وجه القضاء الفرنسي يوم الجمعة الماضية تهم ارتكاب جرائم حرب وتعذيب لقيادي سابق في جماعة "جيش الإسلام" السورية المسلحة المعارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد التي يشتبه بأنها اختطفت واحتجزت وعذبت المحامية السورية المتخصصة في حقوق الإنسان، رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة، أحد مؤسسي لجان التنسيق المحلية (LCC) والناشطة السياسية سميرة الخليل ومحامي حقوق الإنسان ناظم الحمادي، والذين يعرف اسمهم بـ (دوما 4) وقد تم اختطافهم من المكتب المشترك لمركز توثيق الانتهاكات (VDC) ومكتب التنمية المحلية ودعم المشروعات الصغيرة في دوما في العام 2013.

وحول ردود الفعل التي صاحبت اعلان الخبر قال فاتح حسون القيادي في حركة "تحرير وطن" في تصريح لـ "ايلاف" بداية لا يمكن لأي حر خرج ضد نظام الأسد في أي مكان داخل سوريا وخارجها إلا أن يكون هدفه نيل وتحقيق الحرية والعدالة، "وهذا ما عرفناه عن الجيش الحر الذي حمى الشعب السوري الثائر بدمه وروحه، وقدم في سبيل السعي لإسقاط ظلم وجور نظام الأسد الغالي والنفيس".

وأضاف "في تتالي الأحداث ومجريات الأمور قد تحدث أخطاء وتصرفات فردية غير قانونية لا تكون منهجة، ولا يمكن أن يشمل توصيفها القانوني كافة الكيانات المرتبطة بالشخص المخطئ، وبالتالي لا بد من عدم تعدي المحاسبة على من سواه".

علوش

أوضح حسون "ان إسلام علوش كان ناطقًا رسميًا لجيش الاسلام لفترة من الفترات، ولم يكن صاحب قرار فيه، وتحميله شخصيًا شبهات وأفعال غير مؤكدة هو مجانبة للصواب. فلقد صرح جيش الإسلام بعد اعتقاله بأنه لا يوجد أي دليل جنائي حول التهم الموجهة إليه".

وتابع أنه وفق متابعاتنا فهو نفسه لو كان يعلم أن لديه سلوك خاطئ "في مسيرته الثورية يرتقي لمستوى "جريمة" لما كان سافر بإرادته إلى فرنسا لاستكمال دراسته، ويبدو أن الدعوى تحتاج إلى وقت أطول لتتضح ملابساتها".

وشدد حسون لا أحد منا كجيش حر ومعارضة ثورية يقف مع ظالم أيًا كان، ولا مع حالة ظلم في أية دولة، "ونثق بالقضاء الفرنسي الذي نطلب منه الإسراع في تبيان الحقيقة، ونعتب عليه تراخيه بملاحقة مجرمي نظام الأسد الذين ارتكب بعضهم مجازر أودت بحياة عشرات الآلاف من السوريين بأوامر مباشرة منهم ومشاركة في التنفيذ كذلك، كرفعت الأسد ومعاونيه".

وتوجه حسون بطلب "للقانونيين الأحرار لتمكينه من الوصول لحقه بالدفاع عن نفسه من خلال تعيين محامي متخصص في فرنسا لذلك وعدم تركه وحيدا، حيث له ولغيره من قادة الجيش الحر تاريخ نضالي في حماية السوريين، وهذا التاريخ النضالي لا أراه حاجز لتحقيق العدالة مهما كانت صفة الشخصية المتهمة وأهميتها، شرط إثبات التهمة بالطرق القانونية، وإلا ستكون القضايا القانونية بابا من أبواب تصفية الحسابات السياسية، وهذا ما لا نرتضيه أن يحدث".

