اتخذت "الصدام" التركي – الروسي، منحى مختلفا غير البيانات والاتهامات المتعلقة بمواقف قيادتي البلدين مما يجري في شمال غرب سوريا، وهو تمثل بإجراءات اعتقال وتفتيش لصحافيين في مكتب وكالة "سبوتنيك" الروسية في تركيا.

وعلى خلفية تقرير نشرته الوكالة الروسية وصفت فيه (هطاي) بالولاية المسروقة من سوريا، نفذت الشرطة التركية حملتها ضد صحافيي الوكالة، بينما دعت وزارة الخارجية الروسية أنقرة إلى التدخل وتأمين سلامة ممثلي وسائل الإعلام الروسية على الأراضي التركية.

وكانت الشرطة داهمت منازل ثلاثة صحفيين متعاونين مع "سبوتنيك" واعتقلتهم مساء السبت، وللاعتقال في وقت لاحق، وقالت الخارجية الروسية إن الإجراء انتهاك صارخ لحقوق الصحفيين.

كما أعربت رئيسة تحرير وكالة الأنباء الدولية "روسيا سيغودنيا" وقناة "آر تي"، مارغاريتا سيمونيان، عن استيائها إزاء اعتقال موظفي "سبوتنيك تركيا".

عمليات تفتيش

وأعلن ممثل وكالة "سبوتنيك التركي"، اليوم الأحد، أن الشرطة التركية تجري عمليات تفتيش في مكتب "سبوتنيك" في إسطنبول، مشيرا إلى أن الأمر صدر عن مكتب المدعي العام للمدينة، ولم يتم ذكر الأسباب.

وأضاف "تقوم الشرطة التركية بعمليات تفتيش في مكتب سبوتنيك في إسطنبول، وقد أصدر المدعي العام في إسطنبول مذكرة التفتيش، دون ذكر أي أسباب لهذه العملية".

وفي وقت سابق، أعلنت وكالة "سبوتنيك" الناطقة باللغة التركية عن اعتقال رئيس تحريرها، ماهر بوزتيبي، في تركيا.

إهانة

وإلى ذلك، نقلت "سوزجو" عن سيركان توبال، عضو البرلمان التركي عن ولاية هطاي، والمنتمي لـ"حزب الشعب الجمهوري" المعارض قوله إن ما جاء في تقرير "سبوتنيك" يعتبر إهانة لأهالي هطاي الذين عاشوا فيها سابقا، لأنهم اختاروا بطريقة ديمقراطية مستقبلهم ضمن تركيا ولو أعيد عليهم الاختيار اليوم، لكانت النتيجة نفسها، مضيفا أن الموضوع غير قابل للنقاش.

وذكرت صحيفة "زمان" التركية المعارضة أن تقرير "سبوتنيك" الذي حمل عنوانه سؤالا "لماذا منحت فرنسا تركيا هذا الجزء من سوريا قبل 80 عاما؟"، أثار موجة من الجدل حول سيادة تركيا على ولاية هطاي الحدودية مع سوريا، "في ظل حديث عن أطماع أنقرة لضم إدلب إلى أراضيها".

وأشارت "زمان" إلى أن التقرير جاء في الوقت الذي ظهرت فيه مطالب بضم مدينة إدلب إلى تركيا عقب قصف الجنود الأتراك فيها الأسبوع الماضي، قبل أن يؤكد الرئيس أردوغان في خطاب له السبت أن تركيا ليست لديها أطماع توسعية في سوريا.

تقرير سبوتنيك

وكان تقرير "سبوتنيك" الروسية ذكر أن المنطقة التي يطلق عليها ولاية هطاي التي تضم لواء الإسكندرون وأنطاكيا، انتقلت إلى السيادة التركية، عن طريق استفتاء "مثير للجدل ومشكوك فيه" في عام 1939.

وأشار التقرير إلى أن الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك وقع عام 1923 على اتفاقية لوزان التي تحدد حدود الدولة التركية، لافتا إلى أن منطقة هطاي انتقلت فجأة إلى السيادة التركية بعد أن نظمت فرنسا، التي كانت تسيطر على هطاي، "استفتاء مثيرا للشكوك" عام 1939 وانتقلت هطاي للسيادة التركية.

وفي عام 1945 حصلت سوريا على استقلالها، ورفضت الاعتراف بأن هطاي جزء من الأراضي التركية، إلا أنه لم يتم الحديث عن هذا الأمر كثيرا إلى أن جُرَّ الجيش التركي للحرب في سوريا.

ولفتت "سبوتنيك" إلى أن هطاي كانت تضم قبائل تركية وعربية وتركمانية وعلوية وأرمنية ويونانية، ولكن أنقرة أحدثت تغييرا ديموغرافيا من خلال توطين الأتراك فيها لتتريكها، مشيرة إلى أن العلاقات السورية التركية كانت متوترة بسبب أزمة هطاي لعشرات السنوات.