تحذر الشرطة في مناطق مختلفة من العالم من أن المجرمين والأشخاص الذين يتحرشون جنسيا بالأطفال يستغلون الإغلاق العام لاستهداف الصغار.

وتكشف البيانات التي جمعتها بي بي سي أن الصور المتعلقة بالتحرش بالأطفال قد تزايدت. وأوضحت التقارير أن الإقبال على الصور الخليعة التي تخص الأطفال قد تضاعف على الصعيد العالمي بحيث ارتفع الرقم إلى أكثر من أربع ملايين صورة ما بين مارس/آذار وأبريل/نيسان.

وقال مركز "الأطفال المفقودين والمُستَغلين" الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له إن بعض الزيادة لها صلة بمقطع فيديو فظيع انتشر على نطاق واسع.

وفي المملكة المتحدة حيث يشكل 300 ألف شخص تهديدا بالنسبة إلى الأطفال، تم رصد نحو تسعة ملايين محاولة في الشهر الماضي للوصول إلى مواقع مختصة في الاستغلال الجنسي للأطفال، والتي كانت سابقا محظورة من قبل مؤسسة مراقبة الإنترنت.

وتقول الجمعية الخيرية المتخصصة في مناهضة الإساءة إلى الأطفال، والتي ترفع تقاريرها إلى مزودي خدمة الإنترنت، إنه منذ بدء تطبيق الإغلاق العام، لوحظ انخفاض بنسبة 89 في المئة في إلغاء المواقع المسيئة من قبل شركات التكنولوجيا.

وتعتقد أن هذا الأمر يُعزى إلى أن الكثير من هذه الشركات تعاني من قلة الموظفين العاملين في مراكز المعلومات (الخطوط الساخنة) بسبب تفشي فيروس كورونا.

وتقول الشرطة الإسبانية الوطنية إن التقارير المتعلقة بالمقاطع الجنسية التي تستهدف الأطفال قفزت إلى أكثر من 20 في المئة منذ بدء الإغلاق العام يوم 13 مارس/آذار.

وكشف نظراؤهم الدنماركيون أن عدد محاولات الدخول إلى مواقع التحرش بالأطفال تضاعف ثلاث مرات.

وفي ظل إغلاق معظم المدارس، يقضي الأطفال وقتا أطول على الإنترنت. ويقول الخبراء إن هذا الوضع يشكل خطرا أكبر على الأطفال؛ إذ يتم استدراجهم ليكونوا ضحايا للتحرش الجنسي.

وقال كاثال ديلاني من وكالة تطبيق القانون الأوروبية "يوروبول" لبي بي سي: "الأطفال أكثر تعرضا للمخاطر، إنهم يعانون من العزلة، لا يتم الإشراف عليهم في شبكات الإنترنت ويقضون أوقاتا أطول اليوم مقارنة بالوضع السابق".

تزايد المواقع السوداء

وأضاف "تهيئ هذه الأوضاع الظروف المواتية حتى يتم التقرب من الأطفال باستخدام مختلف الأساليب أو إجبارهم على ذلك أو استغلالهم".

زاد الطلب أيضا على الصور الجنسية للأطفال في أستراليا، حيث تقول الشرطة إن نسبة تنزيل هذه الصور قفز إلى 86 في المئة خلال الأسابيع الثلاثة التي أعقبت الإغلاق العام في 21 مارس/آذار.

وقالت المفوضة، بولا هادسون من الشرطة الفيدرالية الأسترالية، إن العديد من المتحرشين بالأطفال ينظرون إلى الوباء على أنه يتيح فرصة مثالية لاستهداف الصغار.

وأضافت هادسون "حددنا في المواقع السوداء في شبكة الإنتر نت، فعليا، منتديات لاستغلال الأطفال تحت مسمى كوفيد-19".

ومضت قائلة "أحد المواقع الخاصة التي نرصدها ازداد عدد أعضائه بأكثر من 1000 عضو. إنهم يناقشون فعليا الفرصة التي أتاحها كوفيد-19 للعثور على عدد أكبرمن الضحايا الصغار".

وتابعت "نسبة زوار الإنترنت كبيرة جدا بحيث نجد أن أنظمة الإنترنت تنهار".

التحرش في العالم الحقيقي

تُنْتَج الكثير من مقاطع الفيديو المسيئة، التي طلبها الأشخاص الذين يستغلون الأطفال جنسيا، في الفلبين حيث يتم الاتجار في الصغار على يد الشبكات الجنسية المتخصصة.

