أسامة مهدي: فيما اعلنت منظمة العفو الدولية توثيقها قتل 12 محتجا خلال اليومين الاخيرين وحذرت واشنطن مواطنيها من الاقتراب من سفارتها في بغداد، فقد اعلن الصدر وقف المقاومة ضد الوجود الأميركي في العراق داعيا إلى جدولة الانسحاب العسكري الأميركي، بينما استمر اليوم توافد آلاف المحتجين على ساحة التحرير وسط العاصمة.

وأعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الجمعة عن مبادرة تقضي بتوقف موقت لمقاومة الوجود الاجنبي في العراق وجدولة خروج "قوات المحتل" والدخول بهدنة معه وعدم جر العراق لحرب معه ومعاقبة من يخرق الهدنة داعيا الحكومة إلى تبنيها أو تعديلها ومن ثم تبنيها.

وأضاف الصدر في كلمة القيت في المتظاهرين، الذين خرجوا في بغداد الداعين لخروج القوات الأميركية وتابعتها "إيلاف" قائلا "على الرغم من اننا لبسنا القلوب على الدروع الدروع وكنا وما زلنا مشاريع استشهاد من اجل الدين والوطن لكننا نراعي ظروف العراق وشعبه، فلقد اعيته الحروب وانهكته البلاءات".

وأشار إلى أنّه لذلك سيتم بذل قصارى الجهود لعدم زج العراق بأتون حرب أخرى مع المحتل الاثم الذي جثم على صدر العراق وما ان جثم عليه "حتى تسلط علينا الفاسدون وضاعت ثروات العراق واشيعت بيننا الطائفية والعرقية وتجذر العنف في اواسط الشعب العراقي وملء العراق بالمقابر الجماعية العلنية وصار مرتعا للارهاب والمليشيات وانتشر الفقر والمرض وانتهكت سيادته ارضا وجوا وفتحت حدوده على مصراعيها امام من هب ودب وصار ساحة للصراعات السياسية والتدخلات الخارجية بل وساحة لتصفية الحسابات مع الخصوم وغير ذلك كثيرا".

وأضاف أنه ستتم محاولة استنفاد كل الطرق السلمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والشعبية فإن تحقق مطلب جدولة خروج قوات الاحتلال فعليا وبشكل منظور على الارض فسيتم الاستمرار بذلك.

وأشار إلى أنّ خروج "المحتل" لا يتحقق الا من خلال غلق جميع القواعد العسكرية الأميركية المتواجدة على الاراضي العراقية ووغلق مقرات الشركات الامنية الأميركية وانهاء عملها في العراق وغلق الاجواء العراقية امام الطيران الحربي والاستخباراتي للمحتل اضافة إلى الغاء جميع الاتفاقات الامنية مع المحتل لغياب التوازن الدولي فيها لانها اقرت في ظل وجود الاحتلال.

ودعا الصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى عدم التعامل في خطاباته وقراراته مع العراق بفوقية واستعلاء وعنجهية "والا قابلناه بالمثل".. وطالب دول الجوار كافة بعدم التدخل "في تعاملنا مع المحتل في حال بقائه ورفضه اخراج قواته".. واكد انه في حال تنفيذ هذه المخرجات فسيكون التعامل معه على اساس دولة غير محتلة والا فهي دولة معادية للعراق اذا خالفت الشروط والمدة المحددة.

واضاف انه من جهة العراق فإنه سيلتزم باعلان توقف موقت للمقاومة حتى خروج اخر جندي والعمل على معاقبة كل من يحاول خرق الهدنة السيادية من أي من الطرفين. وشدد الصدر على ضرورة دمج الحشد الشعبي بوزارتي الدفاع والداخلية وفي حالة عدم ذلك على الحشد الالتزام التام بجميع القرارات الصادرة عن القائد العام للقوات المسلحة بإعتباره جزءا من المنظومة الامنية.

واعتبر الصدر أن تحقيق سيادة العراق والحفاظ على وحدته وسلامة اراضيه لا يتم الا بخروج جميع القوات الاجنبية على اراضيه وعدم التدخل في شؤون العراق مطلقا وبالاخص الشؤون السياسية والاقتصادية والثقافية.

وطالب الحكومة بعقد اتفاقات ومعاهدات عدم الاعتداء مع دول الجوار كافة تستند الى الاحترام المتبادل للسيادة طبقا لميثاق الامم المتحدة ومنع جميع الجهات الرسمية وغير الرسمية من التواصل الخارجي الا من خلال القنوات الرسمية وبموافقة مسبقة واعتماد مبدأ المعاملة بالمثل مع الدول الاجنبية للحفاظ على سيادة الدولة وهيبتها. ودعا الحكومة إلى حماية مقرات البعثات الدبلوماسية والسفارات وموظفيها لكافة الدول ومنع الانتهاكات ومحاسبة الفاعلين.

تدفق المتظاهرين على ساحة التحرير في بغداد اليوم دعما لمطالب المحتجين

وناشد الصدر الحكومة العمل على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع ما يتلائم مع مصلحة الدولة وسيادتها وأن تكون الامم المتحدة أو منظمة التعاون الاسلامي او الاتحاد الاوروبي وسيطا او مشرفا على تطبيق بنود الاتفاق.. وان تقوم الحكومة العراقية بتبني هذه النقاط لحفظ كرامة وسيادة العراق وتخليصه من من الصراعات الداخلية والخارجية.

