الشعوب بدلًا من حل الأزمة.&

وشدد وليامسون على أن إضعاف النظام الإيراني وإنهاء سياسته الخارجية التي ترتكبت إبادات جماعية وجرائم ضد الإنسانية، يحتاج تدخلًا دوليًا عاجل لمواجهة إيران .وأكد على ضرورة عدم التقليل من شأن التدخلات الإيرانية ومحاولات طهران النجاة من الانتقادات الواسعة من مختلف دول العالم.. وأوضح أنه رغم العقوبات لا يزال هذا النظام قائمًا على دعم الإرهاب، لكن هذا لا يعني أن النظام سيستمر إلى الأبد، لأن العالم سيواجهه، إن اتحد كل الذين يعانون من سياسات النظام الإيراني للعمل على إيجاد حل لانتهاكاته وردعها.

وقال وليامسون إنه خارجيًا، منذ الثورة الإسلامية منذ حوالى 40 عامًا، ظلت العلاقات بين إيران والعالم الخارجي سيئة بسبب سلوكياته السلبية في منطقة مضطربة أدت به إلى مهاجمة دول أخرى، على سبيل المثال الحرب مع العراق أو التدخل في شؤون دول أخرى لاحقًا، مثل لبنان أو العراق أو سوريا أو اليمن.&

الحوثيون صنيعة المخابرات الإيرانية وعاصفة الحزم تحظى بدعم شعبي
وفي كلمته قال السياسي والناشط اليمني بن حمدين إن إيران منذو تأسيسها كدولة متطرفة في عام 1979 سعت بنية خبيثة إلى إذكاء صراع يهدد الأمة الإسلامية، واستجلبت صراعات وفتن قديمة، وزادت عليها بمنهاج متطرف على الشيعة أنفسهم، سعيًا منها إلى الهيمنة والسيطرة، ولتكون أداة لتدمير الدول العربية والإسلامية، ولم تبد للحظة حسن نيتها، مبددة مقدرات الشعب الإيراني وثروته، ومدمرة لكل أواصر الأخوة والتعايش، فكان لا بد من وقفة حازمة.&

فجاءت عاصفة الحزم المباركة، ونهضت مع هذه الوقفة الحازمة كل فئات الشعوب العربية، ومنها الشيعة أنفسهم، الذين عانوا من الزج بهم في صراعات طائفية وقبلية.. مؤكدًا "نحن لا نسعى إلا إلى العيش الكريم في أوطاننا، ونرفض التدخل الإيراني وأدواته واذا وقف معنا المجتمع الدولي فهو يقف مع السلام ضد إيران مسعره الحروب والأزمات، وإذا لم يقف فسيؤدي ذلك إلى نشوب موجة عنف شديدة، وتطرف، سينعكس سلبًا على العالم كله وسيحرق الجميع.

وأشار إلى أن الصراع في اليمن كان سياسيًا وتنازعًا للثروات طغت فيه قوى قبلية وسياسية راديكالية متمثلة في الإخوان المسلمين على جنوب اليمن اليساري، وانتهى باجتياح الجنوب اليمني أرضًا وثروة وإنسانًا، أي تحوّل أبناء الجنوب إلى مواطنين من الدرجة الثالثة، ومنعوا من المناصب الحساسة، وسرحوا من الجيش، وإلى هنا وإلى عام 2004 بالتحديد كان باستطاعة اليمن حل مشكلة الجنوب والتسوية السياسية وتقاسم الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية إلى أن قامت حركة الحوثيين، وهي حركة إرهابية الفكر متطرفة المنهج، امتد تشكيلها منذ 1984على يد المخابرات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني، ولديها قاعدة سلالية ممتدة في أجهزه الدولة.&

وبيّن أن مشكلة اليمن مع الحوثيين أنهم استخدموا الطائفية والسلالية، وخرجوا عن النزاع السياسي، لاستخدامهم المرجعية والأيدولوجية الطائفية والعرقية، والتي تؤسس لصراع وقتال لا ينتهي أبدًا، ويهدد أمن المجتمع والمنطقة إلى ما لانهاية.. وأكد أن الميليشيات الحوثية تقوم بممارسة كل ما هو محرم في كل الأديان من تفجير منازل وإعدامات جماعية ومعاملة الناس بأنهم درجة ثانية ورابعة، وهم فقط أبناء الله المختارون.&