ويتعرض الأطفال الذين تحتجزهم العصابات إلى عنف مروع أمام الكاميرات، ويتم بث تلك الاعتداءات مباشرة لصالح الزبائن الذين يدفعون في البلدان الغربية، بما في ذلك المملكة المتحدة.

ويقول مسؤولون في الفلبين إن التقارير المتعلقة بمواد الإساءة الجنسية للأطفال ارتفعت من نحو 59 ألف مادة في فبراير/شباط إلى 10 آلاف في مارس/آذار، أي الشهر الذي بدأ فيه الإغلاق العام في البلد.

وتقول "بعثة العدالة الدولية" وهي منظمة عالمية تنشط في الفلبين إن نصف الأطفال الذين تم إنقاذهم من العصابات المسيئة لهم تتراوح أعمارهم ما بين 12 عاما أو أقل - مضيفة أنها تعاملت مع ضحيتين كانا رضيعين يقل عمرهما عن ثلاثة أشهر.

واعترضت شرطة البلد في وقت سابق من الشهر إحدى العصابات ونقلت ثلاثة أطفال إلى دار للعناية بهم، وكان عمر أصغرهم لا يتجاوز ستة سنوات.

وشكك مخبرون في أن هؤلاء الأطفال ربما أجبروا على المشاركة في فيديوهات مباشرة مسيئة لهم.

وأُلقي القبض على امرأة تبلغ من العمر 34 عاما، خلال العملية الأمنية، ويقال إنها أم لطفلين تعرضا للإساءة. وهذا ينسجم مع الأبحاث التي أجرتها "بعثة العدالة الدولية" والتي خلصت إلى أن ثلثي حالات الإساءة إلى الأطفال إما آباء أو أقارب للضحايا.

وواجه أحد المسيئين للأطفال في الفلبين حكما بالسجن المؤبد - وبعض المشرعين يقترحون تغيير القوانين بهدف اعتماد عقوبة الإعدام.

نصائح للآباء، ومقدمي العناية، والأطفال

  • استحدثت الوكالة الوطنية للجريمة في المملكة المتحدة موقع 'ThinkuKnow'" .
  • يقدم نصائح للآباء وآخرين يعملون مع الأطفال بشأن كيفية توفير الحماية المثلى لهم في الإنترنت
  • ويشمل الموقع نصائح مكتوبة للأطفال ذاتهم
  • حقق الموقع أكثر من 250 ألف زيارة منذ بدء تفشي الوباء
  • وتعرض بي بي سي أيضا تطبيق "أونت" للشباب الصغار وهو دليل للبقاء في أمان على الإنترنت

لكن إميلين فيلار، وكيلة وزارة العدل، حذرت البالغين من أنهم يتعرضون لإغراءات في الإنترنت متعلقة بمحتوى التحرش الجنسي بالأطفال لأنه يصعب إيجاد فرص عمل للكبار بسبب الضربات التي تلقاها الاقتصاد جراء الوباء.

وقالت "إن هذا الوضع يثير قلقا بالغا لنا. وخصوصا، نحن نعلم أن هذه العوامل موجودة حاليا، بسبب الإغلاق العام، تساهم في الوضع الذي من شأنه زيادة الطلب والعرض".

ويتمثل الأمل في تخفيف الإغلاق العام في بلدان مختلفة في العالم مع إعادة افتتاح المدارس، لأن من شأن ذلك تقليص المخاطر التي تواجه الأطفال.

لكن بالنسبة إلى ضحايا التحرش الجنسي من الأطفال، فإن طريق التعافي يمكن أن يكون طويلا ومؤلما.

وعلى مدى شهرين، تعرضت روبي من الفلبين للاستغلال الجنسي بصورة مستمرة ولنشر ذلك عبر بث حي كان موجها لرجال غربيين، قبل أن يتم إنقاذها في نهاية المطاف على يد الشرطة.

وقالت "يشبه الأمر أن تكون عالقا في غرفة مظلمة بدون أشعة ضوء على الإطلاق. ليس هناك جدوى من العيش على الإطلاق. جعلوا حياتي بائسة لعدة سنوات. كم حجم المعاناة التي سأتعرض لها جراء الأضرار التي تسببوا لي فيها؟"