نيودلهي: قال محللون إن قرار رئيس وزراء الهند ناريندا مودي الغاء الحكم الذاتي للقسم الهندي من كشمير، يشكل مخاطرة كبيرة يمكن أن تؤجج التمرد في كشمير والتوتر مع باكستان.

وشكل الغاء الوضع الدستوري الخاص لجامو وكشمير في شمال الهند ذات الغالبية المسلمة، الترجمة الاكثر تعبيرا عن البرنامج القومي الهندوسي لرئيس الحكومة الهندي منذ اعادة انتخابه في مايو.

وتقول نيودلهي ان قرارها سيجلب السلم والازدهار لهذه المنطقة المضطربة التي تطالب بها باكستان والتي تشهد تمردا انفصاليا ضد الهند خلف أكثر من 70 الف قتيل معظمهم من المدنيين منذ 1989.

لكن الانتشار الامني الكثيف والتعتيم الكامل الذي فرض على القسم الهندي من كشمير هذا الاسبوع، والذي بلغ حجما لا سابق له في هذه المنطقة المعتادة على العمليات العسكرية وحظر التجول، يؤكد المخاطرة التي تقوم بها الهند.

ورأى اي اس دولات مستشار الحكومة حول كشمير والرئيس السابق للمخابرات الهندية، ان التمكن من احتواء العنف يمثل أمرا أساسيا ليتمكن رئيس الحكومة من اعلان النصر. وأضاف "لكني أخشى حدوث انعكاسات وتصاعد العنف".

مشاعر استياء

كما عبر دي اس هوودا الجنرال المتقاعد الذي كان قاد القوات الهندية في كشمير عن قلقه من حدوث "غضب وعزلة واضطرابات للسلم الاهلي".

ونشرت السلطات الهندية عشرات آلاف من عناصر القوات شبه العسكرية كتعزيزات منذ بداية الشهر في كشمير. وللهند اصلا نحو نصف مليون من عناصر الامن في كشمير.

وبعد تصاعده في تسعينات القرن الماضي ثم تراجعه، يشهد التمرد في كشمير ضد الهند تصاعدا منذ 2016. ويخشى سكان كشمير أن يؤدي حصر الاهالي الذين تعادي غالبيتهم سياسة الهند، الى تأجيج مشاعر الاستياء.&

وتقول التيجا جواد وهي ابنة محبوبة مفتي الرئيسة السابقة للسلطة المحلية في ولاية جامو وكشمير التي أوقفتها السلطات الهندية في الايام الاخيرة، "لن يقف الناس مكتوفي الايدي ازاء هذا".

وأضافت "لا يمكن حبس الناس طوال حياتهم".

ولئن اعتبر القوميون الهندوس أنهم يصلحون خطأ تاريخيا عبر الحاق كشمير بالتشريع القائم في باقي الهند، فان الكثير من المراقبين يتساءلون عن الطريقة المتبعة.

وكان تم اعداد القرار في تكتم كبير وصدر في شكل مرسوم رئاسي. وتم انهاء النقاش البرلماني في نيودلهي في بضع ساعات وقطع سكان كشمير عن باقي العالم.

وقال اجاي ساهني الخبير في مكافحة الارهاب في جنوب آسيا "ان طريقة التنفيذ، رغم نجاعتها الكبيرة، جلبت مرة أخرى الغش والتضليل الاعلامي والسياسة الطائفية الى قلب اللعبة" السياسية.

"عواقب يصعب تخيلها"

وخفّضت باكستان الأربعاء مستوى التمثيل الدبلوماسي مع جارتها النووية اللدودة الهند، معلنة طرد السفير الهندي وتعليق التبادل التجاري مع نيودلهي ردا على إلغائها الحكم الذاتي لإقليم كشمير المتنازع عليه.

وراى المحلل السياسي المقيم في نيويورك انكيت باندا ان كشمير تقع في "قلب" مصالح الجيش الباكستاني الذي يهيمن على السياسة الخارجية والامنية في البلاد.

وتتهم نيودلهي منذ أمد بعيد اسلام اباد بدعم مجموعات مسلحة في كشمير، الامر الذي تنفيه باكستان.

وأضاف "يمكن ان نشهد تكثيف باكستان محاولاتها تأجيج التوتر (..) او أن تكثف اللجوء الى مجموعات غير نظامية لمهاجمة القوات شبه العسكرية الهندية في كشمير".

وتابع "اذا قرر الجيش الباكستاني التصرف بهذه الطريقة، سيصبح الوضع خطيرا جدا".

وكانت القوتان النوويتان في جنوب آسيا خاضتا حربين حول كشمير (1947-1949 و1965). وفي شباط/فبراير 2019 شهدت العلاقات بينهما توترا جديدا اثر اعتداء انتحاري على قافلة شبه عسكرية هندية خلف نحو 40 قتيلا.

وبحسب المحلل سادانند دوما في واشنطن فانه من المبكر الحكم على قرار مودي وما اذا كان "قرارا حكيما او خطأ تاريخيا".

وأضاف "لكن هناك امرين واضحين : تجاهلت الهند مشاعر استياء الكشميريين، واتخذت قرارا محفوفا بالمخاطر لا يمكن تصور عواقبه".