وكان آلاف العراقيين خرجوا في تظاهرة في بغداد تلبية لدعوة الصدر للمطالبة باخراج القوات الأميركية من البلاد.

وفي مقابل ذلك، استجاب عشرات الالاف من سكان بغداد لدعوة وجهتها لهم "اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين" للتوجه الجمعة إلى ساحات التظاهر والاعتصام في بغداد والمحافظات تأكيدا على دعمهم لمطالب التغيير التي ينادي بها المتظاهرون منذ الاول من اكتوبر الماضي.

السفارة الأميركية تحذر مواطنيها في العراق من الاقتراب من مبناها في بغداد

وتحت عنوان "معاداة الولايات المتحدة" في إشارة إلى التظاهرة في بغداد الجمعة ضد الوجود الأميركي في العراق فقد دعت السفارة الأميركية في العراق مواطنيها في هذا البلد من الاقتراب من مقرها هناك.

وقالت السفارة في بيان الجمعة تابعته "ايلاف" انه " من المتوقع أن تتم المظاهرات في وسط بغداد يوم الجمعة ، 24 (يناير) 2020. قد يشهد المواطنون الأميركيون وجودًا أمنيًا كثيفًا ومن المحتمل أن يتم إغلاق الطرق".

وأضافت أن "العمليات القنصلية العامة في بغداد لا تزال معلقة و يجب على المواطنين الأميركيين عدم الاقتراب من السفارة. القنصلية الأميركية العامة في أربيل مفتوحة للتأشيرات ومواعيد خدمات المواطن الأميركي بما في ذلك إصدار جواز السفر. على مواطني الولايات المتحدة في العراق أو المهتمين بالأسرة في العراق الاتصال بوزارة الخارجية على الرقم + 1-202-501-4444 أو الرقم المجاني في الولايات المتحدة على الرقم 1-888-407-4747.

كما دعت السفارة مواطنيها في العراق إلى تجنب مناطق المظاهرات ومراقبة وسائل الإعلام المحلية للحصول على التحديثات. وأمس حذرت السفارة من الاقتراب منها وهددت بإجراءات رادعة ضد المخالفين.

وأظهرت صور نشرتها وسائل اعلام عراقية واطلعت عليها "إيلاف" لافتات طويلة على جدران السفارة تقول "تحذير.. لا تتجاوز هذه النقطة. ستتخذ بحقك إجراءات رادعة في حال محاولتك التجاوز.

ومن الواضح ان التحذير موجه إلى المشاركين في التظاهرة التي انطلقت في بغداد الجمعة بمشاركة مليشيات الحشد الشعبي الداعية لاخراج القوات الأميركية من العراق.

العفو الدولية: مقتل 12 محتجا عراقيا خلال اليومين الماضيين

من جانبها، أكدت منظمة العفو الدولية مقتل أكثر من 600 متظاهر عراقي منذ اكتوبر الماضي منهم 12 خلال اليومين الماضيين موضحة انها وثقت استخدام القوات الأمنية العراقية الذخيرة الحية ضد المحتجين.

وأكدت المنظمة في تقرير لها اليوم انها تحققت عبر شهادات ومقاطع فيديو من استئناف القوات الأمنية حملة العنف المميتة ضد المتظاهرين السلميين في بغداد وعدد من مدن الجنوبية بالعراق وكذلك استخدام الأمن العراقي الذخيرة الحية وقنابل مميتة لقتل المحتجين ضمن موجة مستمرة من التخويف والاعتقالات والتعذيب.

وافادت أن التصعيد الأخير إشارة واضحة إلى أن السلطات العراقية لا نية لديها على الإطلاق لوضع حد حقيقي للقمع، وفق تعبيرها.

وطالبت العفو الدولية بالوقف الفوري "للنمط البغيض من القتل العمد والتعذيب والقمع" في العراق داعية السلطات العراقية إلى كبح جماح القوات الأمنية فورا وإبعاد المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة وبدء تحقيقات شاملة ومستقلة بهدف المساءلة وتعويض المتضررين وعائلاتهم.

ومنذ الاثنين الماضي صعد المتظاهرون من احتجاجاتهم بإغلاق العديد من الجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية والطرق الرئيسية في العاصمة بغداد ومدن وبلدات وسط وجنوب البلاد وذلك مع انتهاء مهلة منحوها للسلطات للاستجابة لمطالبهم وعلى رأسها تكليف شخص مستقل نزيه بتشكيل حكومة من المختصين غير الحزبيين تمهيدا لانتخابات مبكرة فضلا عن محاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين في الاحتجاجات.

يشار إلى أنّ المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد اكد امس توثيق مقتل 40 متظاهرا واصابة 191 آخرين واختطاف 88 محتجا خلال الفترة بين الاول والعشرين من الشهر الحالي.

ويشهد العراق منذ الأول من اكتوبر الماضي تظاهرات حاشدة انطلقت من أجل تنفيذ مطالب معيشية ومكافحة الفساد والبطالة إلا أنها سرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية تتمسك برحيل الطبقة السياسية التي يتهمها المتظاهرون بالفساد والتبعية حيث واجهتها القوات الحكومية بالعنف المفرط والمليشيات المسلحة بالاغتيال والاختطاف والتهديد، ما اسفر عن مقتل 669 متظاهرا واصابة 24.488 آخرين واعتقال 2.806 من المحتجين.