واعتبر أنه من الواضح أن "تهمة إسلام علوش ترتبط بجريمة خطف وتغييب الناشطة الحرة رزان زيتونة ورفاقها، وهي جريمة نحتاج كسوريين لمعرفة ملابساتها، والوصول للحقائق حولها، ومحاسبة مرتكبيها، ولكن دومًا وأبدا يصرح جيش الاسلام بأنه لا علاقة له بهذه الجريمة، وهو ما يجب أخذه بالحسبان، وعدم البناء على أن المتهم مذنب، بل برئ حتى تثبت إدانته. وأما باقي التهم التي ترتقي لمستوى جرائم حرب، فإن نظام الأسد وداعموه يرون أن كل من حمل السلاح ضد نظام الأسد مجرم يجب محاسبته بأشد العقوبات، وبالتالي هي قضية سياسية وليست قانونية."

تعذيب

هذا وذكر مصدر قضائي لوكالة فرانس برس في وقت سابق أن الناطق السابق باسم الجماعة أوقف الأربعاء في فرنسا. ومثل الجمعة أمام قاضي التحقيق في باريس الذي وجه إليه تهم التعذيب وارتكاب جرائم حرب والتواطؤ في حالات اختفاء قسري.

وعلوش ليس اسمه الحقيقي ، بل عرف به ، واسمه الحقيقي مجدي نعمة و هو من مواليد عام 1988 يقيم في فرنسا بتأشيرة طالب في إطار برنامج "إيراسموس" المخصص للطلاب وتم توقيفه في مدينة مرسيليا (جنوب).

ويخشى المعارضون ممن حملوا السلاح ضد الرئيس السوري بشار الأسد أن تلاحقهم المحاكم والقضايا ، رغم الدعم الدولي لهم ، عوض أن تلاحق يد العدالة النظام السوري لارتكابه جرائم حرب ضد المدنيين ومن المتوقع توكيل محامين يدافعون عن علوش لكيلا تكون سابقة ناجحة من الممكن البناء عليها للمجتمع المدني و القضاء الفرنسي .

وتراوحت ردود الفعل منذ اعلان الخبر الا أن الإجماع كان بغية المطالبة بالقصاص من كل من تورط في دماء السوريين .

تهم

واتهم من قبل وحدة جرائم الحرب التابعة لمحكمة باريس بإرتكاب جرائم حرب وجرائم التعذيب والإخفاء القسري، وبذلك تم فتح أول تحقيق في الجرائم التي ارتكبتها الجماعة المسلحة المتمردة والتي كانت تنشط بشكل رئيسي في الغوطة الشرقية، في ضواحي دمشق. تم اتهام جيش الإسلام بارتكاب جرائم دولية ممنهجة ضد المدنيين الذين يعيشون تحت حكمها من عام 2013 حتى عام 2018.

شكوى

في 26 حزيران من العام 2019، قدمت المنظمات من بينها المركز السوري الذي يرأسه الناشط السوري مازن درويش شكوى ضد جيش الإسلام على الجرائم التي ارتكبتها المجموعة في الأعوام ما بين 2013 و 2018. ومنذ ذلك الحين، رافقوا حوالي 20 ضحية وعائلاتهم، من بينهم شخصيات من عائلات (دوما 4)، في بحثهم عن الحقيقة والعدالة القضائية.

أعقب هذه الشكوى اعتقال إسلام علوش في 29 كانون الثاني عام 2020 في مرسيليا وتلاها رفع لائحة الاتهامات، مما مهد الطريق للتحقيق الأول في جرائم الجماعة المسلحة المتمردة. كان مجدي مصطفى نعمة، المعروف باسم إسلام علوش، المتحدث الرسمي وأحد كبار المسؤولين في جيش الإسلام. بلغ عدد أفراد المجموعة أكثر من 20 ألف مقاتل وقادوا عهداً من الرعب في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، بشكل أساسي في الغوطة الشرقية والتي سيطر عليها جيش الإسلام من عام 2013 حتى عام 2018، إلى أن فقدوا السيطرة عليها في نيسان من العام 2018.