وشدد بن حمدين على أن وجود الحوثيين في اليمن أصبح غير مقبول شمالًا وجنوبًا، ولا إقليميًا، فهو يشكل تهديدًا إرهابيًا للمنطقة ولا يمكن التعايش معهم، لأنهم مجرد أداة لدولة إيران، التي تسعى إلى استخدامهم لتدمير المنطقة بدون توقف.&

وحذر من أن المنطقة ستظل في حاله حرب بالسلاح والدين والطائفية طالما وجدت هذه الجماعة المتطرفة.. وحذر من أن سكوت المجتمع الدولي عن جرائمها يدفع بالشعب اليمني وشبابه إلى التطرف باتجاه آخر لمواجهة الموت القادم إليهم من الحوثيين وحتى يحافظوا على دينهم وعقيدتهم، التي يسعى الحوثيون إلى سلبهم إياها، وتغيير عقيدتهم، فالعنف الموجّه من إيران تجاه الشعوب العربية والإسلامية فاق كل المنظمات الإرهابية، وسيقابله نشوء حركات دفاعية، وقد تكون متطرفة، لأن الشعوب ترفض الانقراض وستدافع عن نفسها.
&
مطلوب محاكمة دولية عاجلة لقيادات النظام الإيراني
من جانبه قال الدكتور محمد الشيخلي رئيس المركز العربي للعدالة إن جرائم النظام الإيراني ضد العراق تحتاج محاكمة دولية عاجلة لقياداته، وعلى رأسهم علي خامنئي. وأشار إلى أن جرائم إيران في العراق ليست وليدة اليوم، بل بدأت منذ مجيء النظام الحالي إلى الحكم في عام 1979، من خلال دعم الميليشيات المسلحة لاستهداف الأمن في البلاد.. منوهًا بأنه حتى النظام السابق في عهد الشاه حاول زعزعة أمن واستقرار العراق، من خلال دعم الميليشيات الكردية في شمال البلاد.&

وأكد الشيخلي أن الإيرانيين استهدفوا الأماكن الشيعية في العراق عام 2006 بهدف زرع الفتنة بين أبناء الشعب الواحد، ثم هاجمت الميليشيات الإيرانية عددًا كبيرًا من المساجد السنية في بغداد، في الوقت نفسه عام 2006، واغتالت إيران علماء وكوادر ومفكرين ومثقفين وحتى مواطنين عاديين معارضين للنفوذ الإيراني في العراق، بهدف تدمير البنية الفكرية وإشعال الفتنة الطائفية في العراق منذ احتلال البلد في عام 2003.&

نشر الثقافة الفارسية لشرعنة التدخل
من جانبها قالت الدكتورة تغريد الحجلي الوزيرة السابقة في الحكومة الموقتة في سوريا إن إيران لا تزال تسعى جاهدة إلى مواصلة توسعها في المنطقة على أساس استراتيجية "تصدير الثورة" التي أنشأتها الثورة الإيرانية عام 1979، بما في ذلك إنشاء المنظمات الخيرية والخدمية لكسب قلوب الضعفاء والفقراء، وخاصة في البلدان التي تعاني من الفقر المدقع والأزمة الاقتصادية، وكذلك المناطق التي دمرتها ويلات الكوارث والحروب.&

وأضافت إن الأنشطة الاجتماعية والخيرية التي تقوم بها إيران في البلدان الإسلامية تراوحت بين العيادات الطبية والمعاهد العلمية والدينية ومراكز شؤون المرأة والتعليم وإعادة التأهيل المهني، والاجتماعات الدورية ودورات اللغة الفارسية لترسيخ الثقافة الفارسية في هذه البلدان كجزء من محاولات للتدخل في شؤونها وفرض الهيمنة عليها وفق استراتيجة النظام الإرهابية.