إسماعيل دبارة من تونس: تحشد قوات حكومة الوفاق الليبية قواتها بمساعدة جوية من الطيران التركي المسيّر عن بعد، من جديد ولثالث مرة في أقل من شهر، من أجل الهجوم على قاعدة الوطية الجوية العسكرية.

وبدأت قوات حكومة الوفاق ومقرها طرابلس، بإعادة حشد وتجميع قواتها، تمهيداً لتنفيذ ثالث هجوم عسكري على قاعدة الوطية الجوية غرب البلاد، زذلك بعد يومين من فشل هجوم ضخم لاقتحام القاعدة وانتزاعها من سيطرة الجيش الليبي الذي يقيده المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على مساحات من شرق وجنوب البلاد.

وقال مسؤول عسكري بجهاز الرصد والمتابعة بالقيادة العامة للجيش الليبي (قوات حفتر) لـ"العربية.نت" إن "قوات الوفاق ضاعفت من إمكانياتها البشرية والعسكرية في مناطق قريبة من مقر القاعدة الجوية"، مضيفاً أنّه "تمّ رصد عدة تجمّعات بضواحي مدينة الجميل تحديداً مناطق أركاريك وحشانة وأخرى بجهة العجيلات والعقربية على بعد 2 كم من قاعدة الوطية"، مؤكداً أن محيط القاعدة "آمن وتحت سيطرة الجيش الليبي، الذي يتابع كل تحركات "العدوّ" ومستعد للتعامل معها"، لافتاً إلى أن ما حدث خلال الأيام الماضية "هو فقط بداية للمعركة".

ومازالت قاعدة الوطية تشكل عائقاً أمام قوات حكومة "الوفاق" الليبية، التي تمكنت قبل أيام من السيطرة على ثماني مناطق غرب طرابلس، بما فيها مناطق متاخمة للقاعدة، من بينها العسة والطويلة جنوب العجيلات، دون أن تتمكن من اقتحام القاعدة الواقعة على مسافة 180 كيلومتراً جنوب غرب العاصمة.

ما أهمية القاعدة؟

لهذه القاعدة العصيّة، أهمية بالغة لأطراف النزاع الليبي، وكانت تحمل إسم "قاعدة عقبة بن نافع" وتقع جنوب العجيلات وتابعة اداريا لمنطقة الجميل.

تتسم القاعدة بموقع استراتيجي هام، حيث انها تغطي كافة المنطقة الغربية وتستطيع تنفيذ عمليات قتالية جوية ضد أهداف عسكرية في الداخل وحتى في الدول المجاورة إن دعت الحاجة لذلك.

وبنى الأميركيون هذه القاعدة عقب الوصاية الدولية الثلاثية بين بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة على ليبيا "المستعمرة الايطالية السابقة" عام 1942.

وتعتبر "الوطية" قاعدة عسكرية خالصة وهي الوحيدة في ليبيا التي لا يستعملها الطيران المدني، إذ أن أغلب القواعد العسكرية في ليبيا تستعمل كمطارات مدنية مثل بنينا وطبرق والأبرق ومعيتيقة وسبها، وهي ذات بنية تحتية عسكرية تعتبر الأكبر في البلاد، حيث تستطيع هذه القاعدة الجوية استيعاب وايواء 7 آلاف عسكري.

تم بناء القاعدة الجوية الضخمة على أساس التحصينات الطبيعية من تضاريس محيطة بها. وتقول التقارير إنّ قاعدة الوطية الجوية تتمتع بتحصين طبيعي يمنحها مجالا جويا مفتوحا يفضح أي عملية تسلل جوي محتمل، كما أن مساحتها الشاسعة تجعل من الزحف اليها أمرا مستعصيا، إذ أنها تقع في منطقة مفتوحة وغير مأهولة، كما أن مداخلها ومخارجها مجهولة لمن لم يستعملها سابقا.

ما الذي تعنيه خسارة "الوطية"؟

تطمح قوات حكومة الوفاق ومن ورائها تركيا التي تتدخل منذ بداية العامة عسكريا لنصرة حكومة طرابلس، للسيطرة على هذه القاعدة العسكرية الاستراتيجية، التي تمتد على مساحة 40 كم، وتبعد 140 كم عن طرابلس وحوالي 30 كم على الحدود التونسية، لتحقيق تقدم ميداني كبير وتفوق عسكري هام، فالسيطرة عليها يعني قطع خطوط الإمدادات الموجهة لقوات الجيش الليبي بالعاصمة طرابلس، خاصة بمدينة ترهونة، وتعني أيضا السيطرة على سماء كامل المنطقة الغربية.

أما بالنسبة لقوات حفتر، فإنّ خسارة "الوطية"، فتعني بالضرورة خسارة المركز الرئيسي لقيادة عملياتها في المنطقة الغربية.

ويعني سقوط "الوطية" كذلك حرمان قوات حفتر من مركز تحشيد وتهديد لمدن الساحل الغربي والإغارة جوا على طرابلس، وحماية ظهر العاصمة خلال صدها للهجمات من الجنوب والجنوب الشرقي.

وبسقوط "الوطية"، سيُمنع حفتر من إرسال تعزيزات عسكرية للقاعدة من شأنها قلب المعركة في الساحل الغربي.

في حين ستستغل قوات الوفاق السيطرة على "الوطية" من أجل التفرغ لمعركة مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس).