أعربت المبادرة اليمنية للدفاع عن حقوق البهائيين عن قلقها الشديد إزاء التطورات التي شهدتها قضية اضطهاد البهائيين في صنعاء، وعن تزايد المخاوف من أن يكون إعلان العفو الذي لم ينفذ حتى الآن مجرد مناورة لخداع المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية بغية تحقيق مطالب معينة من ورائها، وحيلة للاستمرار في الاضطهاد المنهجي الذي يستهدف آلاف البهائيين في اليمن.

إيلاف: صرح محمود محمد المتحدث الرسمي باسم المبادرة في بيان تلقت (إيلاف) نسخة منه، بأن: "حقيقة التطورات على أرض الواقع تؤكد أن ما يحدث معاكس تمامًا للإعلان التلفزيوني عن العفو غير المشروط. فالأمور تزداد تعقيدًا، والاضطهاد مستمر من دون أي تغيير حقيقي، بل أن المخاطر على حياة المعتقلين تتضاعف بشكل كبير بسبب الإصرار على ابقائهم في السجون رغم تفشي جائحة كورونا".

وأضاف المتحدث: "إذا ثبت بأن إعلان شخصية قيادية مثل رئيس المجلس السياسي عن الإفراج والعفو غير المشروطين كان مجرد مناورة لخداع المجتمع الدولي وإلهاء الإعلام بأوهام غير صادقة، فإنها ستكون سقطة أخلاقية كبيرة وإثبات لا يشوبه شك بأن السلطات الحوثية مستمرة بكل اجنحتها في تنفيذ أجندة منهجية تستهدف اليمنيين البهائيين وتريد إبادة إحدى مكونات المجتمع اليمني".

6 تطورات
وكشفت المبادرة اليمنية النقاب عن 6 تطورات شهدتها قضية البهائيين في صنعاء خلال الأسابيع والأيام الأخيرة تؤكد أن ما يحدث عمليا معاكس تمامًا لوعود رئيس المجلس السياسي، وهي:

1) رغم مرور قرابة 60 يوما من الإعلان عن العفو غير المشروط والإفراج عن حامد بن حيدرة وخمسة بهائيين آخرين مسجونين في سجون صنعاء، إلا أن هذا الإعلان لم ينفذ حتى تاريخه ، بل أظهرت التقارير قيام النائب العام ورئيس النيابة الجزائية والقاضي باتخاذ خطوات تعوق تنفيذ الإعلان.

2) رغم اصدار القاضي في 11 أبريل حكما بالإفراج عن 5 من البهائيين المعتقلين (لم ينفذ حتى الآن)، إلا أنه قام بتحديد جلسة قادمة للاستمرار في محاكمة البهائيين بسبب معتقدهم.

مظاهرات بهائية في صنعاء

3) رغم أن الإعلان تضمن بكل وضوح العفو غير المشروط والإفراج عن كل السجناء البهائيين، إلا أن المحكمة اشترطت ضمانات تجارية حضورية نظير خروجهم من السجن، وهو ما يعني بأن النيابة يحاول الالتفاف على قرار العفو والافراج وإبقاء القضية مفتوحة.

4) رغم أن المطالبة بضمانات حضورية مخالفة لقرار الإفراج والعفو غير المشروط، إلا أن أهالي المعتقلين قاموا مكرهين بتقديم الضمانات المطلوبة حرصا منهم على سلامة ذويهم وخوفا من انتشار فيروس كورونا في السجون، ومع ذلك قام جهاز الأمن والمخابرات برفض الافراج عنهم.

5) أما بالنسبة الى حامد بن حيدرة فقد تدخل النائب العام وسحب ملف قضيته من المحكمة الجزائية المتخصصة ورفض إطلاق سراحه.

6) مازال المعتقلون البهائيون يعانون من ذات الظروف السيئة داخل السجون الحوثية، ولم تتخذ الجهات المسؤولة أي خطوات تُظهر وجود نيّة للإفراج عنهم. فهم جميعا في ظروف تشكل خطورة شديدة ومباشرة على حياتهم وصحتهم بسبب انتشار فيروس كورونا، دون أدنى مراعات للأمراض والظروف الصحية المتدهورة التي يعاني منها العديد منهم إما بسبب كبر السن او ما تعرض له البعض من تعذيب وسوء معاملة في فترات سابقة.

اضطهاد منهجي
وأكد المتحدث الرسمي للمبادرة اليمنية بأن البهائيين أكثر أقلية دينية تتعرض لاضطهاد منهجي مستمر منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء. فحامد بن حيدرة يعتبر اليوم أقدم سجين معتقد في صنعاء؛ وهذا الاضطهاد المنهجي لا يمارس فقط ضد المعتقلين منهم فحسب، بل يستهدف بصورة مباشرة العشرات والعشرات من الرجال والنساء، بمن فيهم كبار السن والقصّر، بل ويؤثر على حياة كافة البهائيين في البلاد والذين تقدر المنظمات عددهم ببضعة آلاف، ويضيق عليهم سلب العيش ويحرض عليهم المجتمع.

يشار إلى أن السلطات الحوثية قامت بإنكار وجود بهائيين في اليمن، كما جاء في تقرير خبراء الأمم المتحدة لعام 2019. وهي اليوم تحاول إظهار ما يتعرض له البهائيون من اضطهاد على أنه مجرد احداث فردية متفقرة والتقليل من أهميتها.

وتخشى المنظمات الحقوقية أن يكون إعلان رئيس المجلس السياسي مجرد محاولة أخرى لإيهام المجتمع الدولي والرأي العام بأن قضية البهائيين قضية على وشك الانتهاء بينما الاضطهاد مستمر.

وما يزيد من هذا الاحتمال هو قيام عدد من الشخصيات الحوثية وبطريقة متزامنة وبتنسيق لافت للانتباه بنشر معلومات كاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مفادها بأنه تم بالفعل الإفراج عن البهائيين وإنهاء القضية، ما يخالف الواقع تماما.

تاريخ
يذكر أن تاريخ وجود البهائية في اليمن يعود إلى عام 1260 هجرية (الموافق 1844م) حين كانت السفينة التي حملت السيد علي محمد الشيرازي المعروف بلقب (الباب) رست في ميناء مدينة المخا في طريقه إلى الحج في مكة المكرمة وكذلك في طريق عودته إلى وطنه.

وشهدت العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر مرور أعداد متزايدة من البهائيين الأوائل خلال اليمن في طريقهم إلى شمال البحر الأحمر وفلسطين بعد قرار الدولة العثمانية بنفي وحبس بهاء الله مؤسس الدين البهائي في مدينة عكا في فلسطين عام 1868.

ونتيجة الاحتكاك والتواصل بين الزوار البهائيين وسكان مدينة المخا وباب المندب وغيرهم، آمن بعض أبناء اليمن بالديانة الجديدة ونمت الجالية البهائية اليمنية شيئا فشيئا ولو بأعداد قليلة.

وفي الوقت الحاضر يتواجد البهائيون في العديد من المدن والقرى اليمنية كعدن والمكلا وصنعاء وتعز والحديدة وإب وسقطرى ولحج وغيرها، وأصبح البهائيون اليوم أحد المكونات الأصيلة في المجتمع اليمن.