"إن الإيمان يمثل جزءا أساسيا من هويتي. ودون هذا الإيمان، أعتقد بأن التفاعل مع فترة الإغلاق والعزلة عن المجتمع كان ليصبح أكثر صعوبة بكثير".

كان الاضطرار لتغيير أنماط حياتنا نتيجة إستشراء فيروس كورونا أمرا عسيرا بالنسبة للكثيرين.

فبالنسبة لبعض الناس، من أمثال فيليب بالدوين، لعبت الصلوات دورا كبيرا في تمكنهم من تحمل ثلاثة أشهر من الإغلاق.

وقال فيليب البالغ من العمر 29 عاما لبرنامج نيوزبيت الذي تبثه إذاعة بي بي سي الأولى "ترك (الإغلاق) فراغا كبيرا تمكن الإيمان الديني من ملئه إلى حد ما حتى دون الضرورة إلى التوجه إلى الكنائس".

يذكر أن بيوت العبادة قد أعيد فتحها بموجب تعليمات الحكومة البريطانية ولكن للصلوات الشخصية فقط، وذلك بعد أشهر من الإغلاق.

ويضيف فيليب "أن الاتصال المباشر بالرب يمنحك الأمل".

"شعور بالمواطنة والانتماء"

فيليب من الناشطين في الحركات المنادية بحقوق المثليين والمتحولين جنسيا، وكان "للإغلاق المفاجئ" أثر كبير على حياته، فقد أجبره الإغلاق على التحول من حياة اجتماعية نشطة إلى الاعتزال في منزله.

ويقول "ليس لدي رفيق وأعيش بمفردي، وهذا أمر صعب".

كما يقول إن فترة الإغلاق كانت "تتسم بالقلق" خصوصا وأن أماكن العبادة الجماعية أغلقت خلالها.

ولكنها وفرت له فرصة لتعزيز صلواته الشخصية التي ساعدته في التغلب على وحدته في تلك الأيام.

ويقول "خلقت مكانا مقدسا في بيتي للصلاة والتأمل فيه، فيه بعض المواد القليلة كالكتاب المقدس والشموع لتذكر عيسى المسيح والتفكر في تعاليمه".

ولكن رغم افتقاده للاتصال الشخصي بالمؤمنين الآخرين في كنيسته، يمتدح كنيسته – العائدة للكنيسة الأنجليكانية في إنجلترا – للجهود التي بذلتها لتعزيز التواصل بين أتباعها بشكل افتراضي.

ويقول "كنا نستلم ورقة صلاة كل أسبوع تمكننا من أداء الصلوات في نفس الوقت كل يوم أحد. كنا نصلي لأتباع معينين كل مرة بحيث لا يشعر أي منهم بأنه مهمل".

لم يلتق فيليب أثناء فترة الإغلاق إلا بجيرانه، ولكن ذلك ساعد في "الاحتفاظ بشعور بالتعاضد الاجتماعي" لا يعتقد أنه كان ليشعر به ما لم يكون موجودا.

"قوة عليا كانت تعتني بي"

قالت أدريسا براشير البالغة من العمر 17 عاما إن معتقدها الهندوسي جعلها أكثر هدوءا مما كانت تتوقع.

وقالت "أعرف أن الوباء لم يزل بعد، ولكني أشعر أن ثمة قوة عليا تعتني بي وهذا أمر مطمئن".

وعلى خلاف فيليب، لم تكن أدريسا متدينة قبل نشوب أزمة كورونا، التي تقول إنها سببت لها قلقا كبيرا.

ولكن بفضل الوقت الذي توفر لها نتيجة الإغلاق، وجدت فرصة للبحث في المعتقدات الهندوسية بشكل أعمق، وهو أمر تقول إنه كان مهما "لتطوير شخصيتها".

وكانت أدريسا قبل اندلاع أزمة كورونا تمارس الألعاب الرياضية مع أقرانها بعد فراغها من واجباتها المدرسية، ولكنها الآن "تقرأ المخطوطات القديمة المتعلقة بالهندوسية". وتقول إن ذلك جلب لها "الهدوء الذي ساعدها" في دراستها لنيل شهادة الدراسة الثانوية وعزز من ثقتها بنفسها.

