في 27 أغسطس/ آب عام 1896، اندلعت الحرب بين بريطانيا وسلطنة زنجبار في شرق أفريقيا، والتي كانت تحكمها أسرة البوسعيد العربية العمانية وانتهت بعد 40 دقيقة فقط لتصبح أقصر حرب في التاريخ.
وتقول دائرة المعارف البريطانية إنه بعد وفاة السلطان السابق، رفض الأمير الزنجباري خالد بن برغش قبول خليفة تفضله الإمبراطورية البريطانية، فأعلن نفسه سلطانا على الجزيرة واحتل قصر السلطان، مما دفع الطرادات الإمبراطورية إلى إطلاق النار على موقعه.
أصل الحكاية
في أواخر القرن التاسع عشر، وسعت بريطانيا نفوذها ليشمل شرق إفريقيا بشكل عام وزنجبار بشكل خاص.
وفي حين قام السلطان سعيد بن سلطان بتوسيع ممتلكات زنجبار الإقليمية مما أدى إلى ارتفاع أهميتها التجارية العالمية في النصف الأول من القرن، اضطر خلفه برغش إلى الانحناء للقوى الأوروبية وتقسيم الأرض بين البريطانيين والألمان، وسار السلاطين اللاحقون على نهجه.
وبحلول عام 1890، أقنعت بريطانيا السلطنة بالتخلي عن أراضيها في البر الرئيسي لألمانيا مع السماح للجزيرة نفسها بأن تصبح محمية تابعة للإمبراطورية البريطانية.
ووافقت بريطانيا على الحفاظ على السلطنة كمؤسسة، لكنها شددت على أن قوة السلطان اسمية فقط.
أهداف بريطانيا
وعندما أصبحت زنجبار محمية بريطانية، حددت بريطانيا هدفين رئيسيين للسياسة وهما الأول: إلغاء العبودية، والثاني: استعادة الاقتصاد التجاري للجزيرة لعافيته.
وقد أثارت السياسة الاقتصادية للقنصل العام غيرالد بورتال غضب التجار الزنجباريين، ولكن ما أغضبهم أكثر هو السياسة المتعلقة بالعبودية التي كانت جزءا لا يتجزأ من أسلوب حياتهم حيث ارتفعت قيمة مزارع التوابل طوال القرن التاسع عشر.
وقاوم السلطان علي بن سعيد توجيهات بريطانيا حتى وفاته عام 1893، وعندما حان الوقت لاختيار خليفته أرادت بريطانيا أن يكون السلطان القادم أكثر خضوعا لسلطاتها وتوجيهاتها.
المطالبة بالعرش
ومن بين العديد من المطالبين بالعرش دعم البريطانيون حمد بن ثورين. إلا أن الأمير خالد بن برغش تحدى ذلك واحتل قصر السلطنة.
وبرر خالد بن برغيش مطالبته بالعرش باعتبار أنه الابن الوحيد للراحل برغش وأنه تم تجاهله بعد وفاة والده، على الرغم من أن قوانين وراثة العرش هناك لم تجعل لقب السلطان وراثيا.
حكاية أميرة عربية وقعت في حب شاب أوروبي وهربت من أجله
تعرف على الأرخبيل الأفريقي الذي اعتقل فيه 20 شخصا بتهمة المثلية وكان تابعا لسلطنة عمان
وقد تمكنت السلطات البريطانية من إقناع خالد بالتنحي، مما جعل حمد بن ثورين السلطان بلا منازع.
وعلى الرغم من رضوخ السلطان حمد في البداية، إلا أنه بحلول عام 1896 كان قد زاد امتعاضه من البريطانيين، وذهب إلى حد إنشاء قوة عسكرية قوامها ألف رجل موالية له فقط.
تجدد الصراع على العرش
وتوفي حمد بن ثورين في 25 أغسطس/آب من ذلك العام، مما أثار صراعا آخر على العرش. وأراد الدبلوماسي البريطاني رفيع المستوى آرثر هاردينغ أن يتولى حمود بن محمد العرش معتقدا أنه سيكون سلطانا مرنا ولن يعارض التوجه البريطاني الساعي لإلغاء العبودية.
ونقل هارينغ وجهة نظره لنائبه باسل كيف، لكن خالدا الذي تم تجاوزه بعد وفاة كل من برغش وعلي لم يكن مستعدا للتعرض للاستهانة بمكانته للمرة الثالثة، فأعلن نفسه سلطانا على زنجبار واستولى على القصر.
المعركة
وعلى عكس محاولته الأولى للاستيلاء على العرش، أحاط خالد هذه المرة القصر بحوالي 3 آلاف من جنود السلطان وأنصاره، وكانوا مدعومين ببطارية مدفعية صغيرة واليخت الملكي المسلح غلاسغو، الذي كان ينتظر في المرفأ القريب.
