أعلن الجيش الوطني الليبي أن قواته أحكم سيطرتها على مطار طرابلس الدولي، ومقر رئاسة الأركان في العاصمة، في الوقت الذي تجري فيه مصر اتصالات دولية مكثفة، للحيلولة دون تدخل تركيا في الأزمة الليبية ونقل قواتها العسكرية إلى هناك، دعمًا لحكومة الوفاق والميلشيات المسلحة المتحالفة معها.

قال الإعلام الحربي التابع للقيادة العامة للجيش الليبي، اليوم الجمعة، إن قواته سيطرت مواقع استراتيجية جديدة في العاصمة طرابلس؛ بدءاً من مطار طرابلس العالمي إلى خزانات النفط، مروراً بكوبري الفروسية ومعسكر النقلية، ومقر رئاسة الأركان بطريق المطار، عقب تراجع مليشيات حكومة الوفاق الوطني.

وأضاف أن قوات الجيش الليبي، تقترب من قلب العاصمة طرابلس، ولا يفصلها سوى أقل من 4 كيلو مترات، مشيرًا إلى أن القوات العسكرية تحاصر المدينة من عدة محاور، تزامناً مع استهداف سلاح الجو تمركزات تابعة للجماعات المتطرفة ومليشيات حكومة الوفاق بمحيط مصفاة الزاوية.

وأفاد المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابعة للجيش الليبي، في وقت سابق اليوم الجمعة، أن &هناك عملية تقهقر تصيب "المليشيات" بعد انهيار ما تبقى من دفاعاتها بمنطقة الهضبة البدري جنوب طرابلس، مشيرا إلى أن الغارات التي يشنها الجيش الليبي أصابت مراكز قيادة ومخازن أسلحة وسط المدينة، إلى جانب مواقع لمسلحي مصراتة في ضواحي مدينة سرت، التي يحشد الجيش قواته وآلياته في محيطها منذ نحو أسبوعين استعداداً لدخولها عقب المهلة.

وكان الجيش الليبي قد أعلن، أمس الخميس، أنه سيطر على معسكر التكبالي بالكامل الواقع بمنطقة صلاح الدين، على بعد 10 كيلومترات من وسط العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى تقدمه في محوري الخلة ومشروع الهضبة.

وبينما يقترب الجيش الليبي من أحكام السيطرة على العاصمة طرابلس، وسط مخاوف من تدخل عسكري تركي، لقلب موازين القوى، تجري مصر اتصالات رفيعة المستوى على المستوى الدولي، لمنع الرئيس التركي رجب أردوغان من إرسال قواته إلى ليبيا، في أول مواجهة سياسية مباشرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

&وأجرى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي اليوم اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تركز على الأوضاع في ليبيا، وإشعال وإطالة أمد الأزمة في حال تدخل أردوغان فيها.

وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس أكد تطلع مصر لتعميق العلاقات المصر ية الروسية في كافة المجالات، مشيداً بالمشروعات التنموية الهامة التي يتعاون البلدان في تنفيذها في مصر، ومن بينها مشروع إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية، ومشروع المنطقة الصناعية الروسية بمحور قناة السويس.

من جانبه، أكد الرئيس بوتين الأهمية التي توليها موسكو لتطوير العلاقات الثنائية مع مصر في الفترة القادمة، وفي إطار اتفاق الشراكة والتعاون الإستراتيجي بين البلدين.

وأضاف المتحدث الرسمي أن الاتصال تناول استعراض تطورات الأوضاع في ليبيا، مشيرا إلى أنه تم التوافق في هذا الإطار على أهمية تكثيف الجهود المشتركة بين البلدين بهدف تسوية الأزمة الليبية، ومكافحة المليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، ووضع حد للتدخلات الخارجية غير المشروعة في الشأن الليبي. كما شهد الاتصال تبادل التهاني بين الرئيسين بمناسبة اقتراب العام الميلادي الجديد.

كما أجرى السيسي اتصالا الخميس الماضي، مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، وأكدا الرئيسان رفضهما لأي تدخلات خارجية في ليبيا بعد إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، استعداده لإرسال قوات إلى هناك.

وأفاد البيت الأبيض، في بيان له، بأن ترامب تحدث هاتفيا مع السيسي، حيث ناقش الرئيسان عددا من القضايا الإقليمية والثنائية المهمة، بما في ذلك الأزمة الليبية.

وأعرب ترامب والسيسي، حسب البيان، عن رفضهما "استغلال" الأوضاع في ليبيا من قبل أي جهات خارجية، متفقين على ضرورة أن تتخذ كل أطراف الأزمة خطوات عاجلة لحل النزاع "قبل أن يفقد الليبيون السيطرة على الوضع لصالح العناصر الأجنبية".

وتأتي هذه المكالمة بعد أن أعلن الرئيس التركي، في وقت سابق من الخميس، أنه من المتوقع أن ترسل بلاده مجموعة من القوات العسكرية إلى ليبيا تلبية لدعوة من قبل حكومة الوفاق وبعد أن تتم الموافقة على هذا الأمر من قبل برلمان تركيا في 8 يناير المقبل.

وأجرى السيسي اتصالا هاتفيا مع رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، أكد خلاله مواصلة مصر دعمها لجهود "الجيش الوطني الليبي" في ما وصفه بـ "مكافحة الإرهاب".

وأكد السيسي في هذا السياق "ثوابت الموقف مصر الداعم لاستقرار وأمن ليبيا، وتفعيل إرادة الشعب الليبي، وكذلك مساندة جهود الجيش الوطني الليبي في مكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات الإرهابية التي تمثل تهديدا ليس فقط على ليبيا، بل الأمن الإقليمي ومنطقة البحر المتوسط".

وأفاد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، في بيان، بأن السيسي أجرى، يوم الخميس، اتصالا مع كونتي تم خلاله "استعراض الملفات الإقليمية، وخاصة الوضع في ليبيا".

كما شدد الرئيس المصري، حسب بيان المتحدث باسمه، على "رفض كل التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي الليبي".

من جانبه، أكد رئيس الوزراء الإيطالي سعي بلاده إلى "حل الوضع الراهن وتسوية الأزمة الليبية، التي تمثل تهديدا لأمن المنطقة بأكملها، وذلك بهدف عودة الاستقرار إلى ليبيا وتمكينها من استعادة قوة وفاعلية مؤسساتها".

وأفاد راضي بأن الجانبين توافقا خلال المكالمة الهاتفية "على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة في هذا الإطار".

ويأتي التصعيد العسكري والسياسي في ليبيا، بعد أن جدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يوم الخميس أيضًا، تأكيده استعداد أنقرة لإرسال قوات إلى ليبيا إن تلقت طلبا بذلك من حكومة الوفاق الوطني في طرابلس.

وقال أردوغان إنه من المتوقع أن يُمرر البرلمان التركي في الثامن من الشهر المقبل تفويض إرسال جنود إلى ليبيا، وذلك لتلبية دعوة حكومة الوفاق الليبية، مؤكدا أن تركيا "ستقدم جميع أنواع الدعم لحكومة طرابلس".

وأضاف أن "من يدعم حفتر الآن هم ذاتهم من دعموا الانقلاب على الحكومة الشرعية في مصر".

وقال أردوغان إن "هدفنا في البحر المتوسط ليس الاستيلاء على حق أحد، على العكس من ذلك منع الآخرين من الاستيلاء على حقنا"، وجاء ذلك على خلفية التوتر بين تركيا من جهة ومصر واليونان من جهة أخرى بخصوص التطورات في منطقة المتوسط المتعلقة بمنابع الغاز والأزمة الليبية.