باريس: تثير مسألة الجهاديين الأجانب المسجونين لدى القوات الكردية، قلقاً دولياً، خصوصا أنّهم قد يستفيدون من الفوضى الناجمة عن الهجوم التركي الحالي في سوريا لتغيير مصيرهم رأساً على عقب.

ويوضح الباحث في "مجموعة الأزمات الدولية" سام هلر لفرانس برس أنّ قوات سوريا الديموقراطية التي تهمين عليها وحدات حماية الشعب الكردية "حذرت من أنّه في حال دخول تركيا إلى سوريا، فسيتعيّن عليها تكريس قواها لصد الهجوم التركي".

ويضيف أنّ هذه القوات "تحتجز آلاف السجناء من تنظيم الدولة الإسلامية، غالباً في سجون بدائية". ويشير إلى أنّه "في حال فرّ قادة في تنظيم الدولة الإسلامية بسبب الفوضى، فسيكون بمقدورهم القيام بعمليات في المنطقة. وإذا هربوا من الميدان السوري، فقد يعززون مجموعات إسلامية متطرفة في أنحاء العالم".

وأكدت الإدارة الذاتية، في بيان الخميس، أنّ غارات جوية تركية طالت "جزءاً من سجن جركين" في القامشلي (شمال-شرق سوريا) الذي يضم عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية "من أكثر من 60 جنسية"، من دون أن توضح ما اذا كان ذلك أدى إلى عمليات هرب.

وتحسباً للهجوم التركي الذي كان مرتقباً منذ أيام، نقل الجيش الأميركي جهاديين اثنين بارزين، على الأقل، نحو "مكان آمن"، وفق ما كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخميس.

ونقل مركز دراسات الأمن القومي في جامعة فوردهام في نيويورك، عن مسؤولين أميركيين كبار، أنّ من نقلهم الجيش الأميركي بشكل استباقي من بين المحتجزين لدى قوات سوريا الديموقراطية هم "عشرات"، مع ترجيح نقلهم الى العراق.

وحتى الوقت الحالي، يؤكد المسؤولون الأكراد في سوريا أنّهم لا يعتزمون فتح أبواب السجون رغم الظروف القائمة.

وقال خالد عيسى، ممثل قوات سوريا الديموقراطية في فرنسا، "بخصوص الجهاديين (الأجانب)، فإنّ تعاوننا (مع فرنسا) مستمر في ظروف صعبة. نحافظ بشدة وبدقة على تعاوننا".

وأضاف "سنحاول التحرك على عدة جبهات بالوسائل التي نملكها". وتابع "إننا مضطرون إلى سحب جزء (من قواتنا)، حتى من وادي نهر الفرات حيث يمكن للنظام (السوري) وحلفائه التقدّم. سيكون للعملية (التركية) أثر سلبي جداً على معركتنا ضدّ خلايا تنظيم الدولة الإسلامية النائمة، والتي كنا نواصلها بشكل يومي".

-"العودة إلى بلادهم"-

بالنسبة إلى الرئيس الأميركي، تبدو الأمور سهلة والقضية منتهية. ماذا سيحصل؟ "حسناً، سيفرّون نحو أوروبا"، كما أجاب الأربعاء على سؤال صحافي.

وقال "يريدون الذهاب إلى هناك، يريدون العودة إلى بلادهم، ولكن منذ أشهر ترفض أوروبا استعادتهم". وتابع "كان بإمكاننا تسليمهم لها، كان بالإمكان محاكمتهم، وكان بمقدور (الأوروبيين) فعل ما يريدون...".

من جانبه، لا يعتبر آلان رودييه، المسؤول السابق في إدارة الأمن الخارجي الفرنسية ومدير الأبحاث في المركز الفرنسي للأبحاث الاستخبارية (س. اف. 2. ار)، أنّ هذه الفرضية هي الأكثر ترجيحاً.

ويقول لفرانس برس "حتى الآن، يبدو أنّ الجهاديين، وخصوصا الفرنسيين والأوروبيين، لا يعودون باتجاه أوروبا". ويضيف "يدركون أنّهم في غالبيتهم معروفون، وأنّ لدى الأجهزة أسماءهم وصورهم وغالباً بصماتهم، إذاً ثمة خطر يهددهم على الحدود. إذا خرجوا من معسكر سجناء، لن يكون ذلك ليدخلوا سجنا في مكان آخر".

ويتابع "يبدو أنّ بعضهم اختار الشرق الأقصى حيث هم غير معروفين، ويمكن لآخرين اختيار منطقة الساحل" في افريقيا.

وسبق للمنسق&الوطني&&للاستخبارات الفرنسية بيار بوسكيه دو فلوريان أن أشار في سبتمبر، أي قبل الهجوم التركي الحالي، إلى فرضية هرب بعض الإسلاميين المتطرفين نحو مناطق ينشط فيها جهاديون آخرون.

وأوضح أنّ نحو 40 جهادياً فرنسياً نجحوا في مغادرة محافظة إدلب السورية للالتحاق بخلايا اخرى لتنظيم الدولة الإسلامية في جنوب شرق آسيا، أفغانستان والساحل.
&