وردا على ذلك، جمع باسل كيف قوة من 400 من الموالين من الزنجيباريين وفرقة من مشاة البحرية البريطانية. وتقدر بعض المصادر حجم قوة الموالين من الزنجباريين بحوالي 900 مقاتل. كما كانت هناك 5 سفن قوية تابعة للبحرية الملكية في الميناء.
ومن جهته، أرسل الأدميرال البريطاني هاري روسون إنذارا لخالد يمهله فيه حتى التاسعة من صباح يوم 27 أغسطس/ آب للانسحاب من القصر والاستلام هو وقواته. لكن خالدا رفض الإنذار اعتقادا منه أن البريطانيين لن ينفذوا تهديدهم.
ومع انتهاء المهلة في تمام الساعة 9 صباحا أصدر روسون أوامره للسفن الحربية إتش ام إس روكون وإتش ام اس فيلوميل وثروش وسبارو وسان جورج بفتح النار على القصر الذي سرعان ما اشتعلت فيه النيران.
وعلى الرغم من أن اليخت غلاسغو أطلق النار ردا على القصف البريطاني، إلا أنه سرعان ما تم إخماد نيرانه.
وبعد 40 دقيقة توقف البريطانيون عن إطلاق النار بعد أن أسقط القصف البريطاني 500 من جنود خالد بن برغش بين قتيل وجريح، فيما أصيب بحار بريطاني واحد فقط بجروح خطيرة.
وقد سيطر المشاة البريطانيون والزنجباريون الموالون لهم على الجزيرة، فيما استسلمت قوات السلطان خالد بن برغش الذي هرب من القصر ولجأ إلى القنصلية الألمانية.
بعد المعركة
وبحلول عصر ذلك اليوم نفسه، عُين حمود بن محمد سلطانا على زنجبار.
ووافق السلطان حمود على الفور على جميع الشروط البريطانية، وقبل المطالب البريطانية المتعلقة بإلغاء العبودية.
وسمح الألمان لخالد بن برغش بالعيش في المنفى في البر الرئيسي في دار السلام، حيث مكث حتى أن اعتقله البريطانيون خلال الحرب العالمية الأولى. وتوفي خالد في مومباسا عام 1927.
ولم تحدث ثورات أخرى في الجزيرة حتى أنهت بريطانيا وضعها كمحمية في عام 1963.
أقصر الحروب
وإذا كنت الحرب بين بريطانيا وزنجبار هي الأقصر إلا أن التاريخ يحدثنا عن حروب أخرى قصيرة، وإن كانت أطول قليلا من تلك الحرب بين بريطانيا وسلطنة زنجبار وهي:
- حرب كرة القدم في عام 1969
بين السلفادور وهندوراس واستمرت لمدة 100 ساعة. وقد أثارتها أعمال شغب خلال مباراة فاصلة في كأس العالم 1970 (فازت السلفادور 3-2 بعد الوقت الإضافي).
- حرب عام 1967
بين إسرائيل من جانب، ومصر والأردن وسوريا والعراق من جانب آخر، واستمرت لمدة 6 أيام، وانتهت باحتلال القوات الإسرائيلية لشبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية والضفة الغربية وقطاع غزة.
- الحرب الروسية الجورجية في عام 2008
استمرت تلك الحرب 6 أيام من 7 إلى 12 أغسطس/ آب. وانتهت بانتصار روسيا وسيطرتها على أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.
- حرب الاستقلال السلوفينية في عام 1991
استمرت 10 أيام من 27 يونيو/حزيران إلى 7 يوليو/تموز بعد إعلان سلوفينيا استقلالها عن يوغوسلافيا، وانتهت بتوقيع اتفاقية بريوني.
- حرب الكلب الضال في عام 1925
استمرت 11 يوما بين اليونان وبلغاريا من 19 إلى 29 أكتوبر / تشرين الأول، وتعرف بحادثة بيتريتش، وتقول بعض الروايات إن النزاع اندلع عندما أطلق حرس الحدود البلغاريون النار وقتلوا جنديا يونانيا ركض وراء كلبه. وقد انسحب اليونانيون ودفعوا تعويضات لبلغاريا بقرار من عصبة الأمم.
- الحرب الهندية الباكستانية في عام 1971
استمرت 13 يوما، وتعد هذه الحرب من تداعيات من انفصال بنغلاديش عن باكستان.
- الحرب الصربية البلغارية في عام 1885
استمرت 14 يوما حيث عارضت مملكة صربيا توحيد بلغاريا لكنها هزمت.
- الحرب الجورجية الأرمنية في عام 1918
أدى النزاع الحدودي بعد الانسحاب العثماني في نهاية الحرب العالمية الأولى إلى 24 يوما من الحرب، وانتهت بوقف إطلاق النار وتشكيل إدارة مشتركة.
التعليقات