تسجّل دمشق ومحيطها ازديادًا ملحوظًا في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، ويتحدّث أطباء عن وضع "مخيف" في مستشفيات تغصّ بالمصابين، وتقدّم صفحات عبر الانترنت آلاف الاستشارات الطبية.

لبنان: سجّلت وزارة الصحة السورية حتى الآن 999 إصابة بكورونا، بينها 48 وفاة، هي الأرقام التي "أُثبتت نتيجة فحصها المخبري". وأفادت قبل أيام عن "حالات عرضية لا تملك الإمكانيات (..) لإجراء مسحات عامة في المحافظات".

نشر أطباء وناشطون وإعلاميون في الأيام الأخيرة تعليقات عبر الانترنت تحذّر من ازدياد ملحوظ في أعداد الإصابات والوفيات، في وقت تظهر احصاءات وزارة الصحة تضاعف عدد الإصابات خلال قرابة شهر.

انتشار أفقي
ووصف الدكتور نبوغ العوا، عميد كلية الطب البشري في جامعة دمشق، نسبة الإصابات بـ"المخيفة جدًا". وقال في حديث لصفحة طبية متخصصة على فيسبوك، إن "العديد من المواطنين يراجعون المشافي الحكومية ولكن للأسف كل الغرف ممتلئة والمريض ذو الحالة السيئة لا يستطيع الدخول للعناية إلا في حالة وفاة مريض آخر".

وحذّرت وزارة الصحة من زيادة حصيلة المصابين في ظل "انتشار أفقي للوباء بين المدن" ما قد يُنذر بتفشي أوسع إذا ما لم يتم الالتزام بالإجراءات الوقائية. ويوجد في سوريا وفق الوزارة 25 ألف سرير.

واستنزفت تسع سنوات من الحرب المنظومة الصحية في أنحاء سوريا، مع دمار المستشفيات ونقص الكوادر الطبية، وجاء تفشي الوباء ليفاقم الوضع سوءًا.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان نهاية شهر يونيو أنها "تشعر بالقلق إزاء انتشار كورونا في البلدان التي مزقتها الحروب، على غرار سوريا واليمن وليبيا".

أكثر كثيرًا
ويتحدّث طبيب في أحد مشافي دمشق، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن عدد المرضى بات يتخطى قدرة المشافي الحكومية. ويقول عبر الهاتف من بيروت: "الأرقام الحقيقية أكثر كثيرًا من الأرقام الرسمية، وما يتمّ الإعلان عنه يشمل الحالات التي يُجرى لها اختبار بعد قبولهم في المشافي". ويضيف: "ينتظر المصابون في ممرات المشافي التي استنفدت قدراتها الاستيعابية.. ولا تتوقف سيارات الاسعاف عن العمل".

ومع ازدياد الإصابات، أعادت السلطات إغلاق الفعاليات الرياضية والأندية والصالات والمدارس الصيفية في دمشق حتى إشعار آخر. واعلن الاتحاد الرياضي العام إصابة سبعة من كوادر المنتخب السوري لكرة القدم، وإصابة عدد من الأطباء والممرضين.

صعوبات وعقوبات
كما أعلنت نقابة المحامين التوقف عن العمل حتى 10 سبتمبر "نظرًا للظروف الصحية وحرصًا على سلامة الزملاء". وأقر نزار يازجي، وزير الصحة السوري، بوجود "صعوبات كبيرة في تأمين المنافس نتيجة العقوبات المفروضة" على بلاده منذ سنوات وآخرها العقوبات الأميركية.

وقال في مؤتمر صحافي عقده الشهر الماضي: "يُمنع على أي وكيل أن يتعامل مع سوريا، وممنوع تحويل المبالغ من خلال المصرف المركزي إلى خارج البلاد لاستيراد الدواء (...) والتجهيزات الطبية". وأرسلت منظمة الصحة العالمية ودول عدة بينها روسيا والصين مساعدات طبية إلى سوريا.

إسعاف افتراضي
بدلًا من التوجّه إلى المستشفيات المكتظة، يفضّل كثيرون متابعة صفحات طبية متخصصة على مواقع التواصل الاجتماعي، تقدم استشارات طبية مجانية، خصوصًا في ما يتعلق بفيروس كورونا المستجد، بينها مجموعة "صحتك نعمة"، و"منصة الصحة السورية" و"عقّمها".

وتحوّلت صفحة "سماعة حكيم" التي يتابعها أكثر من 150 ألف شخص إلى مرجع صحي للسوريين، مع ارتفاع نسبة الإصابات واكتظاظ المشافي الحكومية. ويعمل فريق عملها المؤلف من نحو مئتي طبيب وصيدلي من مختلف الاختصاصات بلا توقّف.

ويقول مؤسس الصفحة الدكتور حسين نجار: "بعد الانتشار الكبير لكورونا، استنفرنا كل طاقاتنا من أجل الإجابة على جميع الأسئلة، ونسعى لمساعدة الناس بشكل طوعي، وتقديم النصائح الطبية الملائمة لكل حالة".

ويؤكد نجار (37 سنة) أن عدد الاستشارات والأسئلة اليومي يتجاوز 300 استشارة، سواء على بريد الصفحة أو ضمن التعليقات أو ضمن تطبيق عبر الهاتف، ليشكل صلة وصل بين المصابين والأطباء "عن بُعد".

في كل مكان
خلال الحرب، اعتادت الصفحة التي تأسست في عام 2017 على تلقي أسئلة حول قذائف الهاون والانفجارات، أما اليوم فيتصدر فيروس كورونا المستجد الاستفسارات كافة. ويقول نجار: "مهمتنا الآن أصعب، لأن الفيروس موجود في كل مكان وليس في الجبهات فحسب".

وبعدما كان الهدف من إنشاء الصفحة أن تكون "صوتًا للطبيب السوري"، تحوّلت إلى "غرفة إسعاف افتراضية" بحسب ما يصف مؤسسها. ويضيف: "الفيروس قوي على الضعفاء، لذا لا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي، سنبذل قصارى جهدنا.. لن نستسلم".