عدالة

وقال مازن درويش، مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بحسب بيان اطلعت" ايلاف " على تفاصيله "خلال تسع سنوات، تسبب الصراع في خسارة مئات الآلاف من الأرواح والملايين من الضحايا. بالنسبة لجميع هؤلاء لا يمكن أن يكون هناك عدالة مجتزأة وانتقائية وذات دوافع سياسية، أو مبنية على أساس إنتماء مرتكبي الجرائم الدولية إلى هذه المجموعة أو غيرها في صراعٍ تم خلاله توثيق الجرائم – ولا تزال توثّق – بشكلٍ جيد. يجب أن تستهدف مكافحة الإفلات من العقاب جميع الأطراف المذنبين بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وهذا هو الضمان الوحيد لإحلال سلام دائم في سوريا."

معلومات

وفقاً للمعلومات التي جمعتها SCM و FIDH و LDH ، كان إسلام علوش، نقيب سابق في القوات المسلحة السورية الحكومية، ثم أصبح أحد كبار ضباط جيش الإسلام ومتحدثاً رسمياً باسمه، جنباً إلى جنب مع زعيمها زهران علوش، مؤسس المجموعة في عام 2011 حتى مقتله في غارة بالقنابل في عام 2015. ويُزعم أيضاً أن إسلام علوش كان متورطاً في التجنيد القسري للأطفال في صفوف المجموعات المسلحة. العديد من الضحايا يجرمونه ويتهمونه بشكلٍ مباشرٍ بالخطف والتعذيب.

جرائم

وجاءت الشكوى المقدمة في حزيران 2019 بعد أكثر من ثلاث سنوات من الوثائق التي قدمتها SCM و FIDH بشأن الجرائم التي ارتكبها جيش الإسلام، وتضمنت: الإعدام بدون محاكمة والخطف والتعذيب الممنهج ضد الرجال والنساء والأطفال. استهدفت المجموعة (جيش الإسلام) الأشخاص المشتبه تواطؤهم مع النظام وكذلك المدنيين العاديين، المتهمين بعدم تطبيق الشريعة التي تفرضها المجموعة بشكلٍ صارم، أو لأنهم ينتمون إلى أقليات دينية.

و نقلاً عن ميشيل توبيانا، المحامي والرئيس الفخري للـ LDH وباتريك بودوين، المحامي والرئيس الفخري للـ FIDH: “تجدر الإشارة إلى أن التعاون بين SCM و FIDH و LDH قد أسفر عن إصدار قضاة فرنسيين مذكرات اعتقال دولية في تشرين الأول من العام 2018 ضد ثلاثة من كبار مسؤولي النظام السوري: علي مملوك وجميل حسن وعبد السلام محمود. ووُجهت لهم اتهامات بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب متعلقة بإخفاء وتعذيب وموت مواطنين مزدوجي الجنسية سوريين-فرنسيين، هم مازن وباتريك الدباغ. قُبض على الأب وابنه على أيدي ضباط المخابرات الجوية السورية في تشرين الثاني من العام 2013 واحتُجزوا في مطار المزة العسكري الشهير. وقام كل من عبيده الدباغ و FIDH و LDH و SCM بفتح القضية في تشرين الأول من العام 2016."

و قال ميشيل توبيانا، المحامي والرئيس الفخري للـ LDH إن اتهام أحد كبار المسؤولين السابقين في جيش الإسلام عقب فتح تحقيقات أو محاكمات قضائية ضد أعضاء نظام بشار الأسد وضد الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل داعش والقاعدة يفتح فصلاً جديداً في محاكمة الجرائم الدولية المرتكبة في سوريا منذ عام 2011."

وأكدت السيدة كليمونس بيكتارت، المحامية ومنسقة مجموعة عمل التقاضي التابعة لـ FIDH.“ليس لدينا شك في أن هذا التحقيق سوف يلقي ضوءاً جديداً على الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبها جيش الإسلام، وكذلك حول اختفاء المحامية البارزة وناشطة حقوق الإنسان رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة وزميليهما. إن النزاهة والقيم العادلة والتزام رزان بالسلمية تبقى شعاراً للآمال التي رفعتها الانتفاضة الديمقراطية السورية المبكرة، ويستحق الشعب السوري معرفة ما حدث لرزان أخيراً.".