تعاني الأسر المصرية من ارتفاع أسعار الملابس، لاسيما ملابس الأطفال، وتتراوح نسبة الزيادة ما بين 15 و30%، مما يشكل عبئًا ثقيلًا على غالبية الأسر.

وكشفت جولة لـ"إيلاف" في الأسواق عن تراجع الإقبال على المناطق التجارية الشهيرة في وسط القاهرة وميدان الجيزة والهرم وفيصل، لاسيما مع اقتراب السنة الدراسية الجديدة.

وتشهد المنطقة التجارية بالجيزة، وتضم ميدان الجيزة، وشوارع ربيع الجيزي، والصناديلي وسعد زغلول ومراد والجامعة، احجاما ملحوظًا، ويقف عدد قليل من المواطنين ومعهم أطفالهم أمام المحال التجارية، لشراء الملابس. وفي شارع ربيع الجيزي، تنتشر المحال والمولات الصغيرة التي يقصدها المواطنون من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، حيث تباع الملابس بأسعار منخفضة، ويمكن للزبائن المشاهدة والقياس براحة تامة، لاسيما أن الملابس المباعة ذات جودة منخفضة جدا.

وقال مصطفى جابر، صاحب محل ملابس بشارع ربيع الجيزي، إن الأسعار مرتفعة جدًا مقارنة بالدخول، مشيرًا إلى أن محالات ميدان الجيزة معروفة بأنها للبسطاء ولا تجتذب الأغنياء، ومع ذلك فإن الأسعار تفوق قدرة الكثير من المواطنين.

وأضاف أن سعر "التيرنج" الصيفي يتراوح ما بين 250 و400 جنيه، كما أن سعر بنطلون "التيرنج" منفردا يتراوح ما بين 75 و150 جنيهًا، وسعر التيشيرت يتراوح ما بين 100 و150 جنيهًا للأطفال، مشيرًا إلى أن هذه أسعار ملابس الفقراء في ميدان الجيزة.

ولفت إلى أن سعر&البنطلون الجينز يتراوح ما بين 150 و250 جنيهًا، مشيرًا إلى أن زبائنه يعتبرون أن هذه الأسعار مرتفعة جدًا، منوهًا بأن ملابس الأطفال الذكور أرخص من ملابس الفتيات، منوها بأن سعر طقم ملابس البنات يتراوح ما بين 350 و800 جنيهًا، حسب الخامات والتقفيل.

ويتزاحم المواطنون على المحال بميدان الجيزة، لاسيما أنها تضع الملابس فوق الرفوف أو في سلات كبيرة، ويمكن للزبائن البحث عما يريدونه بكل حرية، بينما يراقب العمال في المحال حركة الزبائن، ويساعدونهم في معرفة الأسعار، ووضع القطع التي يشترونها في الأكياس وتوجيههم إلى الكاشير لدفع الحساب.

وبينما هو يقلب في سلة ملابس الأطفال، بحثًا عن "تيرنجات" وتيشيرتات على مقاس طفليه، قال محمد مختار، وهو موظف إداري بمديرية الصحة بالجيزة، إن لديه طفلين الأكبر 12 عامًا والآخر 8 سنوات، مشيرًا إلى أنه يخرج بهما على مدار أربعة أيام لشراء ملابس العيد لهما، موضحًا أنه لف بهما على محلات فيصل ووسط القاهرة، وأخيرًا حضر إلى محالات ميدان الجيزة، لأنها الأرخص، بسبب عدم جودة الخامات المصنعة منها الملابس.

وأضاف أنه رغم ذلك فإن الأسعار مرتفعة جدًا، فسعر القميص أو التيشيرت للطفل لا يقل عن 100 جنيه، كما سعر الملابس المصنعة من خامات نصف جيدة، يرتفع إلى نحو 200 أو 250 جنيهًا، وكذلك الأمر نفسه للأحذية التي لا تقل عن 250 جنيهًا، للخامات الجيدة ناهيك عن أسعار الملابس الداخلية للأطفال.

ولفت إلى إنه يحتاج لكل طفل منهما إلى نحو 1500 جنيه، أي 3 آلاف جنيه للطفلين، بينما هو لن يشتري لنفسه شيئًا، وسوف تكتفي زوجته بعباية للخروج، ويزيد سعرها عن 500 جنيه، وقال "المهم العيال يفرحوا، ومش مهم احنا، كفاية فرحتهم في العيد بالدنيا وما فيها".

وفي منطقة وسط البلد، حيث شوارع طلعت حرب و26 يوليو، والشواربي وعدلي وعبد الخالق ثروت وشريف، لا تشهد المنطقة زحاماً كما هو معتاد، المواطنون. وقالت منال عيسى، وهي موظفة بوزارة الأوقاف، إن الأسعار "نار"، مشيرة إلى أن أسعار ملابس البنات مرتفعة جدًا.

&

&

وأضافت أنها لديها طفلة عمرها 10 سنوات، وطفلة أصغر منها عمرها 7 سنوات، وتنزل من أجل شراء الملابس لهما، منوهة بأن سعر الطقم البناتي يصل إلى 1500 جنيه في بعض المحالات، وهو الفستان أو البنطلون والبلوزة أو التيشيرت ذي "الكواليتي المرتفعة"، بينما تتراوح الأطقم الأقل في جودة الخامات ما بين 500 و850 جنيهًا، والأسعار نفسها في كل المحلات.

