الرباط: احتضن منزل الدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية اليوم الثلاثاء بالرباط اجتماعا ضم قيادتي حزبي الإستقلال (معارض) والعدالة والتنمية (يقود الحكومة)، الشيء الذي يعتبر مؤشرا على عودة التقارب بين الحزبين في أفق الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها العام المقبل بالمغرب.

تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين الحزبين، اللذان تجمع بينهما العديد من التوجهات منها كونهما حزبين محافظين، عرفت تقلبات قوية خلال السنوات الأخيرة. فبعد انتخابات 2012 شارك حزب الإستقلال في التحالف الحكومي بقيادة عبد الإله ابن كيران، أمين عام "العدالة والتنمية" آنذاك. غير أن انتخاب الزعيم النقابي حميد شباط أمينا عاما لحزب الإستقلال خلال نفس السنة قلب هذا التحالف رأسا على عقب مؤديا إلى انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة وتحوله إلى المعارضة، وأصبح شباط خصم ابن كيران اللذوذ. إلا أن الود عاد بين الحزبين وزعيميهما عقب انتخابات 2016. وتمسك ابن كيران بتحالفه مع شباط حتى آخر لحظة عندما كلف بتشكيل حكومة جديدة عقب تلك الانتخابات التي حصل فيها حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى وحزب الاستقلال على المرتبة الثالثة.

وبعد فشل ابن كيران في تشكيل تحالف الغالبية بسبب تمسكه بحزب الاستقلال ورفض باقي الأحزاب ، أعفى العاهل المغربي ابن كيران من مهمة تشكيل الحكومة وكلف بها عوضا عنه زميله في الحزب سعد الدين العثماني، الذي أصبح فيما بعد أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية.

ومنذ ذلك الحين آلت الأمانة العامة لحزب الاستقلال إلى نزار بركة خلفا لحميد شباط عقب صراعات حزبية داخلية شديدة. وظل الحزب يمارس "المعارضة البناءة" ضد الحكومة التي يقودها العثماني.

وأشار بيان صادر عن الاجتماع الذي عقدته قيادتي الحزبين اليوم، إلى أن هذا الاجتماع تم "بمبادرة من الأمينين العامين لحزب العدالة والتنمية الدكتور العثماني، وحزب الاستقلال بركة"، مضيفا أن "قيادتي الحزبين التأمت في لقاء تواصلي وتشاوري يومه الثلاثاء 15 رجب 1441 ه الموافق ل 10 مارس 2020، وذلك بمقر إقامة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية".

وأشار البيان إلى أن هذا اللقاء "شكل مناسبة لتقاسم وجهات النظر حول تطورات الوضع السياسي ببلادنا، وأمام التحديات المعقدة المطروحة اليوم أمام الفاعل الحزبي للنهوض بأدواره التأطيرية والتوجيهية والاقتراحية في أفق طفرة نوعية تستجيب لحاجيات وانتظارات المواطنات والمواطنين، ومن شأنها استعادة ثقة المواطن للمشاركة في الحياة العامة، والمساهمة في تفعيل المواطنة النشيطة، والانخراط الإيجابي في البناء المشترك".

وأضاف أن "الطرفين أكدا في ضوء قراءتهما للمرحلة إرادتهما المشتركة والقوية على الإسهام إلى جانب كل الأحزاب السياسية الوطنية وكافة القوى الحية في المجتمع، من أجل مواصلة مسار الإصلاح السياسي والمؤسساتي، وتسريع وتيرته، بما يوطد دولة الحق والقانون والمؤسسات، ويعزز مصداقية المؤسسات المنتخبة، وذلك ترصيدا للمكتسبات الديمقراطية والسياسية والتنموية التي راكمتها بلادنا، وتحصينا للنموذج المجتمعي المغربي الدينامي والمتطور في انسجام مع الثوابت الدستورية الجامعة ككل غير قابل للتجزيئ".

وثمنت قيادتا الحزبين، حسب البيان، "انطلاق ورش المشاورات مع السيد رئيس الحكومة حول الإصلاحات السياسية والانتخابية، في إطار الحوار والتشاور، لا سيما الإصلاحات الرامية إلى مراجعة المنظومة الانتخابية وتقوية المشاركة السياسية، وإلى تخليق الانتدابات التمثيلية، واحترام إرادة المواطنات والمواطنين في اتخاذ القرار السياسي والتنموي على الصعيد الوطني والترابي".

وختم البيان بالإشارة إلى أن "اللقاء مر في أجواء أخوية وإيجابية، وتقرر مواصلة الطرفين للقاءاتهما المشتركة، بما يسهم في تحقيق التعبئة الوطنية المأمولة لإنجاح كل الاستحقاقات الوطنية التي تستشرفها بلادنا".