بيروت: تشهد محافظة إدلب السورية منذ تسعة أشهر تصعيداً عسكرياً متقطعاً لقوات النظام وحليفتها روسيا يتمثل في هجمات ميدانية وقصف عنيف يتمحور بشكل أساسي حول الطريق الدولي الذي يصل حلب بالعاصمة دمشق.

وإثر هجوم جديد بدأته في ديسمبر الماضي، تمكنت قوات النظام في 29 يناير من السيطرة على معرة النعمان، ثاني أكبر مدن محافظة إدلب، التي تقع بمعظمها مع أجزاء محاذية لها من محافظات أخرى، تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى أقل نفوذاً.

هجوم واسع

في فبراير العام 2019، بدأت قوات النظام تصعّد وتيرة قصفها للمنطقة خصوصاً ريف إدلب الجنوبي والمناطق المحاذية قبل أن تنضم الطائرات الروسية لها لاحقاً.

وبلغ التصعيد العسكري أوجه في نهاية أبريل مع مقتل 15 مدنياً في الـ26 والـ27 من الشهر جراء قصف جوي روسي، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان. ودعت واشنطن موسكو لوضع حد "للتصعيد".

وفي 17 مايو، اتهمت منظمة العفو الدولية النظام السوري بشن "هجوم متعمد ومنهجي" على المستشفيات والمنشآت الطبية.

بين 28 و29 مايو، قتل أكثر من أربعين مدنياً في محافظتي إدلب وحلب. في 15 يونيو، قضى 45 شخصاً على الأقل بينهم عشرة مدنيين في غارات ومعارك. وفي العشرين منه، استهدف القصف سيارة إسعاف وأسفر عن سقوط عشرين قتيلاً. كما حذرت الأمم المتحدة من خطر "كارثة إنسانية"، في حين نفت روسيا استهداف مدنيين.

واتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في 3 يونيو قوات النظام وروسيا باستخدام "أسلحة محظورة دولياً، وغيرها من الأسلحة العشوائية في هجمات غير مشروعة على المدنيين في شمال غرب سوريا في الأسابيع الماضية".

في 12 يوليو، ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "بشدة" بعمليات القصف التي تستهدف "منشآت طبية وطواقم طبية". في 22 يوليو، قتل 50 شخصاً على الأقل، غالبيتهم في غارات روسية استهدفت سوقاً ومحيطه في مدينة معرة النعمان.

واستمرت الوتيرة نفسها ليسفر القصف عن سقوط قتلى في صفوف المدنيين والمقاتلين بشكل شبه يومي، فيما كانت الفصائل تردّ باستهداف مناطق سيطرة قوات النظام القريبة، موقعة عشرات القتلى أيضاً.

تزامن ذلك مع تقدم لقوات النظام التي سيطرت في 21 أغسطس على مدينة خان شيخون، الواقعة على الطريق الدولي، في جنوب إدلب. وفي 31 أغسطس، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية تركيا وروسيا حيز التنفيذ.

وأسفر الهجوم بين أبريل وأغسطس عن مقتل حوالى ألف مدني، وفق المرصد السوري، كما دفع بـ400 ألف شخص للفرار بحسب الأمم المتحدة.

زيارة الأسد
شهدت المحافظة هدوءاً نسبياً، من دون أن تتوقف خروقات وقف إطلاق النار.

وفي 19 سبتمبر، استخدمت روسيا والصين حقّ النقض لمنع صدور قرار عن مجلس الأمن يفرض "وقفاً فورياً لإطلاق النار" في محافظة إدلب.

وفي 22 أكتوبر، قام الرئيس بشار الأسد بأول زيارة له إلى محافظة إدلب منذ اندلاع النزاع في العام 2011. وأكد أن معركة إدلب هي "الأساس" لحسم الحرب في سوريا.

تصعيد جديد

في نهاية نوفمبر، عادت الاشتباكات إلى جنوب إدلب وتصاعدت تدريجياً.

ومنذ منتصف ديسمبر، صعّدت قوات النظام بدعم من الطيران الروسي قصفها تزامناً مع معارك على الأرض تركزت بشكل أساسي في محيط مدينة معرة النعمان.

وخلال أسبوعين فقط، وثق المرصد السوري مقتل 80 مدنياً على الأقل جراء القصف الجوي.

وبعد أسابيع من القصف العنيف، أعلنت روسيا في التاسع من ديسمبر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أكدته تركيا لاحقاً، إلا أنه لم يستمر سوى لبضعة أيام فقط.

وفي الـ15 من يناير 2020، قتل 19 مدنياً جراء غارات شنّتها قوات النظام على مدينة إدلب.

وفي الـ21 من الشهر، أسفرت غارات روسية عن مقتل 23 مدنياً في جنوب إدلب وغرب حلب. وردت الفصائل الجهادية باستهداف مدينة حلب ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين، وفق الإعلام الرسمي السوري.

وفي الـ23 من يناير، اعتبر الاتحاد الأوروبي أن استئناف الهجوم في إدلب "غير مقبول" وطالب بوقف الضربات الجوية.

وفي الـ26 من الشهر، أعربت اللجنة الدولية للصليب الاحمر عن قلقها إزاء التصعيد الذي يجعل "حياة الآلاف صعبة مما يضطرهم للنزوح".

وتزامن ذلك مع اقتراب قوات النظام أكثر وأكثر من مدينة معرة النعمان، التي وصلت إلى أطرافها الشرقية في الـ27 من الشهر.
وفي 29 يناير أعلن الجيش السوري تحرير معرة النعمان.

دفع التصعيد منذ ديسمبر بـ358 ألف شخص إلى النزوح من المنطقة وخصوصاً معرة النعمان باتجاه مناطق أكثر أمناً شمالاً، وفق الأمم المتحدة. وبين هؤلاء النازحين 38 ألفاً فروا بين 15 و19 يناير، غالبيتهم من غرب حلب.