واصطحب جمال عبده، وهو محامٍ&بالشؤون القانونية في شركة خاصة، زوجته وأطفالهما الثلاثة، طفلتان وولد&إلى شارع 26 يوليو، وقال إنه يقيم في شبرا الخيمة، مشيرًا إلى أنه يلف مع أسرته في شوارع وسط القاهرة لمدة 4 ساعات، بحثًا عن ملابس بأسعار "معقولة" له وزوجته وأطفالهما، واكتشف أنه يحتاج ليس أقل من 5 آلاف جنيه لكي يشتري "كسوة" لخمسة أفراد.

وأضاف أن كل فرد يحتاج في أقل تقدير إلى ألف جنيه، مشيرًا إلى أنه في الجولة الأولى له في وسط البلد اشترى للأطفال كل واحد كوتشي بمبلغ 365 جنيهًا للكوتشي الواحد، أي أنه دفع 1095 جنيهًا في الأحذية فقط، واشترى لنفسه حذاء بمبلغ 250 جنيهًا، وحذاء آخر لزوجته بمبلغ 350 جنيهًا.

وأضاف أنه يحتاج إلى جولات أخرى لشراء الملابس للأطفال ولنفسه وزوجته، مشيرًا إلى أن ما يشترونه الآن سوف يرتدونه في الصيف المقبل وسوف يرتدي الأطفال الكوتشيات في المدارس أيضًا".

ولا يختلف الوضع كثيرًا في مولات الطبقة المتوسط في وسط القاهرة وشارع الهرم بالجيزة، ففي مول طلعت حرب، يغيب الزحام عن محال الملابس الجاهزة، وقال أحمد عزمي، معلم أول بوزارة التربية والتعليم، إنه رغم انخفاض أسعار الدولار إلا أن أسعار الملابس ترتفع باستمرار، وخاصة ملابس الأطفال والملابس الحريمي.

وأضاف أنه سعر القميص الرجالي "المحترم" يصل إلى 250 أو 400 جنيه&حاليًا، وكذلك أسعار التيشيرات الصيفي، لافتًا إلى سعر البنطلون الجينز يبدأ من 150 جنيهًا، ولا يقل سعر الحذاء الرجالي "اللي يستحمل" عن 400 جنيه.

وأشار إلى أنه دخل المول من أجل "يأخذ&فكرة عن الأسعار"، منوهًا بأنه شأن غالبية المصريين، "بيتفرج" على الفاترينات، وفي النهاية لن يشتري إلا ما يناسب "جيبه"، لأن المرتب مش يستحمل إلا قميص وبنطلون بالكتير".

وفي مول "كايرو مول" بالهرم، قال آدم جمال، طالب بكلية التجارة، إنه حضر مع أصدقائه للشراء ملابس بمناسبة اقتراب العام الدراسي الجديد، مشيرًا إلى أنه اكتشف أن الأسعار زادت عن العام الماضي بشكل مبالغ فيه

وأضاف أن أسعار التيشيرات هي الأغلى، موضحًا أن سعر التيشيرت يتراوح ما بين 150 و350 جنيهًا، وكذلك القميص الشبابي، أما أسعار البنطلونات الجينز فهي تتراوح ما بين 250 و450 جنيهًا، وهناك بنطلونات أسعارها تصل إلى 700 جنيه، وتابع: "كل واحد ومقدرته".

وأشار إلى أنه حضر مع زملائه لـ"الفرجة" قبل ما أن يقرروا ماذا يشترون حسب الميزانية التي سوف يحصل عليها من الوالد، وقال مبتسمًا: "في الغالب لن تزيد عن 500 جنيه".

وقال عماد عادل، مدير سلسلة حال لبيع الملابس الجاهزة بوسط البلد، إن الزبون يحضر للمحل ويظل يلقب في البضاعة عدة مرات، وفي النهاية يخرج ولا يشتري شيئًا.

وأضاف القوة الشرائية للمواطنين انخفضت كثيرًا، وأصبحت الملابس والأحذية في ثاني أولوياتهم، بسبب ارتفاع مستلزمات الحياة الضرورية، وخاصة الأكل والشرب ومصروفات المدارس، لافتًا إلى أن الزبون الذي كان يشتري طقمين أو ثلاثة منذ عدة سنوات يشتري الآن طقم واحد فقط لكل طفل، أو يشتري قميص وبنطلون له أو طقم خروج واحد لزوجته أيضًا، لأن ميزانية الأسر المصرية أصبحت لا تحتمل شراء أكثر من طقم لكل فرد، واحد للصيف والآخر للشتاء للخروج، وفي البيت "يقضوها بأي حاجة".

ولفت إلى أن غالبية الأسر التي تحضر لشراء الملابس تكتفي بشراء احتياجات الأطفال فقط، ولا يشتري الأب أو الأم لنفسيهما شيئًا، خاصة في مواسم الأعياد أو دخول المدارس.

وأشار إلى أن أسعار الملابس ارتفعت بنسب تتراوح ما بين 15 و30% مقارنة بأسعار العام الماضي، موضحًا أن الزبائن يتساءلون عن أسباب عدم انخفاض الأسعار رغم تراجع سعر الدولار أمام الجنيه، والرد هو أن هذه الملابس تم انتاجها أو استيرادها قبل انخفاض الدولار، متوقعًا انخفاض الأسعار في حالة استمرار تراجع العملة الخضراء أمام الجنيه.

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الأول من شهر مايو الماضي، ارتفاع أسعار الملابس والأحذية ارتفاعا قدره (1.9%) ليساهم بمقدار (0.08) نقطة في معدل التضخم الشهري بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الملابس الجاهزة،بنسبة (2.3%)، مجموعة الملابس الأخرى ومستلزماتها بنسبة (2.2%)، مجموعة التنظيف والإصلاح وتأجير الملابس بنسبة (0.2%)، مجموعة الأحذية بنسبة (1.5%) ومجموعة إصلاح الأحذية بنسبة (1.2%).