وتقول "إن معرفة أن قوة ما تعتني بي وترعاني قللت من مخاوفي وقلقي وجعلتني أؤمن بأني قادرة على تحقيق أي هدف في المستقبل إذا سعيت إلى ذلك". وهذه هي نفس المشاعر التي عبرت عنها شاران كاور سينغ البالغة من العمر 24 عاما.

وتقول سينغ إنها لم تتمكن من التعامل مع الأزمة إلا بعد أن قرأت واطلعت على المزيد من تاريخ السيخ.

وتقول "التحديات والصراعات تحصل منذ قرون، ولكن الدين يعلمك بأن الرب لديه خطة مما يساعدنا على تقبل الواقع".

وتقول شاران إن هذا الإيمان يجعلها "أكثر عافية وأقل شعورا بالإحباط".

"كان مفيدا جدا لصحتي العقلية"

كان التعامل مع الصحة العقلية تحديا كبيرا بالنسبة لكثيرين في هذه الأزمة، ولكن بالنسبة لقاسم بشير وهانا رادلي كان للإيمان دور كبيرفي التعامل مع هذه المشكلة.

كان قاسم البالغ من العمر 24 عاما يعاني من القلق في الماضي، وتسبب الإغلاق في "عودة تلك الذكريات إلى السطح في بعض الأحيان".

ويقول إن عقيدته الإسلامية ساعدته في التغلب على المصاعب في الماضي، وهي تساعده في التعامل مع الأزمة الراهنة.

ويقول "عندما أشعر بالكآبة، أتوجه إلى الله فأشعر بالطمأنينة. أؤدي الصلوات وأقرأ القرآن وأمارس شعائر الدين".

ويقول "أشعر بأن الله يقف إلى جانبي ويعينني في تجاوز المواقف الصعبة".

أما هانا البالغة من العمر 23 عاما، فتقول إن معتقدها اليهودي كان له دور عملي في تعزيز صحتها العقلية.

بعد حصولها على شهادة الماجستير، لم تفلح هانا في الحصول على وظيفة، ولذا فهي تقيم الآن مع والديها وهو أمر تقول "إنه عظيم ولكنه مليء بالضغوط".

وتقول "إيماني يعطيني وجهة نظر أخرى للحياة، واكتشاف هذا الجانب الآخر يمنحني قوة".

وتشير هانا إلى أن يوم "الشابات" (يوم السبت المقدس عند اليهود، والذي يحظر عليهم فيه أداء أي عمل عدا التفرغ للعبادات) بوصفه يوما يسمح لها بإعادة حساباتها.

وتقول "رغم أننا نعيش في الوقت الراهن في زمن غريب، ما زلت أستطيع أن أتبع هذا الجزء من إيماني في البيت". "أشعر بوجود أمل"

ومن الطبيعي أن يشعر المرء بالإحباط في هذا الوقت الزاخر بالمآسي والحزن.

ولكن بالنسبة لفيليب، فإن اتصاله المتعزز بإيمانه كان عاملا إيجابيا، وجعله "أكثر راحة وتقبلا" لهويته.

ويقول "كرجل مسيحي مثلي، لا أشعر بأي خجل لكوني من المثليين ومسيحيا في ذات الوقت، ولا أرى أي تناقض بين الحالتين".

وعلّم الإيمان شاران بأن أوقاتا سعيدة قد تعقب التحديات الشرسة.

وتقول "منذ سنوات، تمكن الناس من تجاوز المواقف الصعبة دون أن تكون لديهم تلفزيونات أو وسائل لهو أخرى. كان صراعا مريرا".

"ولكن النتيجة كانت أنهم خرجوا من هذه المحن أصلب عودا".

أما هانا، فتعترف بأن آمالها المهنية تبدو قاتمة في الوقت الراهن.

إلا أنها تضيف "الأمور قد تكون أسوأ، والصلوات ساعدتني في التغلب على المواقف الصعبة في الماضي".

وقالت "بسبب ثقتي بمعتقداتي الدينية، أعتقد أن الأمور ستتحسن في نهاية المطاف لي وللعالم أجمع".