دبلن: أصبح حزب "شين فين" على اعتاب القيام بدور محتمل في الحكومة الايرلندية بعد فوزه بالتصويت الشعبي في الانتخابات التي جرت السبت، في نتيجة هزت المشهد السياسي في البلاد.

تشكل هذه النتيجة ضربة قاسية لسياسة الحزبين السائدة في ايرلندا، وتفتح الباب اما دور محتمل لحزب قومي كان معزولا بسبب ارتباطه السابق بالجيش الجمهوري الايرلندي.

بلغ عزل الحزب درجة حظر زعيمه السابق جيري ادامز وغيره من ممثلي الحزب من الظهور على شاشات التلفزيون أو التحدث في الاذاعات في المملكة المتحدة بسبب العنف المناهض للحكم البريطاني لايرلندا الشمالية والذي استمر ثلاثة عقود حتى 1998.

لكن بعد عقدين من السلام وتولي ماري لو ماكدونالد زعامة الحزب، لقيت سياسات الحزب اليساري بشأن معالجة ازمات الاسكان والصحة، تأييداً لدى الناخبين.

وقالت ماري لو ماكدونالد إن الحزبين الرئيسيين "فين غايل" (العائلة الإيرلندية) و"فيني فيل" (جنود المصير) "في حالة نكران" ولم يستمعا الى صوت الشعب.

أكدت أنها بدأت محادثات مع احزاب يسارية اصغر لمحاولة "اختبار" ما إذا كان بالإمكان تشكيل حكومة دون الحزبين الرئيسيين اليمين الوسط. وقالت أثناء جولة في شوارع دبلن تحدثت خلالها مع مؤيديها وتجار في السوق "ربما أصبح رئيسة الوزراء المقبلة".

وأضافت "لقد فاز شين فين في الانتخابات، لقد فزنا بالأصوات الشعبية .. أنا متأكدة أن الناس الذي خرجوا للتصويت لشين فين، صوّتوا لمصلحة أن يكون شين فين في الحكومة".

وأقر رئيس الوزراء ليو فاردكار زعيم "فين غايل" بالانتقال الى "نظام الثلاثة أحزاب". وقال ان المحادثات بين الأحزاب قد تكون طويلة وصعبة".

بعد فرز الأصوات في جميع الدوائر الانتخابية الـ39 الاحد، حلّ "شين فين" في الصدارة مع نسبة 24,5% من الأصوات الشعبية، أمام الحزبين الكبيرين من يمين الوسط، "فيني فيل" الذي حصد 22,2% وحزب رئيس الوزراء المنتهية ولايته الذي حاز نسبة 20,9 % من الأصوات.

وقال ايوين اومالي الاستاذ المساعد في جامعة دبلن سيتي لوكالة فرانس برس "على النظام السياسي الايرلندي التجاوب مع هذه النتيجة وربما أن يقبل أن شين فين سيكون جزءاً من الحكومة المقبلة".

قبول لدى الشباب
عند الساعة 16,00 ت غ، قالت اذاعة "ار تي إي" الحكومية انه تم ملء 123 مقعدا من مقاعد مجلس النواب الايرلندي البالغة 159 مقعدا.

حصل شين فين، الذي يتبنى سياسة توحيد جمهورية ايرلندا مع ايرلندا الشمالية، على 37 مقعدا، بينما حصل "فيني فيل" على 26 معقدا، و"فين غايل" على 24. وبلغت نسبة المشاركة 62,9%.

إلا أن "شين فين" لم يخض الانتخابات إلا ب42 مرشحا، ما يعني أنه رغم نتائجه القوية في التصويت الشعبي، قد لا يصبح أكبر حزب في البرلمان المقبل.

واستبعد الحزبان الرئيسيان عقد اي صفقة مع شين فين بسبب ارتباطه السابق بجيري ادامز الذي نفى لفترة طويلة المزاعم بأنه كان يلعب دورا قياديا في الجيش الجمهوري الايرلندي.

خلال "الاضطرابات"، شن الجيش الجمهوري الايرلندي حملة ضد نظرائه الوحدويين وقوات الأمن البريطانية بسبب الحكم البريطاني لايرلندا الشمالية. واسفر ذلك عن مقتل اكثر من 3000 شخص من الجانبين.

يبدو أن سياسات ماكدونالد بشأن معالجة التفاوت في الثروة ونقص المساكن لقيت صدى لدى الشباب في الجمهورية العضو في الاتحاد الأوروبي البالغ عدد ناخبيها 3,3 مليون. وأيد 32% بالمئة من الناخبين البالغة أعمارهم 18-24 و25-34 حزب شين فين، بحسب ما دلت استطلاعات الخروج من مكاتب الاقتراع السبت.

وقال دارين هارت مدير مقهى في دبلن ان الوقت حان لكي يدخل حزب جديد المنافسة بعد عقود من هيمنة الحزبين. أضاف "سواء كان له ماض مضطرب أم لا، فإن هذا الحزب يستحق فرصة كغيره من الأحزاب".

ووصف فياشي كيلي، نائب رئيس تحير الاخبار السياسية في صحيفة "ايريش تايمز" ماكدونالد بأنها "نجمة الحملة". وقال ان هجماتها على دعم "فيني فيل" حكومة الاقلية "كانت فعالة للغاية".

اضاف انها "حرمت زعيم فيني فيل ميشيل مارتن من زعمه بأنه عنصر تغيير، وقوت شين فين بصفته حزبا يعرض التغيير الجذري".

ائتلاف متوقع
في مؤشر إلى التغيير الكبير في السياسة الايرلندية، خسر فارادكار (41 عاما) المقعد الأول في دائرته الانتخابية لمصلحة مرشح شين فين. واعتبر ذلك ضربة له نظرًا الى أنه يواجه الناخبين لأول مرة كرئيس وزراء.

يجسّد المثلي فارادكار المولود لأب هندي وأم إيرلندية، نهج الحداثة في بلاد كانت متزمتة كاثوليكياً بعد استفتاءات الغت القوانين الصارمة على الاجهاض وزواج المثليين. لكنّ شعبيته تراجعت بعد ثلاثة أعوام في السلطة.

وينعقد البرلمان الجديد في 20 فبراير. ويتوقع اومالي تشكيل ائتلاف بين "فيني فيل" و"شين بيت" لتشكيل الحكومة المقرر في مطلع مارس.