طهران: سيؤم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي صلاة الجمعة في طهران للمرة الأولى منذ العام 2012، في سياق من التوترات الشديدة مع الولايات المتحدة.

والمرة الأخيرة التي أم فيها آية الله علي خامنئي صلاة الجمعة كانت في مسجد المصلى في طهران في شباط/فبراير 2012، بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين للثورة الإسلامية وفي خضم الأزمة الدولية حول ملف إيران النووي.

وفي حين أن الرئيس الإيراني حسن روحاني دافع الخميس عن سياسة الانفتاح مع العالم التي ينتهجها، يكرر خامنئي دائماً أن الدول الغربية ليست جديرة بالثقة ويمنع أي حوار مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأكد روحاني في خطاب الخميس ألقاه في المصرف المركزي أنه أراد تجنّب حرب، بعد أن بدت طهران والولايات المتحدة على شفير مواجهة عسكرية مطلع الشهر الحالي للمرة الثانية خلال عام.

ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في 21 شباط/فبراير التي تبدو صعبة لمعسكر روحاني المعتدل، وفي سياق من التوترات المتزايدة بين طهران والدول الغربية بشأن النووي الإيراني، صرّح روحاني أيضاً أنه يريد مواصلة الحوار مع العالم حول هذه القضية.

وقال إن "الحكومة تعمل يومياً على منع مواجهة عسكرية أو الحرب".

وفي الثامن من كانون الثاني/يناير، استهدفت طهران قاعدتين عسكريتين في العراق تستضيفان جنوداً أميركيين رداً على اغتيال واشنطن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني قبل خمسة أيام في بغداد.

وبحسب روحاني، تسببت هذه الضربات بأضرار مادية جسيمة وحصلت إيران على "التعويض العسكري" الذي أرادته إثر مقتل سليماني، مهندس استراتيجيتها الإقليمية.

وأكدت الولايات المتحدة أن الهجوم لم يؤدِ إلى جرح أي أميركي. إلا أن القيادة المركزية للجيش الأميركي أعلنت الخميس أن 11 جندياً أميركياً أُصيبوا في الهجوم الإيراني على قاعدة عين الأسد في العراق.

وقال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية الكابتن بيل أوربان في بيان "في حين أنه لم يقتل أي من الجنود الأميركيين في الهجوم الإيراني في 8 يناير على قاعدة عين الأسد الجوية، إلا أن العديد منهم خضعوا للعلاج من أعراض الارتجاج الناتجة عن الانفجار، ولا يزالون يخضعون للتقييم".

حوكمة أفضل

ويبدو أن مستوى التوتر بين العدوين تراجع بعد مأساة طائرة البوينغ التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية التي أسقطتها إيران عن طريق الخطأ بعد ساعات من هجومها على القاعدتين في العراق، في حين أن دفاعات البلاد كانت في حالة تأهب قصوى خشية من ردّ أميركي.

وأدت كارثة الطائرة إلى مقتل 176 شخصاً هم جميع من كانوا على متنها، ومعظمهم إيرانيون وكنديون. وقدّمت إيران اعتذاراتها لكنها أكدت أن المأساة ناجمة عن "نزعة المغامرة الأميركية".

في يونيو 2019، بدت الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية على شفير مواجهة عسكرية مباشرة بعد أن أسقطت طهران طائرة مسيّرة أميركية اتهمتها بأنها انتهكت مجالها الجوي.

وأعلن ترمب آنذاك أنه ألغى في اللحظة الأخيرة ضربات للردّ على هذا الهجوم.

ويتزايد العداء بين واشنطن وطهران منذ أن انسحبت الولايات المتحدة عام 2018 من الاتفاق الدولي حول النووي الإيراني المبرم في فيينا عام 2015 وأعادت فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

في إيران، أثار إسقاط الطائرة الأوكرانية موجة تنديد. واعترف روحاني ضمنياً بوجود أزمة ثقة تجاه السلطات.

ونُظمت يومياً من السبت حتى الأربعاء، تظاهرات مناهضة للسلطات.

وانتشرت قوات الأمن مساء الخميس في العاصمة للتصدي لتظاهرات جديدة محتملة. وأفاد صحافي في وكالة فرانس برس في المكان أن حوالى خمسين عنصراً من شرطة مكافحة الشغب على متن دراجات نارية ويحملون هراوات، كانوا موزعين على تقاطع مهمّ في شمال طهران.

وفي الأيام الأخيرة، تركزت التظاهرات في العاصمة وبدت بشكل واضح أقلّ حجماً من موجة الاحتجاجات الوطنية في تشرين الثاني/نوفمبر ضد ارتفاع سعر الوقود التي شهدت قمعاً دامياً أدى إلى مقتل ما لا يقلّ عن 300 شخص، بحسب منظمة العفو الدولية.

وفي محاولة لاستعادة زمام الأمور على الصعيد السياسي، دعا روحاني الأربعاء إلى حوكمة أفضل وإلى مزيد من التعددية.

ودافع الخميس عن سياسة الانفتاح على العالم التي ينتهجها في حين يواجه انتقادات من جانب المحافظين المتشددين خصوصاً في موضوع اتفاق فيينا.

وقال إن الحوار بين إيران والعالم "صعب لكنه ممكن"، مضيفاً "الناس انتخبونا لخفض التوتر" بين الجمهورية الإسلامية والعالم.

"متنمّر في المدرسة الثانوية"

رداً على الانسحاب الأميركي من اتفاق فيينا، تجاوزت إيران منذ أيار/مايو عدة تعهدات رئيسية بموجب هذا النصّ الذي يهدف إلى الحدّ من أنشطتها النووية.

وأعلنت الدول الأوروبية الثلاث الأطراف في الاتفاق وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الثلاثاء أنها باشرت آلية تسوية الخلافات التي ينصّ عليها الاتفاق، وفق قولها، لإلزام طهران على احترام كل تعهداتها.

لكن برلين أكدت الخميس أن معلومة كشفت عنها صحيفة "واشنطن بوست" مفادها أن الولايات المتحدة هدّدت بشكل سرّي بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على صادرات السيارات الأوروبية لإرغامها على تفعيل آلية تسوية الخلافات.

واتهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الدول الأوروبية الثلاث بأنها خضعت لابتزاز ترمب الذي وصفه بأنه "متنمّر في المدرسة الثانوية".